قال وزير المالية محمد الجدعان: إن الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الدول لتحقيق الازدهار ومواجهة التحديات التنموية، ترتكز بالضرورة على تأمين الاحتياجات الأساسية للفرد والمجتمع، وفي مقدمتها التصدي لتحدي فقر الطاقة الذي يواجه ملياراً ومئتي مليون شخص حول العالم. وأكد الجدعان خلال كلمته في مؤتمر "صندوق أوبك للتنمية 2025"، أن أمن الطاقة ليس ترفاً، بل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والنمو الشامل. وغيابه يعني تعطل قطاعات أساسية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والإنتاجية الاقتصادية، والاستدامة البيئية، وحتى استخراج المياه وتحقيق الأمن الغذائي. وأضاف أنه مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتقلبات الأسواق، وارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، أصبح السعي نحو طاقة أكثر أمناً وتنوعاً أشد إلحاحاً من أي وقت مضى، وهذا يتطلب تحركاً استراتيجياً لتنويع مصادر الطاقة، وزيادة الاستثمارات في مجال التقنيات النظيفة، واعتماد حلول تمويل مبتكرة لتسريع الوصول إلى الطاقة وتعزيز أمن الطاقة على المدى الطويل. واستطرد وزير المالية، انه يتوجب لمواجهة هذه التحديات، لا بد من تحرّك بنوك التنمية بشكل فعّال وفق أربعة محاور رئيسة: * أولاً، يتعين على بنوك التنمية متعددة الأطراف دعم جميع مصادر الطاقة بدون تحيز. ونحذر من الدفع لتبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات، من خلال اقصاء مصادر رئيسة للطاقة أو إهمال الاستثمار فيها، مما يؤدي إلى تحديات في أسواق الطاقة وأثر غير متكافئ على المجتمعات والدول النامية. * ثانيًا، يتعين على بنوك التنمية متعددة الأطراف توفير التمويل الميسر، بهدف تسريع تلبية احتياجات المناطق التي تعاني من النقص في الوصول الى الطاقة، وهنا أشيد بمبادرة "مهمة 300" الطموحة لتوفير الطاقة لثلاثمائة مليون شخص في إفريقيا، وذلك بقيادة البنك الدولي وبإسهام بارز من شركاء مثل البنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية الدولية. كما نوه الجدعان بمبادرة حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء "فورورد7،" إحدى مبادرات الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية، والتي تهدف لتوفير حلول الوقود النظيف لملايين الأشخاص حول العالم. ومنذ إطلاق المبادرة، تم التعاون مع أهم الشركاء في القطاع مثل صندوق أوبك للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الدولي، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC). * ثالثًا، خفض مخاطر الاستثمار في قطاع الطاقة، بهدف تحفيز مشاركة القطاع الخاص. ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من الأدوات، من بينها الضمانات الجزئية للمخاطر، والتأمين ضد المخاطر السياسية، وهياكل التمويل المختلط. تُسهم هذه الأدوات في الحد من المخاطر المتوقعة، وتعزيز قابلية تمويل مشروعات الطاقة، ولا سيما في الدول منخفضة الدخل وذات المخاطر المرتفعة. * رابعًا، زيادة الاستثمار في التقنيات الناشئة في قطاع الطاقة، مثل تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وتطوير استخدامات المواد الهيدروكربونية الأكثر استدامة، بما يسهم في معالجة الانبعاثات الكربونية وضمان أمن الطاقة أثناء التحول نحو الحياد الصفري. وبين الجدعان أن تداعيات فقر الطاقة لا تعرف حدوداً، وآثاره تطال جميع الدول اما من خلال عدم الاستقرار الاقتصادي، أو تزايد ضغوط الهجرة، أو ارتفاع الأعباء الإنسانية، ونحن في المملكة العربية السعودية، نعمل مع الجميع لتعزيز أمن الطاقة والقضاء على فقر الطاقة، مع مواصلة جهود التصدي لتغير المناخ، منوهاً بوجود هدف طموح يتمثل في توليد 50 ٪ من احتياجاتنا من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الصفري للانبعاثات بحلول عام 2060، وذلك ضمن إطار نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، ولهذا، فإن تعاون جميع الدول في تعزيز أمن الطاقة هو السبيل الأمثل لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة يستفيد منها الجميع.