المملكة تعزي السودان في ضحايا كارثة الانزلاق الأرضي بجبل مرة    "التجارة" تتيح للمنشآت التجارية والمتاجر الإلكترونية إصدار تراخيص تخفيضات اليوم الوطني 95    بوتين يعرب عن إمكانية إيجاد توافق بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا    أمير منطقة جازان يرعى تنفيذ لقاء الحرفيين والحرفيات بمناسبة عام الحرف اليدوية    الكلية التقنية التطبيقية بالرياض تنظم حملة للتبرع بالدم    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    مستشار وزير البلديات والإسكان يزور مركز عمليات التشوه البصري بأمانة الشرقية    أمير القصيم يستقبل نائب وزير الموارد البشرية وسفير جمهورية النيبال    روحانية العمرة وخدمات مكة المكرمة    الكشف عن الكرة الرسمية للموسم الجديد من دوري يلو    أمير المدينة يرعى الحفل الختامي لبرنامج حفظ ومراجعة القرآن الكريم    سماء المملكة على موعد مع خسوف كلي للقمر يوم 7 سبتمبر    المؤتمر الدولي للسكري والسمنة يستعرض العلاجات الحديثة بالذكاء الاصطناعي    سيرة من ذاكرة جازان: الدكتور حسن مشبري    وزير الشؤون الإسلامية يوجه بتخصيص خطبة الجمعة القادمة عن «حقوق كبار السن»    الأهلي يتفق مع نيس من أجل ضم دومبويا    الدولار يصعد وسط تحليق الذهب    رجال الإنقاذ في أفغانستان يسابقون الزمن    "فن المملكة".. إشراقات سعودية تسطع في بكين    أمطار ورياح على عدة اجزاء من مناطق المملكة    شاعر الراية يعود في موسمه الرابع.. ليالٍ من الشعر والجمال عبر شاشة السعودية    بالشراكة مع مؤسسة علي بن حسين بن حمران الأهلية؛ جمعية التنمية الأهلية بأبها تدشّن مشروع "أُلْفَة" في نسخته الأولى لتمكين التواصل الأسري.    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف على غزة    نزاهة تحقق مع 416 موظفاً حكومياً وتوقف 138 بتهم فساد    موجز    قرار السماح بوقوف سيارات الغير أمام المنازل.. صائب أم خاطئ ؟    1.5 مليار ريال إجمالي الاسترداد.. إعادة 10 رسوم للمنشآت الناشئة    العدل    بمشاركة النجم كريستيانو رونالدو.. وزير السياحة: إطلاق حملة عالمية لإبراز تنوع الفعاليات العالمية في السعودية    30 % انخفاض أسعار العقارات    غوتيريش يدين اعتقالات الموظفين الأمميين.. ومليشيا الحوثي: 11 وزيراً قتلوا في الغارة الإسرائيلية على صنعاء    الفتور النفسي    "أسد".. في دور العرض يونيو 2026    عراقجي يدعو إلى الحلول الدبلوماسية.. إيران تحذر من عواقب سياسية لإعادة العقوبات    مع استمرار الخلافات الداخلية والحزبية.. لبنان يواجه تحديات تطبيق قرار حصر السلاح    أَنا خيرٌ منه    «الحياة الفطرية»: الصيد في السعودية تحكمه القوانين    ولي العهد يستعرض مع الشيخ التطورات في فلسطين    الهلال يوقع رسميًا مع المدافع التركي يوسف أكتشيشيك    "القايد" راعيًا لقدم الخليج للموسم الثالث على التوالي    المملكة تشارك في معرض موسكو الدولي للكتاب 2025    مركز البنية التحتية بالعاصمة ينفذ أكثر من 28 ألف جولة رقابية خلال أغسطس    93.7 مليار ريال قيمة مدفوعات سداد خلال يوليو 2025    916% نموا بصادرات المملكة لأمريكا الوسطى    هيئة المتاحف تطلق معرض «روايتنا السعودية» من القصيم    الأخضر السعودي يدشّن تدريباته في معسكر التشيك    غسل البيض يحمي من السالمونيلا    دواء للتصلب اللويحي يشافي العظام    إبادة غزة مكتملة الأركان    المملكة تعزي أفغانستان    الحياة الفطرية تطلق موسم الصيد    زلزال أفغانستان: أكثر من 800 قتيل و2700 جريح    أمير منطقة جازان يعزي أسرة جابر الفيفي    سمو نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الإعلام بمناسبة تكليفه    «الشؤون الإسلامية» تواصل برامجها التوعوية للمعتمرين    غلاء المهور    كبسولة سعودية ذكية في عالم الطب الشخصي    انتشار «الفيب» بين الشباب.. خطر صحي يتطلب وقفة جادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين والعالم العربي.. قيم مشتركة وتبادلات ثقافية
نشر في الرياض يوم 11 - 03 - 2025

يشهد فيلم "نه تشا 2" الصيني، الذي يحكي قصة شخصية أسطورية صينية شهيرة من التراث الأدبي الصيني، نجاحًا باهرًا على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث تجاوزت إيراداته الإجمالية (بما في ذلك الحجوزات المسبقة والإيرادات الخارجية) 14 مليار يوان صيني، وساهم بأكثر من 70 في المئة من إيرادات شباك التذاكر لشهر فبراير في الصين.
