يومنا الوطني ليس شعورًا عابرًا .. إنما طاقة تسري بأرواحنا، هو عقيدة راسخة في روح كل مواطن، عرفناها منذ أول يومٍ رددنا فيه النشيد الوطني في ساحات مدارس طفولتنا، حينها لم ندرك معنى هذه الكلمات التي غدت فيما بعد قسمًا خالدًا في أعماقنا. تحتفي بلادنا بيومها الوطني ال 95 ويزدان الوطن هذه الأيام بالأخضر المبهج، وتتسابق القلوب لتحتفل بقصة بلاد آمنت منذ فجر تأسيسها أن الوحدة قوة وأن الطموح طريقٌ للخلود في صفحات المجد. لقد بدأ الملك عبدالعزيز آل سعود -طيّب الله ثراه- مسيرته المظفّرة ببصيرةٍ تجاوزت حدود عصره، كان قائدًا عسكريًا وزعيمًا سياسيًا لا نظير له، وحّد أرضًا مترامية الأطراف وبنى وطنًا بإرادةٍ صلبة ورؤية حكيمة. واجه صعابًا جسامًا، غير أنه رأى فيها سُلّمًا إلى النصر، وبفضل عزيمته وإيمانه العميق، تحولت الصحراء إلى دولة موحدة، عصرية، راسخة الدعائم. واليوم يضيء عهدنا الزاهر بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي عهده الأمين - حفظهما الله- بإنجازاتٍ تتوالى في مختلف المجالات وكافة الميادين، حيث باتت المملكة مركزًا عالميًا للاستثمار والطاقة النظيفة والتقنية، وازدهرت في حقول الثقافة والفنون والرياضة والترفيه، وفي قطاعات الصحة والتعليم والابتكار تتجلى قفزات تُترجم طموح القيادة إلى واقع ملموس يلمسه كل مواطن ومقيم. إنها مسيرة تؤكد أن الحلم السعودي ليس مجرد رؤية، بل إرادة تتحقق كل يوم. حين مضت بي الحياة إلى رحلة الدراسة، وابتعثتني الأيام إلى ديار بعيدة، أدركت أن هذا الوطن لا يشبه سواه. كنت أشعر في أعماقي بفراغ لا تملؤه مظاهر الحضارة. لا هواء كهواء بلادي، ولا أمان يضاهي دفء سمائها، ولا قلوب تشبه قلوب أهلها. كنت كلما أغلقت باب غرفتي، يزاحم قلبي شوق يفيض على الدفاتر والأيام، وكأن تراب الوطن يمدّ خيوطه إلى روحي ليشدها إليه. ومع كل سفر جديد، ومع كل مطار أغادره، يزداد هذا الإحساس عمقًا. كانت المسافات تعلّمني معنى الانتماء. وعندما أعود أشعر أن الأرض تحتضنني وتعيد ترتيب روحي. أيها الشباب، يا نبض الحاضر ورهان المستقبل، إن حب الوطن عملٌ دؤوب وعطاءٌ لا ينقطع. الوطن ينتظر منكم عقولًا تبدع، وأيادي تبني، وقلوبًا تحفظ العهد. فكونوا أوفياء لحلم بلادنا ورؤيتها الطموحة، وازرعوا في كل ميدان بصمةً تجعل من حاضرنا أجمل ومن مستقبلنا أعظم. لا تنتظروا أن يُطلب منكم العطاء، بل تقدّموا إليه، فالأوطان العظيمة تُصنع بسواعد أبنائها وإصرارهم. نسأل الله أن يحفظ هذه الأرض المباركة، وأن يحفظ قيادتنا الرشيدة، وأن يُديم علينا الأمن والرخاء والاستقرار والازدهار. *مدير عام المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية