فر آلاف الأشخاص من طهران أمس الأربعاء بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى مغادرة العاصمة، بينما قال مصدر إن ترمب يدرس خيارات تشمل الانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة المواقع النووية الإيرانية. وتبادلت إيران وإسرائيل ضربات صاروخية جديدة رغم دعوة الرئيس الأميركي إيران إلى "استسلام غير مشروط!". وطلبت إسرائيل من سكان منطقة في جنوب غرب طهران مغادرتها حتى تتمكن قواتها الجوية من قصف منشآت عسكرية. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بكثافة حركة المرور على الطرق المتجهة من العاصمة إلى الأقاليم الشمالية. وفرضت السلطات قيودا على كمية الوقود التي يمكن للسكان شراؤها. وقال وزير النفط محسن باك نجاد للتلفزيون الرسمي إن القيود تهدف للحيلولة دون حدوث أي نقص لكن لن تكون هناك مشكلة في توفير الوقود للمواطنين. وفي إسرائيل، سُمع دوي انفجارات فوق تل أبيب. وقال الجيش إن وابلين من الصواريخ الإيرانية أطلقا باتجاه إسرائيل في أول ساعتين من صباح أمس الأربعاء. وذكرت وكالة مهر شبه الرسمية للأنباء أن اشتباكات وقعت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بين قوات الأمن ومسلحين مجهولين في مدينة ري جنوبيطهران. وأضافت الوكالة أن المسلحين "أفراد يعتقد أنهم مرتبطون بالموساد أو جواسيس إسرائيليون"، وأشارت إلى أنهم خططوا "لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة". وقالت مواقع إخبارية إيرانية أن إسرائيل تهاجم أيضا جامعة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في شرق البلاد ومنشأة خجير للصواريخ الباليستية قرب طهران، والتي استهدفتها أيضا غارات جوية إسرائيلية في أكتوبر. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن 50 مقاتلة قصفت نحو 20 هدفا في طهران الليلة الماضية بما في ذلك مواقع لإنتاج مواد خام ومكونات وأنظمة تصنيع صواريخ. وأعلن مسؤولون إيرانيون مقتل 224 شخصا، معظمهم من المدنيين، لكن السلطات لم تحدث الأعداد منذ أيام. وقالت السلطات الإسرائيلية إن إيران أطلقت نحو 400 صاروخ صوب إسرائيل منذ يوم الجمعة اخترق نحو 40 منها الدفاعات الجوية مما أسفر عن مقتل 24 جميعهم مدنيون. وبدأت إسرائيل الأربعاء في إعادة إسرائيليين علقوا في الخارج وأطلقت عملية نقل جوي بعد أن تسبب الهجوم المفاجئ الذي شنته على إيران في تقطع السبل بعشرات الآلاف من الإسرائيليين في الخارج. وأحدث احتمال مشاركة الولاياتالمتحدة في الحرب هزة بالأسواق العالمية. وتقول إسرائيل إن هدفها الأساسي هو تدمير البرنامج النووي الإيراني لكن محطة تخصيب اليورانيوم في فوردو المقامة تحت الأرض في منطقة جبلية لا يمكن الوصول إليه على الأرجح إلا بقنابل أميركية ضخمة. وقال مصدر مطلع إن ترمب وفريقه يدرسون عددا من الخيارات، بما في ذلك مشاركة إسرائيل في توجيه ضربات لمواقع نووية إيرانية. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترمب تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء واجتمع لمدة 90 دقيقة مع مجلس الأمن القومي بعد ظهر أمس لمناقشة الصراع. وفي سلسلة من التصريحات عبر وسائل للتواصل الاجتماعي الثلاثاء، أشار ترمب صراحة إلى مسألة قتل الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي. وكتب على منصة تروث سوشيال " لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس في الوقت الراهن... صبرنا ينفد". وبعد ثلاث دقائق كتب في منشور جديد "استسلام غير مشروط!" وأدت رسائل ترمب المتناقضة والغامضة أحيانا عن الصراع بين إسرائيل وإيران إلى إذكاء حالة الضبابية المحيطة بالأزمة. وتراوحت تعليقاته العلنية بين التهديدات العسكرية والمبادرات