رئيس البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن الدولي عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    خطيب المسجد النبوي: أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى    أمانة حائل تواصل أعمالها الميدانية لمعالجة التشوه البصري    كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    أول متجر تطبيقات بديل ل"آب ستور"    قطار "الرياض الخضراء" في ثامن محطاته    "الشباب" يهزم أبها بخماسية في "دوري روشن"    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    الطقس: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    انتعاش الحرف التراثية بمهرجان محمية الملك سلمان    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    فوائد بذور البطيخ الصحية    هيئة التراث ‏تقيم فعالية تزامناً اليوم العالمي للتراث بمنطقة نجران    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    كريسبو للهلاليين: راح آخذ حقي    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    العراق.. صدمة وخيبة أمل    «التراث»: استيطان كهف «أم جرسان» بالمدينة قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد    ذات الأكمام المفتوحة نجمة الموضة النسائية 2024    الطائي يصارع الهبوط    أقوال وإيحاءات فاضحة !    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    مقتل قائد الجيش الكيني و9 ضباط في تحطم مروحية عسكرية    "أيوفي" تعقد جلسة استماع بشأن معايير الحوكمة    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    السلطة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    الإصابة تغيب كويلار أربعة أسابيع    في حب مكة !    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    فيصل بن تركي وأيام النصر    التوسع في المدن الذكية السعودية    المستقبل سعودي    الدمّاع والصحون الوساع    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوكالة الشرعية.. التساهل في الصلاحيات يضيّع الحقوق!
الثقة الزائدة والجهل تخلق نزاعات قانونية لا تنتهي
نشر في الرياض يوم 26 - 07 - 2015

تُعد الوكالة الشرعية من أبرز الوسائل التي تيسر على كثير من الناس الكثير من تعاملاتهم اليومية وقضاياهم المتنوعة، وهي عقد جائز فيما يصح التصرف فيه، يقتضي الإذن بالتصرف وفق شروط محددة، وأداة تسهل عليهم أمور حياتهم عن طريق تمكينهم من إجراء تعاملات يتعذر عليهم في بعض الأحيان إجراؤها بأنفسهم؛ نظراً لقلة خبرتهم أو لغيابهم أو لكثرة مشاغلهم.
ولا يُدرك البعض ممن يقوم بالتوكيل أبعاد الوكالة الشرعية، وماذا يحدث وراء تلك الوكالات؟ وكيف يتم حماية الموكلين من استغلال بعض الوكلاء؟ ولماذا صارت بعض تلك الوكالات الشرعية جداراً محطماً قد ينفذ منه بعض الوكلاء ليلتهموا «كعكة» وكلائهم؟ حيث أصبحت تستغل من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة في الاستيلاء على حقوق موكليهم، وهناك الكثير من الموكلين من نساء وأرامل وقصر وأيتام وغيرهم من قد ضاعت حقوقهم من إرث وغيره لتوكيلهم بعض الأشخاص ممن افتقدوا الأمانة ولم يكونوا أهلاً للمسؤولية التي تحملوها.
نحتاج تفعيل مهام كتّاب العدل وأن لا تقتصر على كتابة الوكالة فقط
ويبقى من المهم تفعيل مهام كتّاب العدل، وأن لا يقتصر دورهم على كتابة الوكالة فقط، على أن يتعداه إلى تنبيه الموكل الجاهل في أمور الوكالة إلى بعض المخاطر، مثل حق الوكيل في توكيل الآخرين وغير ذلك؛ مما يغيب عن الموكل أو يتوقع حدوثه، كذلك لا بد من الموكل أن لا يوكل إلاّ في شيء محدد، والذي يحقق غرضه من التوكيل حتى لا يؤخذ على حين غرة نتيجة لجهله بأنواع الوكالات.
وكالات الأيتام
«ظلم وجشع وسرقة واستغلال وضعف نفوس، ولكن الله يمهل ولا يهمل، ولا يكاد يمر يوم واحد دون أن أقول: حسبي الله ونعم الوكيل» بهذه العبارات استهلت والدة أيتام حديثها، قائلةً: «توفي والدنا وترك أموالا وعقارات وغيرها، وقام ابنه الأكبر بطلب وكالات شرعية منا على أساس المراجعة نيابة عنا في أمور الإرث المتعلقة بوالدنا، وتفاجأنا بعد سنوات عديدة بأنه كان يخطط لسرقة نصيبنا وحرماننا من حقوقنا، وقد باع لنفسه نصيبنا من ذلك الإرث بثمن بخس، واستولى عليه وتصرف تصرفات ناقلة للملكية وبطرق ملتوية وبدون إذن القاضي؛ لكي يخرجنا من دائرة الإرث، بل وبدون الرجوع إلينا لإجراء توزيع التركة وقسمة الميراث قسمة شرعية»!
