مع قدوم شهر شعبان يستعد المسلمون في كافة أنحاء العالم لاستقبال خير الشهور بأفضل الأساليب وبكامل الروحانية، ابتداء من النيات إلى الأعمال، والحرص على عمل الخير، ومن أهم ما يُستقبل به شهر رمضان هو الترابط الأسري والمساهمة في صلة الأرحام خاصة في شهر الخير والأعياد. يتميز شهر رمضان عن غيره من الشهور بأنه شهر الروحانية في نفوس المسلمين، ومن هذا المنطلق فإنهم يحرصون على استقباله خير استقبال، خاصة أنه شهر يُفتح فيه باب التوبة، فيعملون جاهدين على التقرب إلى الله وطلب العفو منه والغفران. إن أصل العادات والتقاليد يعود إلى مئات السنين، وتكون متوارثة عبر أجيال عديدة، وحرص عليها الأجداد، ليصل بها الحال إلى موروث ثقافي وشعبي ينتشر بين سكان الدولة بشكل عام أو حتى في بعض المناطق بشكل خاص. وفي هذا الإطار فإن المملكة تحتوي على مناطق عديدة ذات عادات وتقاليد مشتركة في بعضها مختلفة في البعض الآخر، فعند اقتراب شهر رمضان تمتلئ الأسواق الشعبية في منطقة الرياض مثلاً وتزدحم، وفي منطقة الشرقية ينتشر "القرقيعان" في كل سنة من شهر رمضان، وغيرها الكثير من العادات التي توارثتها الأجيال عبر السنين وحرصوا على أن تكون حاضرة إلى يومنا هذا. أما عن مدينة حائل التي تقع في وسط شمال المملكة، فإنها تشتهر بعادة تُسمى "التقريشة"، والتي تبدأ من يوم 27 شعبان وهي عادة سنوية تبدأ بنهاية الشهر الذي يسبق شهر رمضان المبارك، ومن الجدير بالذكر أن هذه العادة قد اندثرت بعض الشيء في وقت ما، لكن أصر أبناء حائل على إحيائها وعاودت في الانتشار في الوقت الحالي، وخاصة بين النساء. وهي عبارة عن اجتماع عائلي أو لأبناء الحي يُقام في منزل كبير العائلة على وليمة عشاء تكون متعددة من الأطباق الشعبية المشهورة في مدينة حائل، ومن أهمها الحنيني والتمن والكبيبة وغيرها من الأكلات الشعبية والمتعارف عليها، كما أنه اجتماع يغمره انتشار البهجة والروحانية بين أفراد الأسرة. يعتاد الأهالي في هذه العادة على تجهيز الأطفال والحرص على ارتدائهم أزياء شعبية، ففي كل عائلة تجد أن الأطفال يرتدون زيا شعبيا موحدا فيما تختار العائلات الأخرى زيا شعبيا موحدا بلون وتطريز مختلف، فيتميز كل طفل من عائلة عن غيره. أما عن مدة التقريشة فهي تستمر لمدة ثلاثة أيام على التوالي، في اليوم الأول يكون مخصصا لنساء أهل الزوج، واليوم الثاني يكون اجتماع عند نساء أهل الزوج، أما اليوم الثالث فيكون لنساء أهل الحي. وبناءً على ذلك حرص أهل مدينة حائل على توارث هذه العادات التي تكرس الترابط والتلاحم بين أفراد الأسرة، كما وأنها تعزز من ثقافة المدن والمناطق التي تخلق عادات وأجواء متنوعة قد تلفت إعجاب الكثير.