لكل عقد من الزمن بريق خاص وعبق مختلف، خاصة في شهر رمضان الكريم فهو شهر تتوارث به العادات والقيم، والتقاليد التي تميز كل منطقة عن غيرها، وايضاً العبادات على اختلافها، عادات شعبية وقيم ثقافية سعودية تبرز في الشهر الكريم منذ يومه الأول. من برقيات الإعلام بدخول الشهر الكريم الى ترقب مدفع الإفطار، كان الأهالي قديماً يدركون قيمة هذا الشهر المبارك الذي ينفرد عن غيره من الشهور، ومن هذا المنطلق فإنهم يتأهبون ويستعدون أتم الاستعداد لاستقباله أفضل استقبال. كان الشهر قديماً يرتكز على التواصل وصلة الأرحام، فلا يكمل هذا الشهر الا بزيارة الأهل و الأقارب، كما تكثر ولائم الإفطار والسحور، وتكون العائلة على تواصل مستمر طوال هذا الشهر لينتهي شهر رمضان بتقارب أكثر. وكانت صلاة التراويح اجتماعهم الثاني بعد الإفطار، ليأتي بعدها "التلفاز" الذي يجتمع امامه افراد العائلة من الصغار والكبار مستمتعين بالبرامج الرمضانية المنتشرة في ذاك الحين وباللونين الأبيض والأسود، واما عن ربات المنازل فيجتمعن بالمطبخ بعد ان أعدوا أشهى الأطباق الرمضانية ويقمن بالتنظيف والترتيب وسط ضجيج من الضحك والأحاديث المُبهجة. وعلى العكس من ذلك، يشهد شهر رمضان اليوم قلة تواصل وقلة في الزيارات بشكل كبير، حيث اصبحنا نكتفي بالتهنئة عن طريق المكالمات او الرسائل عبر برامج التواصل الاجتماعي التي سهّلت التواصل فيما بيننا، كما ان جائحة كورونا ساهمت في تقليل تلك الزيارات وخلقت فجوة جعلت من العوائل يفضلون الصيام لوحدهم وبنطاق الأسرة المتواجدة داخل المنزل فقط، كما ان احد الأسباب التي ساهمت بالتقليل من الزيارات هي السفر الرمضانية التي اصبحت صورة تنشر في وسائل التواصل الاجتماعي للتباهي والتفاخر، حتى اندثرت عادة السفر الرمضانية البسيطة ليصل بها الحال الى سفر مكلفة مادياً، معتمدة على اصناف من الأكل والحلويات الوفيرة، والوان وانواع كثيرة من الأواني المنزلية التي اصبحت اليوم اهم مكملات السفر الرمضانية. تؤكد احدى كبيرات السن ان سُبل الراحة اليوم باتت اكثر من السابق، حيث توفر اليوم اهم الأدوات التي تسهّل وتقلل من الجهد المبذول كما في السابق، مثل الأجهزة اليدوية والكهربائية، وايضاً العاملات المنزلية التي تتواجد اليوم في الكثير من المنازل. كما ان التكنولوجيا ساهمت بانتشار العادات التي كانت غير معروفة الا عند اهالي المنطقة نفسها، ليصبح رمضان اليوم مزيجاً من الثقافات المتعددة. ومع التنوع والاختلاف الكبير بين العادات قديماً واليوم، لا شك ان لرمضان روحانية كبيرة وخاصة في نفوس المسلمين وفي مختلف المناطق منذ يومه الأول.