مع اقتراب يوم الحادي والثلاثين من مايو 2025، يتجدد الموعد مع مناسبة بالغة الأهمية، اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ، في هذا اليوم تتضافر جهود منظمة الصحة العالمية مع قادة الصحة العامة والناشطين من كل زاوية في العالم، بهدف وحيد هو الكشف عن الأساليب الخفية والمدمرة التي تستخدمها صناعة التبغ، إنها دعوة عالمية لفهم أعمق لحقيقة الاستراتيجيات المخادعة التي تُصمم لجذب الأفراد نحو منتجاتها الضارة، خصوصًا الفئات الشابة والضعيفة من مجتمعاتنا. إن التبغ ليس مجرد عادة، بل هو آفة عالمية تزهق أرواح الملايين سنويًا، ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يتسبب تعاطي التبغ في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص حول العالم كل عام، منهم أكثر من 7 ملايين نتيجة للتدخين المباشر، وحوالي 1.3 مليون من غير المدخنين الذين يتعرضون للتدخين السلبي. إن هذه الأرقام الصادمة تسلط الضوء على حجم الأزمة وتؤكد الحاجة الملحة إلى تعزيز الجهود العالمية لمكافحة هذا الخطر المتنامي. فضح تكتيكات صناعة التبغ والنيكوتين تهدف حملة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لهذا العام إلى تسليط الضوء بقوة على الاستراتيجيات التي تعتمدها شركات التبغ والنيكوتين لإغراء الأفراد بمنتجاتها الضارة، مع التركيز بشكل خاص على استهداف الشباب، وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى تعزيز الوعي العام، والدعوة إلى تبني سياسات أكثر صرامة، ويتضمن ذلك حظر النكهات التي تزيد من جاذبية منتجات التبغ والنيكوتين، بهدف أسمى وهو حماية الصحة العامة للمجتمعات من هذا الخطر المتزايد. على الرغم من التقدم الملحوظ الذي أحرزه العالم في مكافحة التبغ، لا تزال صناعتا التبغ والنيكوتين تواصلان تكييف استراتيجياتهما الخبيثة لجذب المستهلكين الجدد والاحتفاظ بالقدامى، هذه الجهود المتواصلة تقوض كل ما بُذل من أجل الصحة العامة، وتستهدف بشكل خاص الفئات الضعيفة في المجتمع، وفي مقدمتها الشباب. وتشمل التكتيكات الشائعة التي تعتمدها هذه الصناعة، النكهات والمواد المضافة التي تعمل على تعزيز الطعم وإخفاء قسوة التبغ، مما يزيد من جاذبيته بشكل كبير، والتسويق المستهدف الذي يستخدم تصميمات أنيقة وتغليفًا جذابًا وحملات رقمية مكثفة لترويج المنتجات الضارة، وأخيرًا تصميم المنتجات الخادعة التي تُصنع لتبدو شبيهة بالحلويات أو الألعاب، في محاولة واضحة لجذب الأطفال والمراهقين بشكل مباشر ومخادع، وهذه التكتيكات لا تشجع على البدء في استخدام هذه المنتجات فحسب، بل إنها تزيد أيضًا من تعقيد عملية الإقلاع عن الإدمان، مما يرفع من خطر الوقوع في براثن الإدمان ويجلب عواقب صحية وخيمة طويلة الأمد. أوروبا والشباب وسياسات حماية أقوى كشفت بيانات المنطقة الأوروبية ل منظمة الصحة العالمية في عام 2022 عن ثغرات كبيرة في حماية الأطفال والشباب من السجائر الإلكترونية، فقد اتضح أن أربع دول فقط تفرض حظرًا شاملًا على جميع النكهات في السجائر الإلكترونية، بينما تسمح أربع دول أخرى بنكهات محددة أو تضع عليها قيودًا، والأكثر إثارة للقلق هو أن إحدى عشرة دولة فقط تحظر جميع أشكال الإعلان والترويج والرعاية للسجائر الإلكترونية، في حين تفرض ست وثلاثون دولة حظرًا جزئيًا، وتسمح ست دول أخرى بتسويقها دون أي قيود تنظيمية تذكر، هذه الثغرات التنظيمية الواسعة تجعل الشباب عرضة بشكل أكبر لتكتيكات التسويق المستهدف للسجائر الإلكترونية. يتزايد استخدام منتجات النيكوتين، مثل السجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين، بشكل مقلق بين الشباب. ففي عام 2022، قُدّر أن اثني عشر ونصف بالمائة (12.5%) من المراهقين في المنطقة الأوروبية قد استخدموا السجائر الإلكترونية، مقارنة بنسبة اثنين بالمئة (2%) فقط من البالغين. وتشير بيانات أخرى من منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 38 مليون شاب وفتاة تتراوح أعمارهم بين 13 و 15 عامًا حول العالم يستخدمون شكلاً من أشكال التبغ. في بعض البلدان، وصل استخدام السجائر الإلكترونية بين الأطفال في سن الدراسة إلى مستويات أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات من تدخين السجائر التقليدية، وهو ما يسلط الضوء بوضوح على اتجاه مقلق يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة على كافة المستويات. نحو مستقبل خالٍ من التبغ والنيكوتين يوفر اليوم العالمي للامتناع عن التبغ 2025 فرصة لا تقدر بثمن لتسليط الضوء على الاستراتيجيات الملتوية التي تؤدي إلى استمرار استخدام التبغ والنيكوتين، إنه يوم يدعو إلى تعزيز الالتزام الجماعي بالعمل نحو بناء مستقبل أكثر صحة، حيث لا يقع الشباب فريسة لتكتيكات صناعة التبغ، وحيث يتم حماية صحة الأجيال القادمة. الرسالة واضحة من منظمة الصحة العالمية، فلا بد من كشف هذه التكتيكات، وتوعية الجمهور، وتطبيق سياسات صارمة لحماية صحة الجميع. فكل عام، يُكلف التبغ الاقتصاد العالمي ما يقدر بنحو 1.4 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يؤكد أن مكافحة التبغ ليست مجرد قضية صحية، بل هي ضرورة اقتصادية واجتماعية ملحة.