وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    الناصر في حوار مع "بلومبيرغ": دور السعودية سيظل رئيسياً في ضمان أمن الطاقة    "البيئة": بدء بيع المواشي الحية بالوزن الخميس المقبل    116 مليون سائح عام 2024.. 284 مليار ريال إنفاقاً سياحياً في السعودية    تجنباً لانزلاق المنطقة نحو الفوضى.. دول عربية وإسلامية تدعو للحوار لاستقرار المنطقة    السعودية تدين الهجوم على كنيسة في دمشق    أكد الاحتفاظ بكافة الخيارات للرد.. عراقجي: هجوم واشنطن انتهاك صارخ للقانون الدولي    تحديد موقع المركبة اليابانية المتحطمة    عام 2030 الإنسان بين الخيال العلمي والواقع الجديد    سر انتشار البشر خارج إفريقيا    مونديال الأندية| ريال مدريد يتغلب على باتشوكا بثلاثية    بحث تطورات الأوضاع مع ماكرون وميلوني.. الأمير محمد بن سلمان: ندعو لضبط النفس وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية    الأخضر يتأهل إلى ربع نهائي الكأس الذهبية بنقطة ترينيداد وتوباغو    في ثالث جولات مونديال الأندية.. الأهلي المصري يواجه بورتو.. وتعادل ميامي وبالميراس يؤهلهما معاً    ضبط مقيم لنقله 13 مخالفاً لنظام أمن الحدود    إطلاق النسخة ال5 من مبادرة السبت البنفسجي    "فلكية جدة": القمر يقترن ويحجب نجم الثريا    علقان التراثية    إثراء" يشارك في مهرجان "كونسينتريكو" الدولي للعمارة    فتح باب التسجيل في برامج أكاديمية "إعلاء" لشهر يوليو    عندما يقول النجوم "كفى".. لماذا ترك 11 من كبار مشاهير السوشال ميديا؟    اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا    حملة لإبراز المواقع التاريخية في العاصمة المقدسة    في المسجد    نصائح لتجنب سرطان الجلد    العمل ليلا يصيب النساء بالربو    فيروسات تخطف خلايا الإنسان    الهلال يتعادل سلبيا مع سالزبورغ بكأس العالم للأندية    محاولة جديدة من الهلال لضم ثيو هيرنانديز    عسير تستعد لاستقبال السياح    الأحساء تستعرض الحرف والفنون في فرنسا    "الغطاء النباتي".. حملة لمكافحة التصحر    قوة السلام    مبادرة للتبرع بالدم في "طبية الملك سعود"    تنظيم السكن الجماعي لرفع الجودة وإنهاء العشوائيات    برعاية الملك.. نائب أمير الرياض يكرّم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    أمر وحيد يفصل النصر عن تمديد عقد رونالدو    مستشفى المذنب يحصل على تجديد "سباهي"    إنقاذ حياة امرأة وجنينها بمنظار تداخلي    أمير حائل يكرّم 73 طالبًا    تباين في أداء القطاعات بسوق الأسهم السعودية    40 مليار ريال حجم الاقتصاد الدائري بالمملكة    الضّب العربي.. توازن بيئي    «المنافذ الجمركية» تسجل 1084 حالة ضبط    البحر الأحمر يعلن عن تمديد فترة التقديم للمشروعات السينمائية    أكثر من 19 ألف جولة رقابية على جوامع ومساجد مكة    الأحساء تستعرض تجاربها في الحرف والفنون ضمن مؤتمر المدن المبدعة بفرنسا    أمير قطر يبحث هاتفيًّا مع رئيسة وزراء إيطاليا آخر المستجدات الإقليمية والدولية    وزير الداخلية يودع السفير البريطاني    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    "القنبلة الخارقة" تقصف قلب البرنامج النووي الإيراني    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ الشثري: دين الإسلام يشدد على الأمن والاستقرار في المجتمع لتزدهر به الحياة

توافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً ؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة
وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن .
وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية وسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، حيث ألقى معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري ، خطبة عرفة - قبل الصلاة - استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر
وحث معاليه حجاج بيت الله على تقوى الله بالتزام شرائعه وترك نواهيه للفوز بمحبة الله ومعيته والفلاح في الدنيا والأخرة ، مستدلا بما قاله الله سبحانه في محكم تنزيله ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ، وقوله جل شأنه ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) وبقوله ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ) وقوله تعالى ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ " ، لافتا النظر إلى أن من تقوى الله التزام أعظم ما أمر الله به وهو التوحيد بإفراد الله بالعباد حيث لا يصلى إلا لله ولا يدع إلا الله كما قاله في كتابه الكريم ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) وفي آية أخرى ( ) وأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )
وقال معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري " التوحيد هو دين رسل الله جميعا صلوات الله عليهم ، قال تعالى " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ، فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "، وقال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ) " .
وأكد أن التوحيد هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله ، فلا يعبد بحق إلا الله ، مستدلا بقوله تعالى ( ذِلكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ، لافتا الانتباه إلى أن الشهادة الأخرى التي يحصل بها مع شهادة التوحيد الفوز والنجاة والفوز الكبير هي شهادة أن محمد رسول الله ،الذي أرسله الله لهداية الخلق وأوحي إليه بحيث يصدق في خبره ويطاع في أمره ولا يعبد الله إلا بما جاء به كما قال سبحانه وتعالى ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى
وأكد معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري أن سبيل النجاه وطريق الجنة هو الإيمان مستدلا بقوله الله تعالى ( فأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا )، وبقوله تعالى ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) وبقوله جل شأنه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا )
وقال " إن رسول صلى الله عليه وسلم ذكر أركان الإسلام ، فقال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان وتحج البيت أن استطعت اليه سبيلا " .
ودعا الشيخ الشثري المسلمين إلى الاهتمام والعناية بالصلاة وقال " الصلاة هي الصلة بين العبد وربه كما ورد في الحديث النبوي ( إذا كان أحدكم في صلاته فإنما يناجي ربه ) " مستدلا بقول الله سبحانه وتعالى ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ) ، وبقوله ( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ ) ، مشيرا إلى أن الزكاة قرينة الصلاة في كتاب الله وتكون بإخراج جزء معلوم من المال وهي طهرة للنفوس ونماء للمال وتفقد لحاجة المحتاجين كما قال الله تعالى ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ).
وأبان معالي المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء أن الركن الرابع من أركان الاسلام هو صيام شهر رمضان مستشدها بقول الله تعالى ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ، أم الركن الخامس فهو حج بيت الله الحرام مستدلا بقول الله جل شأنه ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) .
وأوضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج في السنة العاشرة ونزل عليه في يوم عرفة قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) ، وقال " وما ذاك إلا أنه كمل دين الله وتمت شريعته المشتملة على الفضائل العالية والمحاسن الشريفة .
وأشار معاليه إلى أن من محاسن هذا الدين أنه حض على الاجتماع والتآلف والتعاون على الخير كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ، وقال تبارك وتعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
وأكد معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري أن من محاسن هذا الدين حثه المؤمنين على الأخلاق الفاضلة والأقوال الطيبة كما قاله الله تعالى في كتابه الكريم ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وكما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ، وكذلك قوله جل شأنه ( فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ) ، مبينا أن الله سبحانه أمر المؤمنين بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل مما يفرق المؤمن عن المنافق الصدق في الحديث والوفاء بالعهد والأمانة .
وقال " ومن محاسن الشريعة أنها خير ورحمة للخلق اجمعين كما قال الله في محكم تنزيله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ، وأن من محاسنها أمرها بالعدل والاحسان وإعطاء كل ذي حق حقه كما قال الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ، وأن من محاسنها تنظيم الحياة على أكمل الوجوه وأتمها كما قال الله تعالى ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) " .
