يبدو أن جهود منظمة الأقطار المنتجة للنفط أوبك والبلدان المتحالفة معها ضمن إطار أوبك+، قد بدأت تأتي ثمارها، بعد قرارهم رفع الإنتاج. فهذه الزيادة التي انتقدها البعض، أثبتت صوابها، وأن حسابات أوبك+ كانت صحيحة. والمسألة هنا تكمن في دورة إنتاج أوبك+.. فزيادة الإنتاج تؤدي إلى فائض في السوق، ولهذا تنخفض أسعار النفط. وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض نشاط شركات النفط والغاز التي تعمل في المناطق ذات تكلفة الإنتاج المرتفعة، كشركات النفط التي تعمل في المياه المغمورة وكذلك منتجو الغاز الصخري الذي تكلفة إنتاجه تصل في المتوسط إلى 65 دولاراً. وللمقارنة، فإن متوسط تكلفة الإنتاج في الشرق الأوسط تحوم حول 25 دولارا. أما في المملكة فهي عند 3.19 دولارات. ويؤدي تقلص إنتاج هذه الشركات إلى انخفاض العرض فترتفع أسعار مصادر الطاقة من جديد -وهكذا دواليك-. فهذه الدورة النفطية، كانت سبب الأزمات التي عانت منها أسواق الطاقة خلال ال 15 عاماً الماضية -وعانينا نحن معها-. إن زيادة إنتاج أوبك+، مثلما رأينا، أدت إلى انخفاض أسعار نفط خام برنت وغرب تكساس إلى ما دون 60 دولارا. وهذا سعر لا يناسب منتجي الطاقة في المناطق مرتفعة التكلفة. ولذلك بدأنا نلاحظ انخفاض نشاط الشركات المنتجة للغاز الصخري. فإذا كان عدد منصات الحفر لإنتاج النفط الخام والغاز في الولاياتالمتحدة عام 2022، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، هو 723 منصة، فإن عددها في مايو الماضي انخفض إلى 474 منصة فقط. وعلى هذا الأساس، فإن عدد منصات إنتاج الغاز الصخري، إذا ما وصلت انخفاضها جنبا إلى جنب مع منصات شركات النفط التي تعمل في المياه المغمورة والمناطق الصعبة، كشركة بريتش بتروليوم، والشركات الأميركية التي تعمل في الجرف القاري، فإن هذا من شأنه أن يعيد التوازن إلى سوق الطاقة، ولكن هذا الوضع لن يدوم طويلاً، فبمجرد أن تبدأ أسعار النفط والغاز بالارتفاع، ضمن دورة إنتاج جديدة، فإن هذا التوازن سوف يتغير من جديد، كما هو الحال دائماً. ولكن إذا صحت بعض التوقعات التي تشير، إلى أن إنتاج الغاز الصخري، ربما يصل إلى ذروته بحلول عام 2027، ثم يبدأ بعد ذلك بالتراجع، فإن هذا سوف يغير المعادلة التي بدأت بعد تطور تكنولوجيا الحفر الأفقي والتطبيقات الجديدة لتقنية التكسير الهيدروليكي، والتي أدت إلى طفرة في إنتاج الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة، ضمن ما صار يعرف بثورة الغاز الصخري مع بداية الألفية الجديدة. إن هذه التوقعات إذا صحت، فإنها سوف تؤدي إلى توازن جديد في أسواق النفط. فالتوازن في هذه السوق منذ ثورة الغاز الصخري كان يشكل عامل ضغط على أوبك. ولكن إذا بلغ ذروة إنتاجه عام 2027، فإن استخراجه سوف يتقلص عاما عن آخر -وبغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط- وهذا مريح لأوبك وحلفائها.