لا أشك أبداً أن متعة العمل الأول، متعة اللقاء الأولى، الرشفة الأولى كما أشار إليها الكاتب الصديق أحمد السماري في قراءته لرواية خلل الرمادي للكاتب السعودي إبراهيم المبرك، تمثل الشهقة الأولى، أو الزفرة الأولى التي تتشابه من حالة الولادة، تلك الولادة التي ربما تكون عصية في أوقات، قيصرية أحياناً، وسهلة وقليلة الألم في أوقات. لكن في كل الأحوال يظل الألم ملازماً لنبض الحياة المتجدد، الألم الذي يرتبط بكل شيء في الحياة، حتى المتعة، لأن المتعة بطبيعتها تكون مصاحبة للألم، والدموع في أوقات، ونحن نشاهد كثيراً، كيف للحظات الفرح، لحظات الانتصار، ولحظات الفوز، كيف تكون الفرحة بها مصاحبة للدموع، يفرح الشخص فيصاحبه بكاء الفرح، تلك هي جدلية المتعة المرتبة بالألم، أعتقد أنه قلما نجد متعة في معزل عن الألم، لأن النقيضان هما من يصنعان تلك اللحظة الماتعة، الموغلة في النشوة، يقول شاعر اليتيمة، المنسوبة لدوقلة المنبجي: فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضد فالأضطاد يصنعان تلك الحالة التي أرد الحديث عنها، أو الإمساك بزمامها، حالة من خليط المشاعر التي من الصعب وصفها، وهو ذات الشعور الذي انتابني عن انتهائي من كتابة روايتي الأولى، ومجموعة القصصية الأولى التي تبعها 5 مجموعات وإصدارات أخرى، الفرق بين الرواية أنها عمل واحد، حكاية سردية طويلة، بها العديد من الشخوص والأحداث الكثيرة المتشعبة، أما القصة القصيرة فهي عكسها، حكاية قصيرة، وحدث وشخصيات محدودة، حتى لو انفتحت على أحداث كثيرة ضمنية، وهنا تجعلنا نشعر بالنشوة مع الانتهاء من أخر دفقة في القصة، "القفلة" التي تختتم بها نصك القصصي. الكتابة متعة، تشعرك بوجودك، بكينونتك، أنك تصنع عالماً، وأنك تقرر مصائر أبطالك، وحيواتهم المتعددة، لكنها لا تكون كذلك إلا في حال أن تكون ككاتب شغوفاً بها، وتعيش حالاتها ومزاجيتها، وجميع عوالمها، لكنها في الختام تترجم حجم موهبتك، ومقدرك على صناعة الحدث الكتابي الكبير أياً كان نوع إبداعك.. مودتي للجميع.