وأثناء مشاهدتي لهذا الفيلم، جذبني بشدة مفهوم العائلة، حيث يعرض فيلم "نه تشا 2" داخل أحداثه صراع الصبي "نه تشا" مع والديه ووفاقه معهما، مبرزاً عمق المسؤوليات العائلية وروابط القرابة في الثقافة الصينية. وبالمثل، تحتل العائلة مكانة محورية في الحضارة العربية، التي تؤمن بأهمية الترابط العائلي، واحترام كبار السن، وتقاسم الأعباء والمسؤوليات. وهذا التقدير المشترك لقيم العائلة يعزز التفاهم الثقافي بين الحضارتين، ويخلق جسرًا عاطفيًا يقرب بينهما.
من جانبه، يرى يانغ بين، الأستاذ في قسم التاريخ بجامعة هونغ كونغ سيتي، أن الحضارات المختلفة تتلاقى، حيث تأثرت الحضارتان الصينية والعربية وتفاعلتا في المجالات المادية والفكرية، وهذا ساهم في تحقيق تناغم ثقافي امتد عبر الحدود الجغرافية.
واليوم، يشهد هذا التناغم الثقافي انتعاشًا جديدًا. فخلال السنوات الأخيرة، اكتسبت علاقات التعاون بين الصين والدول العربية، ومن بينها المملكة العربية السعودية، زخمًا كبيرًا من حيث التبادل الثقافي والتفاهم المشترك. فليس مفهوم العائلة سوى جزء صغير من هذا التفاعل العميق. ومع تزايد التبادلات في مجالات مثل الفنون التقليدية، أصبح التفاعل بين الحضارتين أكثر حيوية وإلهاما.
يصادف هذا العام الذكرى ال35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية، ويجسد العام الثقافي بين البلدين. وفي السعودية، يشهد تعليم اللغة الصينية ازدهارا ملحوظا، وهذا يعكس الحيوية المتزايدة للتبادل الثقافي بين البلدين. ومنذ أن أدرجت السعودية اللغة الصينية في مناهجها التعليمية عام 2019، باتت أكثر من 100 مدرسة وجامعة سعودية تقدم دورات متخصصة في هذه اللغة. ولا شك أن رؤية الطلاب السعوديين وهم يكتبون المقاطع الصينية بدقة ويتحدثون الصينية بطلاقة تجعلني أدرك بعمق مدى قوة التفاهم الثقافي.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تعد "المدرسة الصينية في دبي"، أول مدرسة صينية بدوام كامل خارج الصين، وتقوم إلى جانب الدراسة الأكاديمية بدمج عناصر عيد الربيع الصيني التقليدي في مناهجها، من خلال تعليم الطلاب الشعر الكلاسيكي والألغاز اللغوية وفن صناعة الفوانيس. كما تقدم المدرسة اللغة العربية كمادة خاصة للدراسة، إلى جانب دورات متخصصة في اللغة الصينية لسكان الإمارات، وبهذا تساهم في بناء جسر دافئ من التواصل الثقافي بين الصين والعالم العربي.