الدبلوماسية. وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لرويترز إن واشنطن تنشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط وتوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى. ولم تتدخل الولاياتالمتحدة حتى الآن بصورة مباشرة في الصراع بما في ذلك المساعدة في إسقاط الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل. وقالت إيران من قبل إنها سترد باستهداف قواعد أميركية إذا شاركت واشنطن في الحرب. وقال الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي في بيان قرأه مذيع تلفزيوني الأربعاء إن بلاده لن تقبل دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاستسلام غير المشروط. وفي أول تصريحات له منذ يوم الجمعة، عندما ألقى خطابا بثته وسائل إعلام رسمية بعد أن بدأت إسرائيل قصف إيران، قال خامنئي إنه لا يمكن فرض السلام أو الحرب على الجمهورية الإسلامية. وتابع "العقلاء الذين يعرفون إيران وشعبها وتاريخها لا يتحدثون البتة بلغة التهديد إلى هذا الشعب لأن الشعب الإيراني لن يستسلم". وأضاف "وليعلم الأميركيون أن أي تدخل عسكري أميركي سترافقه بلا ريب خسائر لا يمكن تعويضها". وذكر مصدر مطلع على تقارير مخابرات أميركية أن إيران حركت بعض منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، لكن من الصعب تحديد ما إذا كانت تستهدف القوات الأميركية أم إسرائيل. لكن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي كان يتحدث في قمة مجموعة السبع في كندا التي غادرها ترمب مبكرا، قال إنه لا يوجد ما يشير إلى أن واشنطن على وشك الدخول في الصراع. ضعف النفوذ الإقليمي قالت خمسة مصادر مطلعة على تفكير خامنئي إن مقتل مستشارين عسكريين وأمنيين قريبين منه في غارات جوية إسرائيلية أحدث خللا كبيرا في دائرته المقربة وزاد من خطر ارتكاب أخطاء استراتيجية. وذكرت وكالة فارس للأنباء أن قيادة الأمن السيراني في إيران منعت المسؤولين من استخدام أجهزة الاتصالات والهواتف المحمولة وسط الاستهداف الإسرائيلي للقادة الإيرانيين الذي يمثل أخطر اختراق أمني منذ ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه المدعوم من الولاياتالمتحدة وأتت برجال الدين إلى السلطة. وقالت وسائل إعلام إيرانية إن إسرائيل شنت "حربا إلكترونية واسعة النطاق" على البنية التحتية الرقمية في البلاد. ومنذ هجوم حركة (حماس) المدعومة من طهران على إسرائيل في السابع من أكتوبر /تشرين الأول/ 2023 واندلاع الحرب في قطاع غزة، تراجع نفوذ خامنئي في المنطقة بسبب الضربات القوية التي وجهتها إسرائيل لحلفاء إيران من حماس وجماعة "حزب الله" في لبنان إلى جماعة الحوثي اليمنية وفصائل مسلحة في العراق إضافة إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف طهران الوثيق. وشنت إسرائيل حربها الجوية الأكبر على الإطلاق على إيران يوم الجمعة بعد أن قالت إنها خلصت إلى أن طهران على وشك تطوير سلاح نووي. وتنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية، وأشارت إلى حقها في امتلاك تكنولوجيا نووية لأغراض سلمية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بصفتها عضوا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وإسرائيل، وهي ليست عضوا في المعاهدة، هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعتقد على نطاق واسع أنه يملك أسلحة نووية. ولم تنف إسرائيل أو تؤكد ذلك. وأكد نتنياهو أنه لن يتراجع لحين توقف إيران عن مساعيها لصنع أسلحة نووية، في حين يقول ترمب إن الهجوم الإسرائيلي يمكن أن ينتهي إذا وافقت إيران على فرض قيود صارمة على أنشطة التخصيب. إسرائيل تريد تدمير البرنامج النووي الإيراني (رويترز) مبانٍ في إسرائيل دمرتها صواريخ إيران (رويترز)