في مساءٍ ثقافي بهيّ، احتضنت ديوانية آل حسين التاريخية أمسية حوارية بعنوان «صناعة الوعي الثقافي وتعميق المعرفة». كان فارسها الكاتب والصحفي القدير الأستاذ عوضة بن علي الدوسي، الذي أبحر بالحضور في عمق التجربة الثقافية السعودية، مسلطًا الضوء على ضرورة تنويع مصادر الثقافة وتوسيع فضاءاتها، ومؤكدًا أن الثقافة ليست ترفًا بل بنية قيمية تصوغ وعي المجتمع وتمنحه حصانة ضد الانغلاق والتطرف. أدار الحوار الدكتور محمد الحسين بمهنية رفيعة، فاتحًا المجال لمداخلات الحضور من نخبة المثقفين والإعلاميين والأدباء، الذين أثروا اللقاء برؤى متعددة عمّقت النقاش وأضفت عليه بعدًا معرفيًا أصيلًا. وقدم الدوسي ورقة اتسمت بالعمق والثراء فقد أكد عبرها أن صناعة الوعي وتعميق المعرفة لا يمكن أن يتحققا دون ثقافة حيّة وصحافة فاعلة. وقد شكّلت صحيفتا الرياض والجزيرة أنموذجًا يُحتذى به، حيث تحوّل التنافس بينهما إلى تكامل مثمر أثمر عن ملاحق نوعية نادرة. ومع عهد وزارة الثقافة ورؤية 2030، بدا واضحًا أن الصحافة الثقافية السعودية أمام فرصة تاريخية لتجديد أدواتها وتوسيع أثرها محليًا وعالميًا، بما يجعل الثقافة جزءًا أصيلًا من مشروع جودة الحياة في المملكة. زنزه الدوسي بالملاحق الثقافية كفضاء للحوار، وكيف أنها تحولت إلى منصات للنقاش المفتوح، وفضاءات لتداول الأدب والفكر، كما جمعت بين النقد الأدبي، والمقالات الفكرية، والترجمات، والإضاءات على الإنتاج المحلي والعالمي، منوهاً باستمراريتها في الصحيفتين، حيث لم ينقطع هذين الملحقين عن القيام بدورهما حتى في أحلك الظروف، بل أسهما في احتضان العديد من الكتاب والمبدعين، وأصبحت مرجعًا لذاكرة الحركة الثقافية في المملكة. واعتبر الدوسي أن صحيفتي "الرياض" و"الجزيرة" مثلتا قلب المنطقة الوسطى، ومنصتين بارزتين للاهتمام بالشأن الثقافي. منذ السبعينيات، بدأت كل صحيفة في تكريس مساحة معتبرة للثقافة، وكان بين الصحيفتين تنافس محتدم، لكنه تنافس إيجابي؛ تنافس في الجودة، في اتساع الأفق، وفي فتح المجال للأقلام الشابة. هذا التنافس أفضى إلى حالة من التحفيز المتبادل، بحيث تُثري كل صحيفة الأخرى بطريقة غير مباشرة، فيسعد القارئ بالنتيجة. المداخلات التي أعقبت الورقة عكست تنوعًا ثريًا في المقاربات والرؤى. فقد أشاد عبدالله الحسني بديوانية الحسين شاكرًا المحاضر على طرحه العميق، ومؤكدًا أن الكتابة الثقافية في الملاحق النخبوية باتت مسؤولية مضاعفة في زمن طغيان التقنية والذكاء الاصطناعي. فيما نوّه سهم الدعجاني بقيمة المحاضر وأشاد بدور صحيفتي "الرياض" و"الجزيرة" في حمل عبء المشهد الثقافي، مستعرضًا أثر الزميلين عبدالله الحسني ومحمد الفيصل في إتاحة المساحات للمبدعين. أما الدكتور أحمد حسن الشهري فابتدأ حديثه بالإشادة بالخطاب الملكي الأخير في مجلس الشورى، قبل أن ينوّه بدور الديوانية كفضاء جامع للوعي. وأكد الروائي أحمد السماري على البهجة التي يصنعها المد الروائي السعودي، مطالبًا الصحافة بمواصلة مواكبة هذا المد. من جانبه، طرح الصحفي نايف الحربي تساؤلات حول صورة المثقف في «البرج العاجي»، مستعرضًا مسيرة الصحافة الثقافية وتحولها من صحافة الأفراد إلى صحافة المؤسسات. فيما أثار خالد العرابي الحارثي أسئلة مهمة حول التحديات التي تواجه الصحافة في ظل المنصات الرقمية، وأشاد محمد العبدالوهاب بالمرحلة الراهنة وخصوبتها. بينما استعرض الصحفي ثامر الحميد تجربته المهنية في التحول الرقمي، مؤكدًا ضرورة مخاطبة الجيل الجديد بلغة تناسب واقعه وتدعم حضور الثقافة. سهم الدعجاني عوضة الدوسي مقدماً ورقته خالد العرابي الحارثي نايف الحربي ثامر الحميد عبدالله العيسى د. محمد الحسين مقدماً الأمسية عبد العزيز الحسين في لقطة جماعية للحضور في الديوانية