قبل أقل من عام وجّه معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان الأستاذ ماجد الحقيل بإزالة الأسوار المحيطة بالمقر الرئيسي للوزارة الواقع على طريق الملك فهد بالرياض، وتطوير المناطق الخارجية وإتاحتها للعامة. وجاء التوجيه في ذلك الوقت كخطوة سباقة تهدف الوزارة من خلالها إلى التأكيد على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 من خلال تحسين المشهد الحضري للمدن بإضافة المساحات الجمالية والخضراء الخارجية من مقرها الرئيسي إلى المرافق العامة المتاحة للجميع في المدينة، بما يسهم في أنسنة المدن ليستفيد منها جميع شرائح وفئات المجتمع. وينعكس القرار الجديد على تحقيق أهداف الارتقاء بجودة الخدمة المقدمة في المدن من خلال توفير بيئة مستدامة وصحية تساعد على خلق أجواء مناسبة لممارسة الحياة اليومية، بما يعود أثره على زيادة رفاهية السكان، وتمكين العلاقات الجيدة وسط المجتمع، وتعزيز البعد الإنساني، وتوثيق الروابط الاجتماعية. كان ذلك ما جاء عن هذا الخبر العام الماضي. والحقيقة أنني وقتها لم أجد في الخبر بُعدًا مهمًا، إلى أن تم تنفيذ جزء من العمل وزرت الموقع مع عائلتي ذات مساء خلال الأسبوع الماضي. كان المكان يعج بالعائلات ويكتسي بالأشجار والمسطحات الجميلة بحيث لا تشعر أنك تسير في وسط المدينة. ولكن الشيء الأكثر أهمية والذي لم أعيه في السابق هو معنى ما ذكر سابقًا من تمكين العلاقات الجيدة وسط المجتمع، وتعزيز البعد الإنساني، وتوثيق الروابط الاجتماعية. عندما تزور المكان ستعرف معنى ذلك كله حيث ستمشي بالقرب من مدخل مبنى الوزارة الرئيسي وترى عامة الناس وبالقرب منهم سيارات قليلة عند مدخل المبنى المضاء فيما يبدو أن الوزير وبعض موظفي الوزارة مازالوا في مكاتبهم. جمالية الحاجز الذي لا يتعدى طوله المتر ولا يحجب الرؤية والمعمول من خشب الخيزران يجعلك تشعر بالارتياح بل وربما بالانتماء للوزارة والعاملين فيها. وعندما مشيت بعدها مع أحد الأصدقاء في أماكن مشي أخرى ولكن ضيقة وبمحاذاة جدار خرساني، تساءلت ماذا لو اقتدت باقي المنشآت بوزارة الشؤون البلدية والإسكان وأسقطت الحواجز وبنت بدلاً منها الجسور كما فعل الوزير الحقيل. ممر الزهور المعروف والواقع بين جامعة الأمير سلطان ووزارة التعليم، على سبيل المثال، أصبح كئيباً بعد زيادة الإنشاءات في كلتا الجهتين. وكذلك باقي ممشى طريق الملك عبدالله من جهة وزارة التعليم، فهناك عشرات الأمتار بعد السياج لا يوجد فيها أي مبانٍ أو أشجار، بل إنها تسيء للذوق العام، والتي من الممكن أن تدخل في نطاق مشروع الرياض الخضراء في حال إزالة، أو حتى مجرد إزاحة، السور الخارجي. ختامًا أود أن أتقدم لمعالي الوزير الأستاذ ماجد الحقيل بالشكر على مبادرته الرائعة التي جسدت المعنى الحقيقي لمفهوم الحكومة الريادية والذي سنه ولي العهد -حفظه الله-، وآمل أن ينحو باقي المسؤولين في الوزارات والهيئات والجامعات على ذلك النحو «لما يعود أثره على زيادة رفاهية السكان، وتمكين العلاقات الجيدة وسط المجتمع، وتعزيز البعد الإنساني، وتوثيق الروابط الاجتماعية».