هي أرض التاريخ ووجهة البهجة، وموطن السحر والجمال، وبنت القصيد .. إنها منطقة حائل، عروس الشمال.. ومفتاح الصحراء.. قبلة المغامرين والمستكشفين والجسر الذي يربط شمال المملكة العربية السعودية بجنوبها، فدائماً ما كانت حائل منيعاً عبر التاريخ، كونها تضم الجبلين الشهيرين جبل سلمى وجبل أجا. تشتهر حائل بموقعها الاستراتيجي الذي يعود إلى عصور قديمة، حيث تقع في قلب المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، وتبعد مسافات قريبة عن عدد من العواصم الخليجية والعربية. واليوم، تواصل حائل كتابة التاريخ عبر طفرة تطويرية وفرص استثمارية وتنمية مستدامة يجسدها منتدى حائل للاستثمار الذي ينطلق في 17 مايو المقبل، بما يلبي تطلعات القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، والحس القيادي الراقي لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل؛ لتصبح أرض الفرص والمستقبل، بمواردها وأهلها أغلى ثرواتها. إنجاز وراء إنجاز، هكذا هي عادة أهل حائل، أصحاب الهمم والأفكار والسبق إلى كل ما هو جديد ومبتكر، وكان آخر الإنجازات تتويج أمانة منطقة حائل بجائزة الحكومة الرقمية، لتخطو بقوة نحو مستقبل رقمي طموح. هذه المنطقة الفتية الغنية بكل شيء جميل، تتمتع بالجبال الشامخة والوديان الزاهرة والجمال الأخاذ، حيث تبلغ مساحتها 128,000 كم2، وهي التاسعة من حيث السكان على مستوى المملكة. وتتعاظم مكانة حائل في المساهمة بدورها ضمن رسم خريطة مملكة المستقبل، بإمكاناتها الكبيرة ومواردها الهائلة؛ لتصبح ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة، على المسارات السياحية والزراعية والصناعية واللوجستية، والتي تجعلها أرض الفرص والمستقبل. لوجستياً، يمكن قطع المسافة من حائل إلى العاصمة الرياض، في خمس ساعات تقريباً، بينما تحتاج إلى سبع ساعات للوصول إلى الكويت، وبغداد، وعمان. كما أنها تقع بالقرب من المدينةالمنورة ومكة المكرمة، حيث تبعد عنهما من ثلاث إلى خمس ساعات تقريباً. وتتميز حائل بخصائص جوية فريدة، إذ أظهرت الدراسات أن سماءها أصبحت وجهة رئيسة لشركات الطيران كونها أكبر نقطة تقاطع لطائرات العالم. أما جغرافياً، فتساهم وفرة المياه وجودة التربة في جعل حائل؛ تتمتع بميزة حيوية في الزراعة، إذ تتميز أراضيها بالخصوبة وصلاحيتها لزراعة الحبوب والشعير والفاكهة والخضروات والزيتون والنخيل والأعلاف وغيرها من المحاصيل. ومن أرضها الخصبة، ينبت كل الخير بما يؤهلها لزراعة محاصيل متنوعة ما بين غذائية وإنتاجية، لذلك فهي مؤهلة لتكون سلة المملكة الغذائية، وتعزيز أمنها الغذائي. ونجحت حائل في استثمار موقعها المثالي وثرواتها الزراعية الكبيرة في بناء مجتمع صناعي متطور ومستدام، وعملت على توطين صناعات غذائية متنوعة، وهذا ما يشجع على جلب المزيد من الاستثمارات في ظل وجود بنية تحتية صناعية وتكنولوجية قوية. كما تزهو حائل بيد الحداثة التي لا تستكين عن بلوغ الريادة في شتى المجالات؛ لتسمو المباني الحديثة، وتمتد الطرق المتطورة وتشيد الجسور، لتسهيل حياة المواطنين وفتح أبواب الاستثمار الواعد حيث تضفي هذه الخصائص، إلى جانب الموقع الاستراتيجي لحائل، لمسة فريدة على المنطقة. وتراثياً، تتميز حائل بشكل خاص بالكرم الحاتمي. فقد عُرف حاتم الطائي، الذي عاش في بلاد الجبلين، بكرمه العظيم وجوده اللامحدود، ولا تزال آثار منزله موضع اهتمام الزوار، حيث يمكنهم رؤية منطقة موقده الشهيرة التي كان يشعل فيها ناره على قمة مرتفعة ليلاحظها المارة ويكونوا ضيوفه. يظهر الكرم الحائلي في تصميم الشكل الجمالي للمنطقة، حيث توجد في ميادين الشوارع تماثيل لمبخرة ودلة عربية ترمز إلى تراث أهل المنطقة. كما تُعرف حائل بلهجتها المميزة، ومن أبرز عبارات هذه اللهجة المعبرة "حايل يا بعد حيي". ولا يقل جمال جبالها عن جمال أرضها، فطبيعتها مليئة بالخير وتتدفق منها الفرص السياحية والاستثمارية، ففي الأدهم، حيث ليالي القمرة وعروض الخيل، تزدهر تجربة فنية وتراثية لا تُنسى. ومع ألحان التاريخ التي تعزفها أنامل ذهبية بموروث الأجداد وروح الهوية الثقافية في الليالي النصفية من كل شهر هجري، فيما تكتمل المتعة ويزداد الانبهار بعروض الخير لفرسان وفارسات حائل، في بداية كل شهر عربي. وبرحلة عبر التاريخ، تأتي آلة الزمن في جبل أم سنمان، وموقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2015، وأحد أبرز مواقع الفن الصخري في السعودية، وتزين واجهاته الصخرية بنقوش بشرية تعود إلى فترات زمنية مختلفة، حيث يرجع أقدمها لأكثر من 12 ألف سنة، إلى بدايات العصر الحجري الحديث. وفي قلعة عيرف، على جبل عيرف، تنطق عمارة حائل، لتعكس ثراء مخزونها الحضاري منذ عام 1840م. أما مدينة فيد التاريخية، فهي إحدى مدن الحضارة الإسلامية القديمة، والتي كانت ثالث أهم المدن القديمة بعد الكوفة والبصرة، ملاذ الحجاج والمسافرين من الشمال نحو الجنوب. كما تضم حائل، موطن قبيلتي أسد وطيء، ويمكن للسائح مشاهدة آثار المدينة القديمة، ولا تزال أسوار حصن قصر خراش الأثري شاهدة على وقفات المسافرين، وتزودهم بالطعام والشراب في أرض فيد، التي اشتهرت بوجود عدد كبير من الآبار والبحيرات المائية، وشبكة قنوات ريٍّ تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة. وما زالت أرض حائل تحوي المزيد من الكنوز والأسرار التي تنفض غبارها بجهود التنمية والتطوير المستمرة؛ لتسبر أغوارها وتُخرج ثرواتها، ولتظل أرض الفرص والأحلام للجميع.