نصب واحتيال على النساء
واعتبرت إحدى سيدات الأعمال أنّ المرأة هنا أصبحت منجم ذهب للوكيل، مضيفةً: «لحاجتي الماسة إلى وكيل يدير أعمالي المتباعدة في مدن بعيدة عني، فقد أقمت وكيلاً وأعطيته وكالة لإدارة أعمالي رغم علمي بمخاطر الوكالة إلاّ أنني لجأت إلى ذلك رغماً عني بسبب حاجتي إلى من ينوب عني في مراجعة الدوائر الحكومية وأمور البيع والشراء والتعاملات التجارية المختلفة، إلاّ أنّ هذا الوكيل تمكن بموجب الوكالة التي أعطيتها له من التصرف عبر هذه الوكالة بتصرفات وصلت إلى حد البيع والتنازل عن أملاكي دون علمي، لأكتشف مع مرور الأيام أنّ أموالي وأملاكي لم تعد ملكاً لي ولم أعلم إلاّ بعد انتقال أملاكي للغير، وعندها بدأت معاناتي في مراجعات عديدة وتوكيلات جديدة مع الدوائر الشرعية والمحاكم لإثبات بطلان تلك الإجراءات التي أجراها وكيلي ولعلي أستعيد شيئاً منها».
وأشارت إلى أنّه يجب على موثق الوكالة في كتابات العدل أن يبيّن أبعاد الوكالة، خصوصاً لغير الممارس لهذه الوكالات كصغار السن أو النساء الجاهلات لحقوقهن ولمثل أبعاد هذه الوكالات، مضيفةً: «عند عمل وكالة فإنها في كثير من الأحيان تكون جاهزة لدى بعض موظفي الإحالات في كتابات العدل، ويدخل فقط الأسماء الجديدة وأرقام السجلات المدنية، ويدخل في الوكالة أموراً لا يرغب الموكل في التوكيل عليها، وذلك قد يكون كسلاً من الموظف أو لعدم رغبته في كتابة وكالة لكل مراجع على حدة، فيقوم بكتابتها مرة واحدة ويعطيها لكل مراجع يراجعه!»
ربط إلكتروني
وكشفت أنّ هناك مقترحاً أو فكرة لتطوير الوكالة الشرعية تتمثل في تغيير الصكوك الورقية للوكالات الشرعية وإصدار تلك الوكالات على شكل بطاقات شبيهة ببطاقات الأحوال المدنية أو رخص السير، وتكون ممغنطة وتعطى للموكل حينما يأتي إلى كتابة العدل لاستخراج الوكالة، ويعطى رقماً سرياً خاصاً، ويعطى كذلك رقماً عاماً يسمى رقم الوكالات الشامل، وفيه جميع وكالاته التي يصدرها ورقماً آخر خاصاً بكل وكالة يصدرها، وتحتوي تلك البطاقة على اسم الموكل ورقم سجله المدني واسم الوكيل ورقم سجله المدني وتاريخ الإصدار للوكالة، ومكان إصدارها وتاريخ انتهائها، ويقوم الموكل بإعطائها للوكيل بعد تفعيلها من كتابة العدل واعتمادها إلكترونياً، وعند مراجعة الوكيل في أي معاملة تخص موكله فإنه يتم في تلك الدوائر الحكومية الاطلاع على الوكالة إلكترونياً، من خلال الربط الإلكتروني المباشر بين كتابات العدل وجميع الدوائر الحكومية من خلال إدخال الرقم الخاص بالوكالة الموجود في تلك البطاقة الممغنطة، التي تم إصدارها وتفعيلها مسبقاً، ويستطيع الموكل من خلال رقمه السري أن يطلع على جميع التعاملات التي قام بها موكله.
إجراءات مشددة
وبيّن ناصر بن عبدالعزيز الثويني – مستشار قانوني – أنّ هناك أموراً تفرزها الاستخدامات العملية للوكالة تبين مدى خطورتها، ومنها امتداد تاريخ صلاحية الوكالة، أو كونها مفتوحة المدة، فلو كانت محدودة المدة ولفترة قصيرة جداً من شهر إلى ثلاثة أشهر مع إمكانية تجديدها إلكترونياً من قبل الموكل بإجراءات مشددة لا تقل عن إجراءات العمليات البنكية، وبذلك يتم الحد من تصرفات الوكيل سيئ النية، موضحاً أنّه من المهم التحفظ في مضمون الوكالة على عدم منح الوكيل استلام أي مبالغ مالية على وجه العموم أو إيداعها حسابه وذلك بسبب وجود مبالغ مالية تظهر من حين لآخر لا يعلم عنها الموكل خصوصاً الورثة بالذات.
وأضاف أنّ أخطر الوكالات هي التي تكون بين الأزواج، فالزوجة غالباً تقع ضحية استغلال الزوج غير الأمين؛ لأنّ الزوج كثيراً ما يعتقد وهماً أنّه له الحق في التصرف بمال زوجته بأي شكل من الأشكال، وبالتالي تصبح الزوجة بين أمرين أحلاهما مر، إمّا التسليم للأمر الواقع والتنازل عن كل شيء أو التضحية وهدم كيان الأسرة، لافتاً إلى أنّ من أخطر الأمور المصاحبة للوكالة إصدار وكالة عامة وعدم تعيين التصرفات المطلوب من الوكيل القيام بها على سبيل التحديد، وأيضاً التوقيع المطلق نيابة عن الوكيل، وكذلك السحب من رصيد الموكل بالبنك، وأيضاً أخذ قروض من البنوك وغيرها كاستخراج بطاقات ائتمانية، مؤكّداً أنّه من الضروري تفعيل مهام كتّاب العدل، وأن لا يقتصر دورهم على كتابة الوكالة فقط، ولكن يجب أن يتعداه إلى تنبيه الموكل الجاهل في أمور الوكالة إلى بعض المخاطر، مثل حق الوكيل في توكيل الغير، وغير ذلك؛ مما يغيب عن الموكل أو يتوقع حدوثه.
