في الجنة قصور ومساكن وغرف ليست كقصور الدنيا المعروفة لنا ببحيراتها وشرفاتها وزخرفتها وحدائقها ونافورتها واتساعها وجمالها وخدمها، لا بل هي أعظم وأكبر وأعلى من كل ذلك والقياس مع وجود الفارق فهي مساكن وغرف طيبة حسنة. وإن الله تعالى قد وعد عباده المؤمنين الصالحين المتقين بمساكن طيبة في الجنات ثوابًا على أعمالهم الصالحة في الدنيا وقد بنى الله لأهل الجنة مساكن طيبة حسنة قال الله تعالى: )ومساكن طيبة في جنات عدن) أي تستطيبها النفوس أو يطيب فيها العيش، وهي عبارة عن قصر من لؤلؤة حمراء في الجنة ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراء في كل بيت سبعون مائدة في كل مائدة سبعون لوناً من كل طعام في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة فيعطى المؤمن من القوة في كل غداة ما يأتي على ذلك كله. وبين الله تعالى بأن هذه المساكن غرف مبنية بعضها فوق بعض وهي القصور طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات بالإضافة إلى إن الله وصف لأهل الجنة أنهم سوف يكونون في أمن وسلامة ولا يخافون شيئاً في الجنة وفي مساكنهم التي يسكنونها وهم في منازل الجنة العالية أمنون من كل بأس وخوف ومن كل شر يحذر منه. وقد سمى الله عز وجل في مواضيع أخرى من كتابة هذه المساكن بالغرفات وهي غرف الجنة التي تكون فيها منازل عالية ودرجة رفيعة، وهي من حسنها وهبائها وصفائها يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها وباطنُها من ظاهرِها أعدَّها اللهُ لمَنْ أطعم الطَّعامَ وأفشى السَّلامَ وصلَّى بالليلِ والنَّاسُ نيامٌ» فهي شفافة لا يحتجب من فيها، ولا يخفى عنها من خارجها، كما أنها عالية، ومن علوها وارتفاعها، أنها ترى كما يرى الكوكب الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار وهذه الغرف كناطحات سحاب جميلة وعجيبة. كتاب صفة الجنة ونعيمها/ المؤلف: رشيد ليزول