«ريشة صقار»، هي منحوتة جديدة للفنان السعودي خالد العنقري لا تُقدَّم كعمل جمالي فحسب، بل كوثيقة فنية تحفظ شيئًا من روح المكان، وتُعيد سرد حكاية الصقر والصياد والصحراء. حكاية لا تزال تسكن وجدان الإنسان العربي حتى اليوم. وتعكس المنحوتة العلاقة الأزلية بين الإنسان والطبيعة، من خلال رمزين خالدين في التراث العربي: الصقر والحبارى. بما يشكل عمل نحتي أنيق ومشحون بالمعاني، نُفذ على حجرٍ طبيعي محلي، ليحمل بين تضاريسه الصلبة قصة من الشموخ والانتماء. وجاء تنفيذ العمل على حجر طبيعي مستخرج من البيئة المحلية بمثابة اختيار يحمل بعدًا فلسفيًا وفنيًا عميقًا. إنه تأكيد على ارتباط الفنان بمكانه، وتعبير عن الأصالة والخصوصية الجغرافية والثقافية التي تتجذر في النحت كما تتجذر في الصحراء. ففي هذا العمل، لا تُمثّل الريشة مجرد جزء من جسد الطائر، بل ترمز إلى كيان كامل يحمل صفات الفروسية والنبل والانطلاق. فهي تجسيد لصقر عربي، لطالما كان رفيقًا للصياد، ودليلًا في الصحاري الواسعة. ويبرز اختيار العنقري لنحت الريشة وحدها البعد الرمزي للصقر، ويمنح المشاهد تأملًا في الخفة والانسياب مقابل صلابة المادة المستخدمة، ليخلق هذا التباين إحساسًا بالتوازن بين الأرض والسماء، والثبات والحركة. في خلفية العمل، نُحتت آثار خطوات طائر الحبارى، الطريدة الأثيرة في رياضات الصيد التقليدي، والتي شكلت جزءًا جوهريًا من ذاكرة الصقارين في الجزيرة العربية. هذه الخطى المحفورة بدقة على سطح الحجر تمنح المنحوتة ديناميكية سردية، تجعل المتلقي يشعر وكأنه يتتبع أثرًا حقيقيًا لطائر بري في رمال الصحراء، وتُعيد إحياء مشهد الصيد في صمته ووقاره وجماله. وتعيد المنحوتة ما عرف عن خالد العنقري ومزجه الفريد بين البساطة الشكلية والعمق الرمزي، وقدرته على تحويل كتل الحجر الصماء إلى سرديات مفتوحة. ففي "ريشة صقار"، يلامس العنقري جوهر الهوية العربية، من خلال رؤية معاصرة تتكئ على التاريخ، وتعيد تشكيله فنّيًا بلغة بصرية رصينة وموحية. الفنان خالد العنقري منحوتة ريشة الصقار