انطلقت اليوم في محافظة جدة، أعمال الاجتماع العام السنوي الأول للشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا–أرين)، الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية ممثلةً في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا فاتف)، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية وشبكات استرداد الأصول النظيرة. وفي هذا السياق، استهلت أعمال اليوم الأول بكلمةٍ لمعالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأستاذ مازن بن إبراهيم الكهموس، الذي رحّب بالمشاركين من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية، مؤكدًا أن المملكة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء –حفظهما الله– تواصل التزامها الراسخ بدعم الجهود الدولية لمكافحة الفساد واسترداد الأصول غير المشروعة، تنفيذًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030. وقال معاليه في كلمته: إن اجتماعنا هذا يعكس التزامنا المشترك بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة الجرائم المالية، ويؤكد أهمية تكامل الجهود في التصدي للتحديات المشتركة، حيث جاء تأسيس شبكة مينا-أرين استجابة عملية لهذا التوجه المشترك، بدعم الدول الأعضاء في مينا فاتف على إنشائها كونها خطوة رائدة على المستوى الإقليمي. وأوضح معاليه أن الاجتماع يأتي تتويجًا لقرار الاجتماع العام التاسع والثلاثين لمجموعة العمل المالي (مينا فاتف) المنعقد بالرياض في نوفمبر 2024م، الذي رحّب بإنشاء الشبكة وبارك استضافة المملكة لأمانتها العامة وتنظيم اجتماعها التأسيسي، كما رحّب باستضافة دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر لاجتماعي الشبكة القادمين في عامي 2026 و2027. وفي سياقٍ متصل، أعربت معالي المدير التنفيذي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، المدير العام لمكتب الأممالمتحدة في فيينا الأستاذة غادة والي في كلمتها، عن تقديرها الكبير للدور الريادي الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في دعم الجهود الدولية لمكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية، مشيرة إلى أن استضافة المملكة لأمانة الشبكة الدائمة تعد امتدادًا طبيعيًا لمسيرتها الحافلة في تعزيز النزاهة على المستويين الوطني والدولي. وقالت معاليها: كما نتطلع لدعم مشاركة الشبكة الجديدة في المحافل الدولية الأساسية، وعلى رأسها مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الذي يعد المحفل الأممي الرئيسي في هذا المجال، بالإضافة إلى فِرَق العمل الخاصة بالاتفاقية، وغيرها من الفعاليات التي ينظمها مكتبنا. من جانبها، أكدت ممثلة أمانة شبكة كامدن المشتركة بين الوكالات لاسترداد الأصول (كارين) أندريا تيرليا، أن ميلاد شبكة مينا-أرين يمثل لحظة فخر وإنجاز لمجتمع استرداد الأصول العالمي، مشيدةً بجهود المملكة في جعل هذه المبادرة واقعًا ملموسًا. وقالت تيرليا: بالأمس القريب، خلال الاجتماع العام لشبكة كارين (CARIN) في نوفمبر 2024م، وقفت أمام زملائي لأعلن بفخر عن تأسيس شبكة مينا -أرين، ومنذ ذلك الحين شهدنا جهودًا كبيرة والتزامًا واضحًا من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي عملت بإصرار على تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس. وفي الإطار ذاته، أشارت رئيس مجموعة العمل المالي (مينا فاتف) سامية أبو شريف، في كلمتها، إلى أن إنشاء الشبكة يجسد التزامًا جماعيًا بين دول المنطقة بمكافحة الجرائم المالية، مشيدةً بالدور المحوري للمملكة ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دعم هذه المبادرة. وأضافت: إننا في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لنعرب عن شكرنا للهيئة على هذه المبادرة الكريمة بإعلان إطلاق الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول للدول الأعضاء واستضافة الاجتماع العام السنوي الأول للشبكة. بعدها، شهدت الجلسة العامة تقديم كلماتٍ من وزراء العدل والنواب العامين ورؤساء هيئات مكافحة الفساد من الدول الأعضاء، شملت مصر، ولبنان، والصومال، وقطر، والبحرين، وسلطنة عُمان، والعراق، وفلسطين، والمغرب، والأردن، والجزائر، وتونس، وموريتانيا، والسودان، وليبيا، واليمن، والإمارات العربية المتحدة، وسوريا، والكويت، إضافةً إلى دولٍ من آسيا وأفريقيا وأوروبا، من بينها باكستان، وأوزبكستان، وأذربيجان، ونيجيريا، والمالديف، وغينيا، وجيبوتي، والسنغال، وكازاخستان، وجمهورية التشيك، والسويد، وماليزيا، ومولدوفا. وقد أجمع المتحدثون على أن تأسيس شبكة مينا–أرين يُشكّل فرصة عملية لتعزيز التعاون العابر للحدود، وتبادل المعلومات، وتطوير التشريعات الوطنية بما يتماشى مع المعايير الدولية، كما استعرضوا التحديات المشتركة التي تواجه دولهم في مجال استرداد الأصول، ولا سيما التعقيدات القانونية وتعدد السلطات القضائية والحاجة إلى بناء قدرات فنية وتشغيلية متخصصة. كما شارك في الجلسة ممثلون عن منظمات دولية وإقليمية، من بينها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ومجموعة إغمونت، والوكالة الأوروبية للتعاون القضائي (Eurojust)، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، إضافةً إلى الشرطة الفيدرالية الأسترالية، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، مؤكدين أهمية التنسيق والتكامل بين الشبكة وهذه المنظمات في دعم مسار استرداد الأصول عالميًا وتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الفساد. وفي ختام اليوم الأول، أعلن معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأستاذ مازن بن إبراهيم الكهموس الإطلاق الرسمي لشبكة مينا–أرين، واعتماد وثائقها التأسيسية (إعلان النوايا وميثاق الشبكة)، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي في استرداد الأصول. وقد تم اعتماد ميثاق شبكة مينا–أرين الذي نصّ على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، وإنشاء شبكة نقاط اتصال لتبادل المعلومات، وبناء القدرات الوطنية والإقليمية، والتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية، كما تم اعتماد إعلان النوايا الذي أكد التزام الدول الأعضاء بإرساء إطار مؤسسي متكامل لتعطيل التدفقات المالية غير المشروعة وتعزيز الشراكة الدولية. ويُعد هذا الاجتماع نقطة تحول في مسيرة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الفساد، إذ يمثل الانطلاقة الرسمية لأعمال الشبكة الإقليمية الجديدة التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرًا لأمانتها العامة الدائمة، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من التعاون المؤسسي، وتعزيزًا لدور المملكة الريادي في دعم منظومة النزاهة وبناء الشراكات الدولية الفاعلة.