تسبب التفاؤل بشأن التوصل إلى لقاح لفيروس «كوفيد- 19»، لمواصلة أسواق الأسهم العالمية الارتفاع، وفي مقدمتها آسيا، بينما تراجع مؤشر بلومبرج للدولار والذي يتتبّع أداء عشرة عملات عالمية رائدة مقابل الدولار الأميركي نحو أدنى مستوياته في 32 شهراً، وإضافة إلى المحفّزات الإضافية التي نوقشت في الولاياتالمتحدة الأميركية وأوروبا وأوبك بلس للتوصّل إلى حلّ وسط ومعقول بشأن زيادات الإنتاج بعد الجائحة، عزّزت هذه التطوّرات أسعار النفط الخام والمعادن الصناعية والثمينة على حد سواء. وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، «أن توقف القطاع الزراعي مؤقتاً بعد ارتفاعه بنسبة 25% منذ يونيو، ليتمثّل الخاسر الأكبر في كل من الكاكاو والقمح والبن، وعاد الغاز الطبيعي مجدّداً لجمع بقايا المكاسب، وهبط بمعدل تجاوز 10% مع طقس شتوي أكثر اعتدالاً من المعتاد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ما أثار الشكوك حول معدلات الطلب في وقت الإنتاج القوي». وأضاف، «فضلاً عن هذه التطورات الداعمة، يرجّح أن تبدأ شركات نفط كبرى هذا العام بتخفيض نفقاتها الرأسمالية على المدى البعيد بأكثر من 80 مليار دولار، ما قد يعزز ارتفاع أسعار النفط في العام 2022 وما بعده. لقد شهد العام الماضي تحوّلات كبيرة في أساليب السفر والعمل لدى المستهلكين حول العالم، والزمن وحده كفيل بإيضاح مدى عودة انتعاش معدلات استهلاك الوقود. ووصل النفط الخام لأعلى مستوياته في تسعة شهور بعد أسبوع آخر من النقاشات اتفقت على إثره مجموعة الدول المنتجة في أوبك بلس على حلّ وسط سيشهد زيادة تدريجية في الإنتاج خلال الشهور المقبلة بداية من 500 ألف برميل يومياً في يناير، ومع الانتعاش المتوقع للطلب العالمي على الوقود إثر التوصّل إلى لقاح، ستقطع هذه الصفقة شوطاً طويلاً لضمان الدعم المستمر لأسعار النفط حتى يتمكّن من الوقوف مجدداً على قدميه، وبفضل مرونة الصفقة، انتعشت السوق على الرغم من تسعيرها لتأجيل زيادة الإنتاج المتفق عليها سابقاً، والتي تبلغ 1.9 مليون برميل يومياً، ويشير ذلك إلى إمكانية زيادة الإنتاج وتخفيضه في حال كان الانتعاش أبطأ من المتوقع، وبحسب توقعات المحللين، فقد تم اختصار الطريق نحو توازن السوق، ما عزّز التكهنات بارتفاع أسعار النفط الخام والوقود حتى العام 2021. وبين أنه وفي ضوء قوة الطلب الآسيوي واتساع نطاقه بعد تراجع جائحة كوفيد-19، يرجّح أن تصل أسعار برميل خام برنت إلى 50 دولاراً للبرميل في وقت قريب، وسيعتمد مدى هذا الارتفاع على المدى القصير على كيفية تعامل أوروبا، والولاياتالمتحدة على وجه الخصوص، مع الموجة الثانية الحالية من الجائحة، والتي لم تتم السيطرة عليها بعد. ومع هذه التطورات، وبعد إصدار تقرير الوظائف الشهري في الولاياتالمتحدة، بقي مؤشر بلومبرج للسلع دون تغيير يذكر خلال أسبوع، ما يشير عادة إلى بداية تباطؤ نشاط التداولات قبل فترة الأعياد ورأس السنة الجديدة، وعلى الرغم من انخفاضه في السنة التي انطلق ربعها الأول بانهيار ناجم عن حالات الإغلاق الاحترازية، حقق المؤشر انتعاشاً قوياً منذ ذلك الحين. وعزّز هذا التوجّه من التفاؤل بشأن التوصّل إلى لقاح الشهر الماضي، ويرجّح استمراره حتى العام 2021، على فرض أننا سنشهد انتعاشاً قوياً في النموّ بعد الجائحة، واحتمال تعرض الدولار لمزيد من الضعف، مع ارتفاع مخاوف التضخّم وتطورات الطقس، ويمكن لهذه العوامل أن تدفع المؤشر نحو أفضل نتائج سنوية له منذ أكثر من عقد، وفي مثل هذا السيناريو، يتوقع أن تُظهر السلع الرئيسية -مثل النحاس والنفط الخام وفول الصويا والذهب- أداءً جيداً. ويعزز ارتفاع أسعار المواد الغذائية من حالة التضخّم، والتي قد تزداد قوة في العام 2021، وهو ما أبرزته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في مؤشرها لأسعار الأغذية في شهر نوفمبر، وقفز المؤشر الذي يتتبّع المعدل المتوسط لأسعار 95 سلعة غذائية موزّعة على خمس مجموعات سلعية، إلى أعلى مستوياته في ست سنوات ليسجّل ارتفاعاً على أساس سنويّ بنسبة 6.5 %. وحققت جميع المؤشرات الفرعية مكاسب في نوفمبر، وارتفع المؤشر الفرعيّ للزيوت النباتية بنسبة مذهلة بلغت 14.5 % منذ أكتوبر، و31 % عن الشهر نفسه من العام الماضي.