تزايدت وتيرة الهجمات التي يشنها تنظيم داعش في البادية السورية بشكل لافت مؤخراً، لتثار العديد من الأسئلة عن الأسباب ودلالات التوقيت، والرسائل التي يريد التنظيم إيصالها. ووجهت الحكومة السورية أصابع الاتهام نحو الولاياتالمتحدة، وأنحت باللائمة عليها في هجوم ريف دير الزور شرق البلاد، أحدث الهجمات التي استهدفت قواتها وأكثرها دموية منذ بداية العام الجاري. وقالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في بيان إن "جريمة قوات الاحتلال الأمريكي وتنظيماتها باستهداف حافلة للجيش العربي السوري بريف دير الزور، تأتي في إطار التصعيد الأمريكي" ضد سيادة سوريا واستقلالها، "وفي سياق دعم ورعاية الولاياتالمتحدة للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي". ووصفت الهجوم بأنه "جريمة جديدة، حيث استهدفت هي (القوات الأمريكية) وتنظيماتها حافلة تقل عدداً من عناصر الجيش العربي السوري جنوب شرق دير الزور، ما أسفر عن مقتل عدد من العسكريين وإصابة آخرين". وأضافت الوزارة أن هذه العملية تأتي "في سياق دعم ورعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، وتوظيفها له وللميليشيات الانفصالية العميلة لها كأداة لتنفيذ مخططاتها"، مشيرة إلى "أن هذا العمل الإجرامي يتزامن مع النهب الأمريكي المستمر لثروات سورية النفطية والزراعية، وزيادة الضغوط الاقتصادية على الشعب السوري، بهدف إطالة أمد احتلالها ومواصلة زعزعة أمن واستقرار المنطقة بأسرها". ومن جهته، لفت المرصد السوري إلى أن هجوم داعش، هو الثاني هذا الأسبوع بعد هجوم آخر في الرقة والثالث منذ بداية الشهر الجاري، واصفا العملية التي وقعت تحديدا على طريق دير الزور – حمص بأنها الأعنف خلال عام 2023. واعتبر رامي عبد الرحمن ، مدير المرصد ، في تصريحات تلفزيونية أن هذه الهجمات "دليل واضح على أن هناك من يريد إعادة تنظيم داعش إلى الواجهة... قد تكون أمريكا وقد تكون إيران، في النهاية هناك المستفيد من أن يوقع خسائر بشرية في صفوف قوات النظام، هناك من يعجل بانهيار كامل لسوريا". وتابع :"هناك صراع روسي أمريكي على الأراضي السورية، هناك صراع إيراني تركي على الأراضي السورية، ولكن بالنهاية الضحايا هم من السوريين والأراضي المستباحة هي أراضي سوريا، عندما نتحدث عن قوات إيرانية منتشرة في البادية، هناك على بعد عشرات الكيلومترات من هذه القوات في البادية أيضا قوات أمريكية...شمال هذه المنطقة (توجد) قوات أمريكية، قوات روسية، قوات تركية". وتوقع عبد الرحمن تزايد وتيرة الهجمات "ومعركة قادمة إذا لم تتوصل إيرانوالولاياتالمتحدة إلى تفاهم بخصوص الحدود السورية العراقية، سوف تحرك الولاياتالمتحدة مقاتلين سوريين لاستهداف القوات الإيرانية في البادية السورية تحت ذريعة استهداف خلايا داعش النائمة". ورأى مدير المرصد السوري أن "هناك من أعاد تنظيم داعش، فهو لم يعد ترتيب صفوفه، هو موجود في البادية السورية" منذ فترة. وقدر عدد عناصر التنظيم بنحو ثلاثة آلاف في تلك المنطقة، التي تشكل نحو نصف مساحة الأراضي السورية. مناطق الجيش الأميركي وربما يتطابق تحليل مدير المرصد السوري مع تصريحات نسبتها وكالة سبوتنيك الروسية لمصدر عسكري سوري ، لم تكشف عن هويته ، تحدث فيها عن ملابسات الهجوم الذي استهدف قوات الجيش قبل نحو أسبوع في محافظة الرقة، وأكد أن منفذيه "جاؤوا من مناطق الجيش الأمريكي وانسحبوا إليها"، في إشارة لرعاية وتسهيل القوات الأمريكية لمثل هذه الهجمات. وبحسب القوات الحكومية السورية لا تزال مناطق في بادية دير الزور الجنوبية والشرقية تشكل ملاذا لعناصر داعش، إلى جانب طريق دمشق دير الزور جنوب غرب دير الزور. وارتفعت حصيلة ضحايا القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها خلال العمليات العسكرية ضمن البادية السورية منذ مطلع العام الجاري إلى نحو 240 قتيلا، وفقا للمرصد السوري. وعلى الرغم من أن داعش خسر أخر المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا في عام 2019، فإنه يحتفظ بوجوده في بعض الجيوب في الصحراء السورية الشاسعة والتي يتخذ منها منطلقا لنصب أكمنة للجيش السوري أو شن هجمات مباغتة. وأعلن التنظيم، المصنف إرهابياً في العديد من دول العالم، مطلع الشهر الجاري مقتل زعيمه أبو الحسين الحسيني القرشي، في اشتباكات بشمال غرب سوريا، وسمى خليفة له. ويرى محللون أنه في ظل متغيرات متلاحقة على سياسات دول فاعلة في المنطقة، ومع ازدياد حدة الاستقطاب وتعدد ساحات الصراع الروسي الأمريكي بداية من الأراضي الأوكرانية مرورا بأفريقيا وصولا إلى سوريا، ستشهد الأيام المقبلة المزيد من التطورات في الأراضي السورية؛ في هذا البلد الذي تسببت الحرب الأهلية فيه في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وتشريد أكثر من نصف مواطنيه.