مشهد يتجاوز كونه مجرد صورة فوتوغرافية، بل عنوان يعكس منهجية عمل الحكومة السعودية، تلك الصورة التي يظهر فيها عدد من كبار مسؤولي المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم سمو وزير الداخلية وسمو نائب أمير منطقة مكةالمكرمة، ووزراء الحج والعمرة، الصحة، النقل، الإعلام، والبلديات، في جولة ميدانية في المشاعر المقدسة و"بلا بشوت"، مشهد لم يُلتقط في قاعة اجتماعات بل على الأرض وفي الميدان، حيث يتفقد الوزراء جاهزية الجهات المعنية بين ساحات المشاعر وأروقة العمليات، مرابطين لخدمة ضيوف الرحمن، وعاملين على تيسير آداء مناسك الحج، هذه الصورة تختصر فلسفة العمل في هذه البلاد المباركة من رأس الهرم إلى أصغر موظف، الكل في حالة استنفار متواصل لضمان راحة وأمن وسلامة ملايين الحجاج من شتى أصقاع الأرض. بلغ حجاج هذا العام 1446ه حوالي 1.7 مليون حاج يحملون 171 جنسية مختلفة، أدوا مناسكهم على أكمل وجه، وبيسر وسهولة وطمأنينة، وتلقوا الخدمات بأعلى جودة ممكنة، وبكرم بالغ تعوده قاصد بيت الله الحرام من أبناء هذه البلاد الطاهرة، بدءً من مبادرة طريق مكة، والتي خدمت 8 دول هذا العام، وحتى وصولهم للمشاعر المقدسة عبر مختلف المنافذ الجوية والبحرية والبرية، حيث تم نشر في المشاعر المقدسة أكثر من 120 ألف عنصر أمني وفرق دعم ميدانية، مدعومين بأكثر من 6 آلاف كاميرا مراقبة وتحليلات ذكاء اصطناعي لضمان الانسيابية وتفادي أي طارئ، وتأكيداً على الالتزام بحماية الحج من الرفث والفسوق، فلا حج بلا تصريح، ولا مكان لغوغاء صراحةً أو تلميحاً. ولأن حكومة المملكة العربية السعودية اهتمت وبشكل بالغ بضمان أمن وسلامة ضيوف الرحمن، شددت على رفع معايير الجودة بما يتناسب مع مكان الأرض والمناسبة، فعلى الصعيد الصحي تم تجهيز أكثر من 25 مستشفى ومركزًا صحيًا في مكة والمشاعر، مزودة بأكثر من 32 ألف ممارس صحي ومئات سيارات الإسعاف والإخلاء الجوي، لضمان استجابة فورية لأي حالة، وقد استخدمت أحدث التقنيات وطائرات الدرونز لوصول المستلزمات والأدوية الطبية بأوقات قياسية، وحرصت على معايير الجودة والسلامة الغدائية بما يراعي تنوع الثقافات والاحتياجات الصحية في أكثر من 25 مليون وجبة تم تقديمها خلال موسم الحج. واستمراراً لتميز المملكة العالمي في إدارة الحشود، فقد اُستخدمت استراتيجيات تفويج ذكي تعتمد على تحليل البيانات الحيّة وحركة المشاة، مع تنظيم تنقلات الحجاج عبر قطار المشاعر ووسائل نقل ترددية عالية الكفاءة لنقل مئات الآلاف من الحجاج يوميًا، ضمن جداول زمنية مرنة ومحكمة، ودعم الحاج بتطبيقات ذكية وتوجيه رقمي بعدة لغات، ليتمكن من التنقل والتواصل مع فرق الدعم بسهولة، مما زاد من جودة تجربته الروحية. إن صورة الوزراء "بدون بشوت" ليست لقطة عابرة، بل هي تمثيل لعمل أكثر من 350 ألف شخص من مختلف الجهات في موسم الحج، وانعكاس لثقافة إدارية فريدة، ورد بليغ على المرجفين الذين يريدون تشويه صورة موسم الحج، ويحاولون الإساءة لحكومة وشعب المملكة العربية السعودية، تتعالى أصواتهم من دولهم الرجعية، والتي لا تحسن تنظيم مباراة كرة قدم، فكيف بالحدث الأعظم كل عام!؟ هذه الصورة يجب أن تبرز في كل مكان لتُظهر كيف أن المسؤول السعودي لا يعد تنظيم الحج عملاً روتينياً، بل رسالة دينية ومهمةً وطنية، لا يكون خلف مكتبه، بل يمشي مع رجاله في الميدان، يفتّش، يتابع، ويوجّه. هذا المشهد وغيره من الجهود الضخمة يؤكد موقع المملكة كقائدة للعالم الإسلامي، وراعية للحرمين الشريفين، مواصلةً عامًا بعد عام إثبات قدرتها على تحويل التحدي إلى إنجاز، والضيوف إلى أهل، والحج إلى رحلة آمنة لا تُنسى، ضاربةً بعرض الحائط كل نفسٍ دنيئة تسيء لشعيرة من شعائر الله والقائمين عليها.