أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي يريد تعزيز الحماية على حدوده مع روسيا، وذلك بعد ساعات من إعلان وارسو إسقاط ما لا يقل عن ثلاث مسيرات روسية اخترقت المجال الجوي لبولندا. وأثارت الحادثة مخاوف من تصعيد الحرب في أوكرانيا. وقالت فون دير لاين في خطاب مهم أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ: "ليس هناك شك في أن الجناح الشرقي لأوروبا يحمي القارة برمتها... من بحر البلطيق إلى البحر الأسود. ولهذا السبب، علينا الاستثمار في دعمه من خلال آلية مراقبة الجناح الشرقي". ولا يزال هذا المفهوم في مرحلة مبكرة، ولم يتم بعد نشر أي خطة رسمية بشأنه. ووصفت فون دير لاين المبادرة بأنها خطة لتعزيز حماية دول الاتحاد الأوروبي المجاورة لروسيا: فنلندا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وبولندا - عبر الاستثمار في مراقبة فضائية آنية وجدار من الطائرات المسيرة". كما أعلنت رئيس المفوضية عن "تحالف المسيرات" مع أوكرانيا، وهاجمت روسيا، بسبب "انتهاك متهور وغير مسبوق لأجواء بولندا وأوروبا". واخترقت المسيرات والصواريخ الروسية أجواء دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبينها بولندا، عدة مرات منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، ولكن لم يحدث أن حاولت دولة عضو في التحالف العسكري إسقاطها. وقال توسك إنه قام بتفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف الأطلسي، والتي تتيح لأي دولة عضو الدعوة لاجتماعات عاجلة حال شعرت أن "سلامة أراضيها أو استقلالها السياسي أو أمنها" في خطر. ولم يتم تفعيل هذه المادة سوى ثماني مرات منذ تأسيس الحلف في عام 1949. واصطف زعماء الاتحاد الأوروبي إلى جانب بولندا عقب حادثة المسيرات الروسية. وقال الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا: "حادثة المسيرات في بولندا جد خطيرة... نسير على حافة قد تنزلق بنا إلى هاوية من العنف الخارج عن السيطرة". وشبه الرئيس الأجواء السائدة خلال الأسابيع الأخيرة بتلك التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى. وأعربت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني عن "تضامن كامل مع بولندا إزاء الانتهاك الروسي الخطير، وغير المقبول لأجواء بولندا والناتو"، كما أدان رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا روسيا، وانتقد من يتهمون الناتو بالتصرف على نحو عدواني، أو يعارضون تعزيز وضعه الدفاعي. أما وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، فقد تبنى خطابا أكثر حذرا، إذ وصف انتهاك الطائرات الروسية لأجواء بولندا بأنه "صارخ" ويستدعي "الصرامة اللازمة"، لكنه حذر، في الوقت نفسه، من التسرع في اتخاذ خطوات تصعيدية. وكان موقف المستشار الألماني فريدريش ميرتس أكثر مباشرة، إذ اتهم روسيا بأنها "عرّضت للخطر حياة البشر في دولة عضو بالناتو والاتحاد الأوروبي"، فيما وصف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس، الحادثة بأنها "استفزاز ضد الناتو بأسره." ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حادثة انتهاك المجال الجوي بأنها "غير مقبولة على الإطلاق". واستدعت وزارتا الخارجية في ألمانيا وفرنسا سفيري روسيا لدى برلين وباريس، الجمعة، على خلفية انتهاك المسيرات الروسية المجال الجوي لبولندا. وقالت الخارجية الألمانية إن تصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "خطير" و"لا يمكن قبوله". هذا وقالت وزارة الدفاع الرومانية إن رومانيا سارعت بإرسال طائرتين مقاتلتين عندما اخترقت طائرة مسيرة المجال الجوي للبلاد خلال هجوم روسي على البنية التحتية الأوكرانية بالقرب من الحدود. كما دفع التهديد بشن هجمات بطائرات مسيرة بولندا إلى نشر طائرات وإغلاق مطار في مدينة لوبلين شرق البلاد، وذلك بعد ثلاثة أيام من إسقاطها طائرات مسيرة روسية بعد دخولها المجال الجوي للبلاد. وأعلن حلف شمال الأطلسي أمس الجمعة عن خطط لتعزيز الدفاع عن الجناح الشرقي لأوروبا، بعدما أسقطت بولندا طائرات مسيرة انتهكت مجالها الجوي، وذلك في أول إطلاق نار من قبل عضو في الحلف منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا. من جهته اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بتوسيع الحرب بعد إعلان التأهب الجوي في بولندا ورومانيا المجاورتين. وكتب زيلينسكي عبر تطبيق تيليغرام أن الجيش الروسي يعلم بالتحديد أين تحلق مسيراته وأن هذا لم يكن أمرا عشوائيا من أي من القادة الفرعيين، "إن هذا توسيع واضح للحرب من قبل روسيا". وشدد زيلينسكي على أن هذا النهج يتطلب إجراء احترازيا من قبل الغرب، ويتعين أن تشعر روسيا بالعواقب. وحث من جديد على فرض عقوبات ورسوم جمركية على التجارة الروسية التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. لكنه قال إنه من الضروري أيضا تأسيس نظام أمني مشترك. وقال في إشارة للأوروبيين: "لا تنتظروا العشرات من مسيرات شاهد والصواريخ الباليستية لتتخذوا القرار في نهاية المطاف". إلى ذلك قال مسؤول روسي إن مسيّرة أوكرانية تحطمت السبت على واحدة من أكبر مصافي تكرير النفط في وسط روسيا متسببة باندلاع حريق وبأضرار طفيفة. ويقع مجمع المصافي الذي يعود إلى شركة النفط الروسية "باشنفط" قرب مدينة أوفا في وسط روسيا على مسافة حوالي 1400 كيلومتر من خط المواجهة مع أوكرانيا. وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي طائرة مسيّرة تتجه نحو المجمع قبل أن تنفجر وتتحول إلى كرة نار. وقال رادي خابيروف حاكم منطقة باشكورتوستان عبر تيليغرام "اليوم تعرضت منشأة باشنفط لهجوم إرهابي شن بواسطة مسيّرات. واندلع حريق تجري مكافحته الآن". وأضاف أن مسيّرة سقطت فوق المجمع فيما أُسقطت أخرى. وبعد فترة وجيزة، تبنى مصدر في وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية الهجوم. كما أعلنت أوكرانيا أنها ستحتاج إلى 120 مليار دولار على الأقل العام المقبل للتصدي للغزو الروسي، وستحتاج إلى مبلغ مماثل للحفاظ على جاهزية جيشها، حتى لو انتهت الحرب. وتنفق أوكرانيا حوالي ثلث ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع وتعتمد على عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات المالية من حلفائها الغربيين. وقال وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميغال في مؤتمر صحافي في كييف إن بلاده مهددة بخسارة المزيد من الأراضي لصالح روسيا إذا استمرت الأخيرة في التفوق عليها عسكريا في ساحة المعركة. وأضاف شميغال "أعتقد أنه إذا استمرت الحرب فإننا سنحتاج إلى 120 مليار دولار على الأقل للعام المقبل". وأوضح أنه حتى لو انتهت الحرب، فإن أوكرانيا ستحتاج إلى مبلغ قريب فقط للحفاظ على جاهزية جيشها "في حال شنت روسيا عدوانا ثانيا".