ولطالما لعبت الترجمة دورًا مهمًا في تعزيز التفاهم المتبادل، حيث قام الباحث الصيني ما جيان خلال دراسته في مصر بترجمة "حوارات كونفوشيوس" إلى العربية، فيما تمت ترجمة العمل الأدبي العربي "ألف ليلة وليلة" إلى الصينية وأصبح معروفا على نطاق واسع بين الصينيين. واليوم، تكرس مؤسسات ثقافية في العالم العربي جهودها لترجمة كتب وروايات صينية إلى العربية، لتفتح بذلك نافذة أمام القراء العرب للتعرف بشكل أكبر على الصين عبر النصوص المكتوبة.
وفي عام 2024، استضاف متحف القصر الإمبراطوري في بكين معرض "العلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية"، إذا أتاح للجمهور الصيني فرصة لاكتشاف عمق ثقافة السعودية وتاريخها بشكل مباشر. وخلال موسم الرياض السنوي، أُضيئ الحي الصيني ب"اللون الأحمر الصيني"، حيث جذبت عروض قوارب التنين والألعاب البهلوانية الزوار السعوديين. كما تم تنظيم مهرجان السفر السعودي في "المعبد السماوي" ببكين، ليعيش الزوار الصينيون تجربة ثقافية سعودية غامرة.
وبالإضافة إلى ذلك، أقيمت فعالية "ليالي الفيلم السعودي" في بكين وشانغهاي وسوتشو، وحظيت بترحيب واسع، فيما لاقت "ليالي الفيلم الصيني" في جدة استقبالا حافلا. كما شهدت الدورة السادسة من المهرجان المسرحي الدولي التي أقيمت خلال عام 2024 في داليانغشان بالصين تمازجا رائعا بين الفنون الصينية والعربية. ومنذ 11 عامًا، تستضيف الصين فعالية "التقاء الفنانين في طريق الحرير"، حيث يزور فنانون عرب الصين، ويتفاعلون مع نظرائهم الصينيين عبر أعمالهم الإبداعية.
في الواقع، تولي الدورتان السنويتان للهيئة التشريعية العليا والهيئة الاستشارية السياسية العليا في الصين اهتماما بالتبادلات الثقافية والشعبية، حيث أكد تقرير عمل الحكومة للدورتين السنويتين عام 2024 بوضوح على ضرورة تعميق التبادلات الثقافية بين الصين والعالم. وقد طرح المشرعون والمستشارون السياسيون اقتراحات بناءة حول هذا الموضوع، مؤكدين أهمية احترام تنوع الحضارات العالمية وتبني رؤية حضارية تقوم على المساواة والتواصل والحوار والتسامح، وتعزيز التفاعل من خلال أشكال متعددة. ومن المتوقع أن تظل التبادلات الثقافية والشعبية أحد الموضوعات الرئيسية في الدورتين السنويتين لعام 2025 المزمع انعقادهما قريبا.
واستجابة للتغيرات التي تواجه تنمية الحضارة العالمية، طرحت الصين مبادرة الحضارة العالمية، التي تدعو إلى احترام تنوع الحضارات العالمية وتعزيز القيم الإنسانية العالمية والتركيز على تراث الحضارة والابتكار فيها وتعزيز التبادلات الثقافية والشعبية الدولية.
إن التفاهم الثقافي بين الحضارات لا يعني بالضرورة التشابه، بل يكمن في اكتشاف الجمال في روعة التنوع. كما أن جوهر التفاعل بين الحضارتين الصينية والعربية يكمن في إيجاد القيم والرموز الثقافية المشتركة عبر التبادل والتفاعل. وهذا لا يعد تقديرا للماضي فحسب، بل يمثل أيضا استشرافا لمستقبل مشرق.
وأنا على يقين بأن التعاون الثقافي بين الصين والدول العربية سيزداد ازدهارا، ليشمل مجالات أوسع، محققا نتائج مثمرة. فمثل هذه التبادلات لا تساعد فقط في فهم ماضينا، بل تسهم أيضًا في ازدهار الثقافة العالمية وتعزيز التواصل بين الحضارات.
* محلل سياسي وصحفي بوكالة أنباء الصين (شينخوا)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.