في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني في غزة واحدة من أقسى حملات القتل والتجويع والتطهير العرقي، يزداد الصوت السعودي وضوحاً في فضح هذه الجرائم ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك، فما تقوم به إسرائيل من انتهاكات صارخة للقانون الدولي والإنساني لم يعد خافياً على أحد، لكن العجز الدولي عن وقف هذه المأساة يطرح تساؤلات خطيرة عن مصداقية النظام العالمي. فالمملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم تتأخر عن التعبير عن موقفها الواضح، ففي بيان صادر عن وزارة الخارجية، دانت المملكة "بأقوى العبارات" جرائم إسرائيل، مؤكدة أن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب وتطهير عرقي. ولطالما كانت السعودية حاضرة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ليس فقط بدعمها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل أيضاً بجهودها الدبلوماسية وحراكها الدولي، فموقفها ليس جديداً، ولكنه يتجدد اليوم بقوة أكبر في ظل تصاعد الوحشية الإسرائيلية. فعندما يعجز مجلس الأمن عن فرض وقف لإطلاق النار، وعندما تتحول القرارات الدولية إلى مجرد بيانات دون تنفيذ، فإن ذلك يشير إلى أزمة عميقة في النظام الدولي، فكيف يُسمح لدولة محتلة أن تواصل انتهاكاتها دون رادع؟ وكيف يُتجاهل معاناة شعب يُحاصر ويُجوع ويُقتل يومياً؟ فالمملكة، في بيانها، حذرت من أن هذا الصمت الدولي "يقوّض أسس الشرعية الدولية"، وهو تحذير دقيق، لأن استمرار الإفلات من العقاب سيشجع إسرائيل على المزيد من التصعيد، وربما يمهد لموجة جديدة من التهجير القسري، كما حدث في النكبة عام 1948. لا يمكن أن يكون هناك حل حقيقي دون إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، بعاصمتها القدسالشرقية، هذا المبدأ أكدت عليه السعودية في بيانها، وهو الموقف الذي تتبناه غالبية دول العالم. لكن الفارق أن السعودية لا تكتفي بالكلام، بل تضغط دبلوماسياً لتحويل هذا المبدأ إلى واقع. فالدول الكبرى، خاصة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، مطالبة اليوم بتحمل مسؤولياتها، فالدعم المالي والعسكري الأميركي لإسرائيل يجعلها شريكاً في هذه الجرائم ما لم تتخذ إجراءات حقيقية لوقف العدوان. الشعب الفلسطيني ليس وحده في معركته، فالأمة العربية والإسلامية تقف معه، والسعودية تبقى في الصفوف الأولى للدفاع عن قضيته، لكن الوقت ينفد، والمجتمع الدولي عليه أن يتحرك قبل أن تتفاقم الكارثة الإنسانية أكثر. ندعو العالم إلى الاستيقاظ من صمته، ونشيد بموقف المملكة الشجاع الذي يذكر الجميع بأن العدالة ليست مجرد شعارات، بل مسؤولية يجب أن تتحول إلى أفعال، فلسطين تستحق أن تعود لأهلها، والقدس ستبقى عربية إسلامية، مهما طال الزمن.