منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، والمشروعات التنموية العملاقة في المملكة العربية السعودية تشهد سباقًا مع الزمن، وتسارع في الخُطى، لتقترب نحو تحقيق الأهداف المرسومة لها، بمتابعة مستمرة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والتي ستُحدث نقلة نوعية في جميع المجالات الاقتصادية والسياحية والمجتمعية. ستة أعوام مضت شهدت فيها المملكة العربية السعودية ولادة مشروعات تنموية سيكون لها أثر غير مسبوق في تنوع مصادر الدخل للمملكة، حيث ركزت حكومة خادم الحرمين الشريفين على أن تكون المملكة محوراً عالميًا مهمًا ومؤثراً بشكل إيجابي على جودة الحياة، وملبيًا لاحتياجات المواطن والمقيم. "سبارك" وبنظرة استراتيجية عميقة اعتمدت قيادة المملكة إنشاء مدينة الملك سلمان للطاقة، والتي تقع على مساحة 50 كيلومتر مربع بالقرب من مدينة بقيق بالمنطقة الشرقية. حيث تستهدف مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) عدة مجالات إنتاجية حيوية، وهي: التنقيب والإنتاج والتكرير، والبتروكيميائيات، والطاقة الكهربائية التقليدية، وإنتاج ومعالجة المياه، وتضم الأنشطة التصنيعية والخدمية بالمدينة: خدمات حفر الآبار، وأجهزة الحفر، ومعدات معالجة السوائل، وخدمات التنقيب والإنتاج، الأنابيب، والمعدات الكهربائية، والأوعية والخزانات، والصمامات والمضخات. وبذلك تسهم (سبارك) بشكل كبير في تحقيق رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتماده على النفط وخلق قطاع خاص مزدهر. وستكون مدينة الملك سلمان للطاقة مدينةً متكاملة تمامًا بمخطط شمولي يدمج بسلاسةٍ المناطق الصناعية، مثل المصانع وورش العمل، والساحات، ومنطقة اللوجستيات، مع المناطق السكنية والتجارية النابضة بالحياة ويضم المشروع إنشاء الميناء الجاف والمنطقة اللوجستية، وسوف توفر منطقة اللوجستيات الحديثة مع الجمارك، المرتبطة بسكة الحديد المستقبلية التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مجموعة واسعة من الخدمات. وستضم المنطقة اللوجستية الميناء الجاف البري، ومخازن جمركية، ومجمعًا لوجستيًا يحتوي على مستودعات وخدمات لوجستية أخرى. وسيخدم الميناء الجاف عند إنجازه ثمانية ملايين طن متري من البضائع سنويًا مع مستويات عالية من التشغيل الآلي. بالإضافة إلى المنطقة الصناعية التي تنقسم إلى مناطق متخصصة ستساعد على نمو سلسلة القيمة المتكاملة لسلع وخدمات الطاقة، ويتشمل المشروع وجود منطقة سكنية وتجارية تضم الشقق، والفلل، والمجمعات السكنية، والمرافق التعليمية عالية المستوى، ووحدات الضيافة، والمجمع الصحي، والمدارس، والمرافق الترفيهية. ومن المتوقع عند إنجاز المنطقة أن يصل إجمالي الوحدات السكنية إلى 15 ألف وحدة و400 غرفة فندقية، بالإضافة إلى مركز إدارة وتنظيم المدينة، منطقةَ الأعمال. وستكون العقارات التجارية متاحة في منطقة الأعمال لتوفير المكاتب، والمطاعم، ومتاجر البيع بالتجزئة، وسيتم إنشاء عشرة مراكز تدريب متخصصة في مدينة الطاقة، لخدمة الاحتياجات المتزايدة لموظفي المستأجرين الصناعيين. "القدية" وعلى مسافة قصيرة من العاصمة الرياض يقع مشروع "القدية"، على مساحة تبلغ 334 كيلو مترًا، كأبرز الوجهات في المملكة لاستقطاب الزوار وتلبية الاحتياجات الترفيهية والاجتماعية والثقافية للأجيال الحالية والمستقبلية. وستصبح "القدية" بمثابة عاصمة للترفيه والثقافة والفنون في المملكة، حيث تُبنى على خمس ركائز أساسية وهي: المتنزهات والوجهات الترفيهية، الفنون والثقافة، الرياضة والصحة، الحركة والتشويق، الطبيعة والبيئة. تدعم هذه الركائز الخمس وحدة الخدمات العقارية والمجتمعية التي ستساهم في تأسيس مجتمع مزدهر يضم خمسة آلاف وحدة سكنية. وتضم المرحلة الأولى المقرر افتتاحها في عام 2023 أكثر من 45 مشروعًا و300 نشاط عبر قطاعات الفنون والإبداع والضيافة والترفيه والرياضة. وقد تم تصميم هذا المشروع ليتكامل مع الطبيعة الساحرة للموقع ويعززها، بما يضمن أن تقدم القدية أفضل ما يمكن للعالم أن يقدمه في مكان لا مثيل له. "نيوم" وعندما يأتي الحديث حول القفزات التنموية فإننا نتجه إلى أقصى الشمال الغربي من المملكة حيث يقع المستقبل الجديد، والوجهة العالمية الجديدة، مشروع "نيوم" لينافس أرقى المدن العالمية المتطورة، والذي يتميز بموقعه الجغرافي الاستراتيجي في منتصف العالم، لتتلاقح فيه الأفكار ويصبح منارة فكرية واقتصادية يشع نورها أقصى المعمورة. ويوفر المشروع فرصة استثنائية للحد من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، وذلك عبر إتاحة فرصة الاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج، وبالتالي تقليل التسرب المالي نتيجة قلة الفرص الاستثمارية الضخمة. وسيخلق المشروع فرصاً جديدة للاستثمار في قطاعات سيتم إنشاؤها من الصفر، بالإضافة إلى استفادة المستثمرين في المشروع من الموارد الطبيعية، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية. الجدير بالذكر أن وجود "نيوم" على مفترق طرق العالم سيمكّن 40 % من سكان العالم من الوصول إليها في أقل من 4 ساعات، كما أن قرابة 10 % من تجارة العالم تمرُّ عبر البحر الأحمر، وهذا يعطي دلالة واضحة على البعد الاستراتيجي الذي تسعى المملكة إلى تحقيقه للوصول إلى مصاف الدول الأولى في توفير بيئة استثمارية مؤثرة عالميًا. ولم يكن وجود هذه المشروعات التنموية العملاقة على أرض الواقع إلا بتوفيق الله تعالى ثم بتوجيهات ومتابعة قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وبجهود حثيثة للرقي بمكانة المملكة عالميًا لتضاهي أرقى الدول تقدمًا، ولصناعة حضارة تعكس مدى التفوق الفكري والاقتصادي لأبناء هذا البلد، الذين أثبتوا جدارتهم في خلق الإنجازات من العدم، لينعم المواطن والمقيم بحياة كريمة تتلاءم مع التطور الذي يشهده العالم في شتى مجالات الحياة.