الناس يمر بهم أحياناً عدم ارتياح للواقع ويتمنون تغييره، فبعض الأشياء نجد أنفسنا داخل جلبابها أو نكون أسرى لها ليست من اختيارنا، علماً أنها جزء منا ونحن جزء منها، سواء ما يتعلق بالعلاقات أو الأوضاع البيئية أو مجالات الكسب أو غيرها والأمثلة لا حصر لها. فليس من السهل تغيير كل شيء، مثلما أن الأنف وهو (الخشم) ليس من الممكن تغييره بأنف آخر إذا لم يعجبنا عرضه وطوله وشكله أو كان فيه عوجاً في نظرنا. واختير في هذا التشبيه والمثل الشعبي: الخشم، لأنه أبرز ما في وجه الشخص وأكثر ما يوصف وأول ما يرى منه عند اللقاء. وإلا فإنه يمكن التشبيه باللون والقامة واليد والرجل.. إلخ. وغرض المثل تقديم حل مقنع لمن لم يرضَ بالواقع، وهذا الحل هو التعايش مع الوضع القائم، فالواقع أحياناً يفرض على الناس قبوله كما هو، بل ربما كان في قبوله صلاح الأمر فليس مؤكداً أن غيره أكثر نفعاً منه حتى ولو كان في نظرنا كذلك. إذا جاء المثل الشعبي القائل «مالك إلا خشمك ولو هو أعوج» ليؤكد ناحيتين، الأولى: أن في الحياة أوضاعاً ثابتة البقاء لا يمكن تغييرها، ومن العبث ضياع الوقت في التفكير في التغيير، وأن القبول بها هو الأصح، ولا يعني ذلك الدعوة إلى السلبية والاستسلام لما يمكن تطويره وتغيير، فلا أحد يقول بالجمود. والثانية: أن الناس لا يمكنهم تغيير وضعهم ولا وضعك، فهم يقولون لك هذا المثل لتعرف أنهم في بعض الأحوال عاجزون ولا يقدرون على كل شيء تريده منهم. ومن رضي بالواقع وتعايش معه أمكنه أن يلتفت لجوانب يمكن تغييرها والاستفادة منها. فبدلاً من الوقوف عند تغيير الخشم الأعوج، يكرس الجهود للارتقاء بالخبرات والأخلاق وكسب المعالي، فاقبل العوج في شيء على أنه لن يؤثر في مسيرتك نحن الأفضل. لهذا تأكد في حياتك أنه «مالك إلا خشمك ولو هو أعوج»، فاستمتع بمقدراتك ولو فيها عوج. يقول الشاعر محمد بن محماس المطيري: أليا طلع لك علةٍ من قرايبك أثبت على نهجك وطيبك ومبداك الصبر لو يطول ما هو معيبك العيب لا سديت عينك بيمناك لا تحارب أقرابك وتكثر طلايبك إياك وأيا طلبةٍ تفرح اعداك إن كانها صارت قريبة حضايبك كل البشر قامت تذمك وتشناك أعضاك لو تحتاج قامت بواجبك من دونها يا كبر همك وبلواك لو كل عضوٍ تقطعه يوم يتعبك والله ما يقعد فيك عضوٍ من أعضاك وإليا فقدت أعضاك محدٍ براغبك كلٍ أليا شافك على الضعف خلاك «مالك سوى خشمك ومفروض يعجبك» لو كان شكله ما يجمل محياك