تتزين المملكة العربية السعودية بالأخضر، في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، وتتوحد مشاعر الملايين من أبنائها في احتفاء يليق بيوم تاريخي غير وجه الجزيرة العربية، ورسخ هوية وطنية متينة ارتكزت على قيم التوحيد والوحدة والنهضة. إن اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى في التاريخ، بل هو رواية شعب وصوت أمة، تتقاطع فيه السياسة بالاقتصاد، وتتماهى فيه الثقافة مع المجتمع، ليصوغ في مجمله لوحة حضارية تتجدد عامًا بعد عام. يومنا الوطني هو موعد مع الذات الوطنية، ومع العزيمة التي صنعت دولة من قلب الصحراء لتصبح قوة إقليمية وعالمية. إنه يوم يحكي عن رجل وحد الأرض، وعن شعب صنع المعجزات، وعن قيادة تفتح الأبواب لمستقبل واعد. في هذا اليوم، تتوحد الأصوات في نشيد واحد، وتتلاقى القلوب على حب وطن عظيم، اسمه المملكة العربية السعودية. قبل 95 عامًا، أعلن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- توحيد البلاد تحت راية التوحيد الخضراء، بعد ملحمة كفاح استمرت أكثر من ثلاثة عقود، كان التوحيد حدثًا مفصليًا في التاريخ الحديث، حيث تحولت أقاليم متفرقة إلى كيان واحد، يجمعها الدين واللغة والمصير المشترك، ولعل أعظم ما رسّخه المؤسس هو غرس معاني الوحدة الوطنية، التي شكلت الأساس الصلب لبناء الدولة الحديثة. السياسة السعودية منذ التأسيس اتسمت بالحكمة والاتزان. فاليوم الوطني هو فرصة لتأمل مسيرة دولة جعلت من الاستقرار ركيزة لوجودها، وسط منطقة تزخر بالاضطرابات، فالمملكة لم تكتفِ بترسيخ سيادتها، بل أصبحت لاعبًا محوريًا في المشهد الدولي، تسهم في حفظ الأمن الإقليمي، وتدعو إلى الحوار والتعاون بين الأمم.ومع رؤية 2030، عززت القيادة السعودية موقع المملكة على الساحة العالمية، عبر دبلوماسية متوازنة، تجمع بين القوة الناعمة والمكانة الاقتصادية، لتصبح الرياض عاصمة القرار العربي ومركز التلاقي الإسلامي والدولي. اليوم الوطني يعكس أيضًا رحلة التحول الاقتصادي الكبرى. فمنذ اكتشاف النفط، عرفت المملكة نقلة نوعية جعلتها في مصاف أكبر الاقتصادات العالمية، لكن الرؤية الحديثة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، أطلقت مشروعًا طموحًا لتقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصاد متنوع ومستدام.