وأضاف معاليه قائلا " إن من محاسن الشريعة تنظيمها لأحوال الأسرة بما يؤدي إلى سعادة الزوجين ببعضهما وبما يؤدي إلى صلاح الذرية ليكونوا لبناة صالحة في مجتمعاتهم ، كما قال جل في علاه في كتابه الكريم ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
وواصل الشيخ الدكتور سعد الشثري حديثه عن محاسن الشريعة مشيرا إلى أن مما اقتضته هو بر الوالدين وحسن تربية الأبناء وصلة الرحم ليتماسك المجتمع ويتآلف ،ونهيها عن الفواحش والموبقات , كما قال الله تعالى ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ).
وقال " إن من محاسن الشريعة تنظيمها للمعاملات المالية لتقضى حوائج الناس ولتنمو التجارة ويزدهر الأقتصاد المبني على ثقة الناس بعضهم ببعض ، ومن هنا حرم الغش وأكل أموال الآخرين بالباطل وأكل الربا والجهالات في البيوع والقمار والميسر ،وأمر بالعدل والإنصاف وتوثيق الحقوق " .
وبين معاليه أن دين الإسلام شدد على مبادئ الأمن والاستقرار في المجتمع لتزدهر به الحياة وتنمو به التجارات وتطمئن به القلوب وليتمكن الناس فيه من عبادة علام الغيوب ، لذا امتن الله على عبادة بنعمة الأمن فقال في محكم التنزيل ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) ، مؤكدا أن الأمن جعل منحة لمن قام بشرعه كما قال في كتابه الكريم ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
وأكد الشيخ الدكتور سعد الشثري أن المسلم مساهم في الأمن في كل مكان فهو لا يعتدي ، متسائلا في الوقت نفسه ، كيف يعتدي المسلم وهو يسمع قول الله تعالى ( وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) وكيف يتجرأ على أمان غيره أو يسفك الدم وهو يسمع الله يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ).
وقال " طريقة المسلم عدم تجاوز ما أمر الله به من الوفاء بالعهود والمواثيق امتثالاً لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) ، والمسلم ملتزم بما أمر الله به من طاعة ولاة الأمور بما يحفظ النظام العام وينتج عنه استقرار البلدان وأمنها ، كما قال الله تعالى في كتابه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) .
وأضاف " المسلم يمقت الاعتداء على الآمنين من المسلمين وغيرهم في مختلف البلدان ويدين الاعتداء والجماعات الإرهابية ، وأن الشريعة جاءت بما يحفظ الأمن والاستقرار في كل المجالات فحفظت الأمن العقدي والأمن الفكري والأمن السياسي والأمن الاخلاقي ، وجاءت بحفظ الأمن في الدول والأوطان ،وجاءت الشريعة بزراعة محبة الخير في القلوب فيتمنى المرء لأخيه ما يتمناه لنفسه فالتحاسد مذموم والكراهية ممقوته ، قال تعالى ( وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
وأكد معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء أن التحاسد مذموم والكراهية منبوذة مستشهدا بقوله تعالى ( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْن ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) .
وقال معاليه " لإن كان الشرع يأمر بنشر الأمن والسلام والاستقرار في جميع بقاع العالم فإن الشرع يؤكد ذلك في هذه البلاد المباركة، كما قال تعالى ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا )، وقال سبحانه ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) وقال جل شأنه ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) " .
واستطرد الشيخ الدكتور سعد الشثري قائلا " توعد الله من هم بالإحداث في الحرمين، فقال تعالى ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) وكما أمن الله الحرمين الشريفين بهذه الولاية الإسلامية نسأل الله سبحانه أن يعيد المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يحفظ أهلنا في فلسطين وأن يمن عليهم بالأمن والعيش الرغيد واسترجاع حقوقهم".
