من اللافت ارتباط الفن الأدائي بالسلاح على امتداد المساحة السكانية للمملكة العربية السعودية، ويأتي هذا الارتباط بشكل انتقائي بين الفنون الأدائية، فليست جميع فنون الأداء يتناسب معها وجود السلاح، وفي هذا دليل على أن لكل فن طابعه وفلسفته الخاصة مما يشير إلى أن هناك طريقة تشكل مختلفة، ولذلك فمن الممكن من خلال هذه العلاقة وما يتبعها من استنتاجات تقسيم الفنون الأدائية حسب وظيفتها الأساسية التي ولدت بها وكانت السبب في طريقة أدائها وحركاتها وارتباطها بآلة موسيقية في أحيان كثيرة. تأتي ثقافة حمل السلاح المصاحب للفن الأدائي مرتبطة برؤية واعية بوظيفة السلاح المحمول سواء أكان من أنواع السلاح الأبيض المتمثل في السيف والجنبية والعصى أو السلاح الناري بالذخيرة الحية أو البارود من بنادق ومسدسات، فعلى مدى استخدام هذه الأسلحة في الفن الأدائي كان هناك ضابط ذاتي ووعي اجتماعي لحمل هذه الأسلحة واستخدامها في المناسبات إلا أنه ظهرت في فترات سابقة بعض التجاوزات المحدودة التي لم تكن معروفة من قبل مما أدى إلى صدور توجيهات بضبط هذه التصرفات، وهذا لم يفقد هذه الفنون طابعها ولا أهميتها فبقيت الأسلحة البيضاء والأسلحة البارودية الأكثر أمانا، ومنع استخدام الأسلحة النارية في المناسبات مما حافظ على توارث هذه الفنون وحافظ في الوقت نفسه على الأرواح التي يمكن أن تتعرض لخطر جراء خروج السلاح عن وظيفته. هذه الإجراءات حافظت على استدامة هذه الفنون بأعلى درجات السلامة الممكنة بإذن الله تعالي، ولكن هذه الفنون كما أنها بحاجة إلى مثل هذا الضبط هي بحاجة أيضا إلى مزيد من الدراسات التي تربطها بتاريخها الاجتماعي وعلاقتها بالبيئة وطبيعة الحياة وطابع المجتمع الوجداني، ويمكن القول أن الفنون المرتبطة بحمل السلاح بشكل رئيس جاءت لأن هذه الفنون كانت في أساسها حالة استنفارية اجتماعية لرد عدو أو لغزو جماعة أخرى ثم تحولت إلى فن أدائي يمارس في المناسبات الاجتماعية السعيدة من زواج أو قدوم مولود أو غيرهما من المناسبات. أما الفنون الأخرى فقد جاء كل فن مرتبط بأداء زراعي أو بحري أو بري مثل زراعة الأرض و»دوس» المحصول لاستخراج الحبوب وسحب الشبك من البحر لاستخراج السمك وإصدار الأصوات لإخافة العدو المحتمل والضواري المتوحشة المحيطة بمكان الجماعة مثل الدحة والخطوة، وهناك فنون ولدت نتيجة احتياج المجتمع للتسامر وقضاء الوقت بين الشعر الوجداني والحركات المعبرة عن هذا الشعور مثل السامري والمجالسي واللعب الشهري والدمة والخبيتي والينبعاوي والبحري وغيرها. هذه الفنون يمكن من خلال الدراسة أن تحصر وتقسم وفق تقسيم منهجي يربطها بكل ما ذكرنا، ويحدد مكانها وطريقتها ونشأتها المنبثقة من الهوية الخاصة للمنطقة، وهذا يعزز من القيمة الثقافية لهذه الفنون، ويجعل منها واجهة فنية ممثلة للتنوع الثقافي السعودي ويوثق تاريخها ورمزيتها وقيمتها وأهميتها وتطورها مع الحفاظ على فلسفتها وروحها.