أكدت «قمة الأمن والتنمية» في جدة للعالم دور المملكة القيادي والحيوي في المنطقة على مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والامنية وفي كل مايتعلق بمنطقة الشرق الاوسط والتنمية المستدامة فيه. وكشفت القمة أن الرئيس بايدن أدرك أن فكرة الاستدارة نحو آسيا والمحيط الهادئ والانسحاب من الشرق الأوسط كانت خاطئة، حيث لا يمكنه ترك فراغ تشغله الصين وروسيا، كما قال مدركاً أن العالم العربي لديه الكثير من عناصر القوة الاقتصادية والجيوسياسية، إضافة إلى تأكيده على متانة الدور السعودي المحوري في قيادة المنطقة، بما تملكه من عناصر قوة، لها دورها في رأب الصدع الاقتصادي والسياسي في منطقة دخلت عنوة في قلب الصراع الدولي. تشكل زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية ومشاركته في قمة جدة منعطفاً مهما في سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط، ويتجسد هذا المنعطف الذي يعد خطوة نحو إنشاء تحالف خليجي عربي بمشاركة الولاياتالمتحدة؛ لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية في المنطقة، والتصدي للتحديات الاقتصادية والأمنية والبيئية وأمن ومسارات الطاقة للجميع، لتلعب السعودية دوراً استراتيجياً في قيادة المرحلة المقبلة وما يليها. لقد حققت القمة توافقاً حول العمل على تحقيق التوازن في سوق الطاقة، وفتح المجال الجوي للمملكة للطائرات المدنية وفقاً لشروط مسبقة وضعتها المملكة العربية السعودية، ونال هذا القرار ارتياحاً عالمياً، في الوقت ذاته العمل إلى جانب المملكة مع القوى العالمية لتحجيم الجانب الإيراني في المنطقة، إضافة للملف النووي، وستعمل الإدارة الأميركية مع الإدارة السعودية على حل النزاع في اليمن. لقد أسفرت القمة تفاهمات حول أمن الطاقة والأمن الاستراتيجي ودعم الأمن الغذائي، إضافة إلى أمور ثنائية كثيرة حصلت على هامشها بين الولاياتالمتحدة والدول المعنية، ومن ثم فنحن أمام انطلاقة جديدة لعلاقات أفضل أمريكية عربية بعد هذه القمة. وشدد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد خلال القمة، على ضرورة مواجهة التحديات الكبرى التي تعرض لها العالم مؤخراً بسبب جائحة كورونا، مشيراً إلى أن الأوضاع الجيوسياسية، تستدعي مزيداً من تضافر الجهود الدولية لتعافي الاقتصاد العالمي وتحقيق الأمن الغذائي والصحي، كما يشهد العالم تحديات بيئية وعلى رأسها التغير المناخي، التي تقتضي التعامل معها بواقعية ومسؤولية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تبني نهج متوازن وذلك بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة. وبيّن أن مستقبل المنطقة يتطلب تبني رؤية تضع في أولوياتها تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار وتركز على الاحترام المتبادل بين دولها، داعياً إيران باعتبارها دولة جارة إلى التعاون مع دول المنطقة لتكون جزءاً من هذه الرؤية من خلال الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لقد أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها على قيادة المنطقة، بما تملكه من أدوات ومقومات اقتصادية واستراتيجية وسياسية، إضافة لدورها المحوري العربي، وريادتها وصدقيتها، مما كان له الأثر الأكبر في خلق تحالف عربي خليجي عالمي لمواجهة التحديات الدولية وتداعياتها التي ألقت بظلالها القاتمة على العالم بأثره، إلى جانب كلمتها المسموعة فيما يتعلق بالطاقة، وربطها بالتنمية الشاملة في دول العالم بوجه عام، ودول المنطقة العربية بشكل خاص، بعيداً عن لغة التهديد والنبذ والفرقة، بل بخطط مدروسة أثبتت نجاعتها وقدرتها على تغيير الواقع المؤلم، ومواجهة الصعوبات، فكانت نظرة المملكة شاملة للم تقتصر على المنفعة الذاتية، بل أرادت لها أبعاداً عالمية وإقليمية، جعلها محل تقدير دولي.