توفي رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، أطول رئيس للوزراء بقاء في سدة الحكم بالبلاد، أمس الجمعة بعد ساعات من تعرضه لإطلاق نار في أثناء حملة انتخابية، في بلد يعد العنف السياسي فيه نادر الحدوث ويفرض قوانين صارمة لحيازة الأسلحة. وقالت وسائل إعلام يابانية إن رجلا فتح النار على آبي (67 عاما) من الخلف بمسدس محلي الصنع على ما يبدو بينما كان يلقي كلمة في مدينة نارا بغرب البلاد. القبض على مشتبه به.. وإدانة عالمية واسعة وهذه أول عملية اغتيال لرئيس وزراء ياباني حالي أو سابق منذ عام 1936. وسعى الأطباء جاهدين لإنقاذ حياته لكنه توفي في الساعة 5:03 مساء، بعد نحو خمس ساعات ونصف الساعة من تعرضه لإطلاق النار. وقال طبيب خلال مؤتمر صحفي إذاعة التلفزيون إن آبي نزف حتى الموت متأثراً بجرحين بالغين أحدهما في الجانب الأيمن من رقبته. ولم تكن لديه علامات حيوية عندما وصل إلى المستشفى. وقبل إعلان وفاة آبي، أدان رئيس الوزراء الحالي فوميو كيشيدا إطلاق النار "بأقوى العبارات"، بينما عبر الشعب الياباني وزعماء العالم عن صدمتهم من عملية الاغتيال. وقال كيشيدا وهو يحاول السيطرة على مشاعره "هذا الهجوم هو عمل وحشي حدث خلال الانتخابات - أساس ديموقراطيتنا - وهو أمر لا يغتفر على الإطلاق". وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على رجل يبلغ من العمر 41 عاما يشتبه في أنه نفذ الهجوم. ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون عن المشتبه به ويدعى تيتسويا ياماجامي قوله للشرطة إنه كان غير راضٍ عن آبي وأراد قتله. وكان آبي يلقي كلمة في فعالية انتخابية خارج محطة قطار عندما سُمع دوي طلقتين في نحو الساعة 11:30 صباحا (02:30 بتوقيت غرينتش). وشوهد مسؤولو الأمن بعد ذلك وهم يتعاملون مع رجل يرتدي قميصا رماديا وسروالا بني اللون. وقال رجل الأعمال ماكوتو إيتشيكاوا، الذي كان في مكان الحادث، لرويترز "كان هناك دوي قوي ثم دخان" مضيفا أن السلاح كان بحجم كاميرا التلفزيون. وأضاف "في الطلقة الأولى، لم يعرف أحد ما كان يحدث، ولكن بعد الطلقة الثانية، تصدت له ما بدت أنها قوة خاصة". محاولة إنقاذ يائسة في وقت سابق، أظهرت صورة لوكالة كيودو آبي راقدا على الأرض في الشارع ووجهه للأعلى والدماء تغرق قميصه الأبيض. وكان الناس متجمعين حوله وقام أحدهم بتدليك للقلب. قال هيديتادا فوكوشيما، الأستاذ المسؤول عن طب الطوارئ في مستشفى نارا الجامعي: إن آبي تلقى أكثر من 100 وحدة من الدم في عمليات نقل على مدى أربع ساعات إذ كان ينزف من جرح في القلب. ووصل إلى المستشفى وهو مصاب بسكتة قلبية ولم يستعد وعيه أبدا. ويعتقد أيرو هينو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة واسيدا، أن إطلاق النار هذا لم يسبق له مثيل في اليابان. وقال "لم يحدث أبدا شيء كهذا من قبل". ويرافق أفراد أمن مسلحون كبار السياسيين اليابانيين، لكنهم غالبا ما يقتربون من الجمهور، خاصة في أثناء الحملات السياسية عندما يلقون خطبا في الشوارع ويصافحون المارة. وفي العام 2007، تعرض حاكم ناغازاكي لإطلاق نار على يد أحد أفراد عصابات الياكوزا مما أودى بحياته. واغتيل رئيس الحزب الاشتراكي الياباني خلال خطاب ألقاه عام 1960 على يد شاب يميني بسيف ساموراي قصير. وتعرض عدد قليل من السياسيين البارزين بعد الحرب لهجمات لكنهم لم يصابوا بأذى. وأفادت الشرطة بأن المشتبه به في تنفيذ الهجوم من سكان نارا. وقالت وسائل إعلام إنه خدم في الجيش الياباني حتى 2005. وامتنع وزير الدفاع نوبو كيشي شقيق آبي عن التعليق. وشغل آبي منصب رئيس الوزراء لفترتين وتنحي في عام 2020 بسبب اعتلال صحته. لكنه ظل حاضرا ومهيمنا على الحزب الديموقراطي الحر الحاكم إذ يسيطر على أحد فصائله الرئيسة. وقال محللون: إن كيشيدا، تلميذ آبي، كان يأمل في استغلال الانتخابات للخروج من ظل آبي ورسم معالم رئاسته للوزراء. وعلق كيشيدا حملته الانتخابية بعد إطلاق النار على آبي. ونددت جميع الأحزاب السياسية الرئيسية بالهجوم. إدانة عالمية دان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين اغتيال آبي "الزعيم صاحب الرؤية". وأكد خلال لقائه مع نظيريه الياباني والكوري الجنوبي على هامش اجتماع مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا أن آبي "رفع العلاقات بين بلدينا والولاياتالمتحدةواليابان إلى أعلى المستويات ". وكان بلينكن وصف الهجوم على آبي بأنه "لحظة حزينة جدا"، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة "حزينة جدا وقلقة جدا". ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مقتل شينزو آبي "خسارة لا تعوض". وقال بوتين في برقية تعزية وجهها إلى والدة شينزو آبي وأرملته، حسب بيان الكرملين "أتمنى لكم (...) الشجاعة في مواجهة هذه الخسارة الفادحة التي لا يمكن تعويضها". وأضاف أن "ذكريات جميلة لهذا الرجل الرائع ستبقى إلى الأبد في قلوب من عرفوه". وأشاد الكرملين "برجل وطني عظيم"، معربا عن "تعازيه العميقة للشعب الياباني". وقال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول: إن اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق "عمل إجرامي غير مقبول". وأضاف في بيان "أعبر عن التعاطف والتعازي لأسرته ولشعب اليابان في خسارة رئيس الوزراء والسياسي المحترم الأطول خدمة". بدورها أكدت الصين قبل إعلان وفاة آبي، أنها "صدمت" من الهجوم على آبي. وقال المتحدث باسم الوزارة تشاو ليجيان في مؤتمره الصحافي الدوري "نراقب تطور الوضع ونأمل أن يتم إبعاده عن الخطر وأن يتعافى في أسرع وقت ممكن". واستنكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تغريدة "القتل الجبان والوحشي" لآبي الذي وصفته بأنه "هو ديموقراطي عظيم ومدافع عن نظام عالمي متعدد الأطراف" شكل الاعتداء عليه "صدمة للعالم بأسره". من جهته قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "لن أفهم أبدا القتل الوحشي لهذا الرجل العظيم. الأوروبيون يشاركون اليابان الحداد". وأضاف أنه علم بوفاة السيد آبي "بأسف عميق". آبي ملقى على الأرض بعد تعرضه لإطلاق النار (رويترز)