وأعاد معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري إلى الأذهان خطبة رسول الله صلى عليه وسلم في هذا الموطن الشريف حين قال (( ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميا موضوع )) ، مبينا أن المسلمين نهوا عن الجاهلية العصبية المقيتة والتمييز بين الناس ورفع الشعارات والتفاخر بالأباء والأجداد كما قال الله في كتابه ( فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا
وحذر معاليه من جعل موسم الحج من أوامر الجاهلية بأن يجعل موسما للمزايدات أو مكانا للشعارات أو المظاهرات أو الدعوة للأحزاب والتجمعات ، وقال " يجب أن يجعل الحج لله وحده ، كما قال تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) ، حيث لا مكان للشعارات الحزبية ولا للدعوات المذهبية ولا للحركات الطائفية التي نتج عنها تشريد الملايين ، وكان من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة (( لقد تركت فيكم ما لن تظلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله
وحث معاليه الأمة قاطبة بالتمسك بكتاب الله لنيل الهداية والفلاح، مستشهدا بقوله تعالى ( إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ، فَمَنِ اهْتَدَى، فَلِنَفْسِهِ ) وبقوله سبحانه ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) وبقوله جل شأنه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
وخاطب معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري قادة الأمة قائلا " هذا كتاب الله بين أيديكم سيروا على هدية وحكموه وانشروه في الأمة، قال تعالى ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ، فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ
ودعا علماء الأمة إلى الاستنباط من كتاب الله لحل المشاكل وقال " إن كتاب الله هو المصدر الكامل للهداية فاستنبطوا منه حلول مشاكل الأمة ، كما قال تعالى ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) " ، حاثهم إلى التقرب إلى الله بنشر أحكامه وأخلاقه .
ووجه معاليه الخطاب إلى الآباء والأمهات والمربين فقال " ما أشد حاجة أبنائنا إلى أن يتعلموا القرآن ففيه الهداية والفرقان والأخلاق الفاضلة وخيركم من تعلم القرآن وعلمة ".
وحث الإعلاميين إلى وجوب نشر ما دعا إليه القرآن العظيم من الخير والفضائل
وأوصى الشيخ الدكتور سعد الشثري، أصحاب المال بالتقرب إلى الله بالبذل من ما أتاهم الله من المال في نشر كتاب الله وترغيب الخلق في تعلمه وتعليمه والعمل به والدعوة إليه ، مستشهداً بقوله تعالى ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ، وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) .
وقال " إن من هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عرفة بعد أن خطب أمر بلال فأذن ثم أقام فصلى الظهر مقصورة ركعتين ، ثم أقام فصلى العصر مقصورة ركعتين، ثم وقف في عرفة على ناقته يذكر الله ويدعوه حتى غرب قرص الشمس ، ثم ذهب إلى مزدلفة وكان يوصي أصحابه بالرفق ويقول ( يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس بالإيضاع أي الإسراع ) ، فلما وصل مزدلفة صلى المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جمع وقصر، وبات في مزدلفة وصلى الفجر بها في وقتها ، ثم دعا الله إلى أن أسفرت ، ثم ذهب إلى منى فرمى جمرة العقبة بسبع حصوات وذبح هدية وحلق، ثم طاف طواف الإفاضة، وبقى في منى أيام التشريق يذكر الله ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال يدعو عند الصغرى والوسطى
وتابع معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء قائلا " ولقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الأعذار في ترك المبيت بمنى " مبينا أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز التعجل في الثاني عشر مع أفضلية المكوث بمنى إلى اليوم الثالث عشر وهو الأفضل، وأن المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم لما فرغ من حجة واراد السفر إلى المدينة طاف بالبيت .
ودعا معاليه حجاج بيت الله الحرام إلى اغتنام خيرات هذه الأيام المباركة والإكثار من الدعاء لأنفسهم ولمن لهم حق وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم ويتولى شؤونهم.
وسأل فضيلته في ختام خطبته الله عز وجل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، ويعينه على كل خير ، وأن يجزيه على ما يقدمه من الخير والإحسان وخدمة الحرمين الشريفين ، وأن يبارك له في عضده سمو ولي العهد ،وأن يتقبل من الحجيج حجهم وييسر لهم أمورهم ، وأن يعيدهم لبلدانهم سالمين غانمين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.