يتساءل المواطن السعودي، بحيرةٍ مشروعة، عن دوافع حملات التزييف والخصومات التي تطال جهود المملكة العربية السُّعُودية الخيّرة من قبل بعض من يُحسبون على العرب والمسلمين. لماذا تُقابل بالتشكيك كل المواقف والمبادرات السُّعُودية النبيلة التي تقودها المملكة في دعم القضايا العربية والإسلامية، ولم يسلم من "شوشرة" هذه الحملات حتى ما يتعلّق بالداخل السعودي من إجراءات وإصلاحات اجتماعية أو اقتصادية. للتاريخ، كانت وما زالت المملكة، منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله، قلعة الإسلام والعروبة وملاذًا للمظلومين وصوتًا للحق. وعندما ننظر إلى القضية الفلسطينية على سبيل المثال، نجد المملكة منذ تأسيها في صدارة الداعمين سياسيًا وماليًا واقتصاديًا. فمنذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917، وقف السعوديون مع فلسطين قلبًا وقالبًا. وفي مؤتمر لندن 1939، دافع الملك عبدالعزيز عن حق الفلسطينيين في أرضهم، رافضًا التقسيم والتهجير، ثم كانت تضحيات أبطال وشهداء "كتيبة المجاهدين السعوديين" في حرب 1948 على أرض فلسطين. واليوم، تستمر المملكة في دعم القضية عبر المحافل الدولية، وها هي تتصدّى للعالم وتنتهز فرصة الشتات الجيوسياسي العالمي لفرض حل الدولتين كخطوة أولى لاستعادة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. فكيف يمكن لمن يدّعي العروبة والإسلام أن يشكك في هذا الدور، بينما المملكة لم تتخلَ يومًا عن فلسطين، حتى في أحلك الظروف والضغوط؟ وفي اليمن العزيز، حيث يعاني الشعب من ويلات الحرب والصراعات، ضحت المملكة بالكثير لاستعادة الشرعية وحماية اليمنيين. وقدّمت وتقدم مساعدات إنسانية هائلة، بعشرات المليارات لبناء المستشفيات، وتوفير الغذاء، وإعادة إعمار القرى المنكوبة. وفي سوريا، لم تنسَ المملكة معاناة الشعب السوري، فقدّمت مليارات الدولارات عبر برامج الإغاثة، وساهمت في إيواء مئات الآلاف من اللاجئين وها هي اليوم تتحرك عربيًا وعالميًا لاستعادة الاستقرار في سوريا. وفي السودان، حين تفاقمت الأزمة الإنسانية، وكما هي المملكة أول دولة هرعت لتقديم المساعدات الغذائية والطبية، واستضافت مؤتمرات دولية لتنسيق الجهود الإغاثية ومحاولات الصلح بين أطراف الصراع. فلماذا يُصر البعض على تجاهل الحقائق؟ حتى الاستثمارات السُّعُودية، التي يُشكك فيها البعض، هي في الحقيقة جسورٌ لبناء مستقبل أفضل ليس للمملكة فحسب بل لإخوانها من العرب والمسلمين. ورؤية 2030، ليست مجرد خِطَّة تنموية داخلية، بل رؤية إقليمية تهدف إلى تعزيز الاقتصادات العربية. إن مشروعات الرؤية تبني منصات لجذب الاستثمارات العالمية، وخلق فرص عمل لملايين الشباب العرب وتمكن المملكة أن تبقى كما هي دومًا الداعم الأكبر للاقتصادات العربية المتعثرة، سواء عبر القروض الميسرة أو المساعدات المباشرة؟ أما الانفتاح الاجتماعي، الذي يُستغل من بعض الخصوم ذريعًة للتشكيك، فهو في جوهره عودة إلى التوازن الذي ميّز المجتمع السعودي. والمملكة وهي مهد الإسلام، تهدف بذلك إلى الجمع بين ثوابت الأصالة وضرورات المعاصرة. والإصلاحات في المجال الاجتماعي، ليست تنازلًا عن القيم، بل تأكيدًا على أن المجتمع السعودي قادر على التكيف مع متطلبات العصر دون التفريط بهويته. والمملكة التي تستضيف ملايين الحجاج والمعتمرين، وتنفق المليارات على خدمة الحرمين الشريفين، ولا يمكن أن تكون إلا مركز الإسلام النقي وصوت الاعتدال والسلام. وليعلم المواطن السعودي المتسائل أن هذه الحملات التي تستهدف السُّعُودية ليست وليدة مصادفة. بل هي نتاج أجندات أكبر فالمملكة ليست مجرد دولة وطنية، بل رمزٌ للوحدة العربية والإسلامية وهناك من يسعى للنيل من ريادتها ودورها المحوري في العالمين العربي والإسلامي. وهذه الحملات، التي تنبش في أخطاء البشر، "وتفبرك" الموضوعات على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام، غالبًا ما تُدار من جهات بعضها تتستر خلف شعارات العروبة والإسلام، في حين هي في الحقيقة لا تخدم سوى مصالح قوى عاجزة أو في خدمة رخيصة لمن أعيته همّته عن المنافسة الشريفة. والخلاصة، المملكة العربية السُّعُودية ماضية في رؤيتها للمستقبل وسيظل المشككون والعاجزون والجاحدون والانتهازيون يُقبل بعضهم على بعض يتلاومون حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا. مسارات قال ومضى من سوء فهمه وضعف عقله ... أريده عزيزًا ويريدني ذليلًا مثله.