ضوابط الوكالة
وأوضح محمد بن هاشم بن جارالله الزهراني – مستشار شرعي ومدير الإدارة بكتابة العدل الثانية بالطائف الأسبق – أنّ المقصود بالوكالة هو إنابة شخص أو عدة أشخاص لإنجاز مصلحة ما، مبيّناً أنّ من ضوابط الوكالة أنّ تكون من شخص بالغ عاقل، فالقاصر لا يوكل إلاّ إذا أُقيم عليه ولي يقوم بإنجاز مصالحه ومعاملاته، وأن يكون هذا الولي يخاف الله، ويحرص على كل ما فيه الغبطة والمصلحة للقاصر أو المريض عقلياً، لافتاً إلى أنّ الوكالة لا تتم إلاّ بالهوية الوطنية أو الإقامة بالنسبة للمقيمين، ولا يشترط الآن الشاهد للمرأة بعد تطبيق نظام البصمة وهذا من التيسير على المرأة، ناصحاً الموكل أن لا يوكل إلاّ في شيء محدد، والذي يحقق غرضه من التوكيل حتى لا يؤخذ على حين غرة نتيجة لجهله بأنواع الوكالات، مطالباً الوكلاء بتقوى الله وأن يغلب مصلحة الموكل على مصالحه الذاتية؛ لأنّ الموكل قد يكون رجلاً عاجزاً أو مريضاً وهو في أمس الحاجة لإنجاز معاملاتهم في أسرع وقت ممكن.
أخطر العقود
ولفت سلمان بن ساكر العنزي – محام ومستشار قانوني – إلى أنّه مع تطور الحياة ونموها يتجه بعض أصحاب المصالح إلى توكيل أشخاص يساندونهم ويخففون جزءا من الأعباء لتيسير أمورهم، وتسند إلى ذلك الوكيل صلاحيات يتصرف من خلالها وقد تكون محدودة أو مطلقة، فالوكالة تعتبر من أخطر العقود، موضحاً أنّ اللجوء إلى الوكالة قد يكون برضا الموكل وقد يكون عن طريق إلزامه من قبل إحدى الجهات الحكومية، لذلك نجد أن الأنظمة والقوانين لم تهمل هذا الجانب وإنما قامت بتنظيم هذه المسألة وجعلتها بصفة استثنائية تقديراً منها لظروف الموكلين، منوهاً بأنّه لا يمكن على الإطلاق أن يكون الوكيل هو المتهم الأول والأخير في استغلال الوكالة، بل يقع اللوم أحياناً على الموكل الذي يثق بأشخاص غير مؤهلين هدفهم الحصول على المادة وبشتى الطرق ولا يحفظون الأمانة، موضحاً أنّ النزاعات القائمة في موضوع الوكالات قد يكون دافعها الاستغلال.
وقال: إنّ من النقاط التي يجب أن يؤخذ بها في الحسبان معرفة نوع الوكالة، ولمن ستمنح، وهل هي بين أشخاص عاديين أم بين شخص ومحام؟ إذ هناك فرق بين الحالتين، فعندما يقوم شخص ما بعمل وكالة للمحامي تخوله الترافع في قضية تخصه، وحضور الجلسات وتسهيل أي إجراء قانوني في حدود القضية، ويكون مسؤولاً مسؤولية كاملة، فلا يجوز له أن يتنازل عن القضية بشطبها أو اتخاذ أي إجراء قاطع إلاّ بالعودة إلى الموكل؛ لأنّ الوكالة هي عقد من عقود الأمانة، مضيفاً أنه قد يكون من بين الصلاحيات استلام المحامي مبالغ مالية عن الموكل، مبيناً أنه قد يخطر بالذهن أنّه بإمكان المحامي الاستيلاء على أمواله، لكن هذا غير صحيح؛ لأنّ النظام يحمي الموكل أياً كان، والمحامي يعمل على تحقيق مصلحته طبقاً لقواعد المهنة.
إخطار رسمي
وأوضح العنزي أنه في حالة إساءة الوكالة، فالمحكمة هي التي تنظر في الموضوع، وهي الجهة المختصة بمحاسبة الفاعل، وتحقق في تصرفات الوكيل إذا كان تصرفه ينم عن حسن نية أو سوء نية، مؤكّداً أنّ أغلب المشكلات والخلافات التي تكون حول الوكالة منتشرة بين الوريث والوصي والأزواج، لافتاً إلى أنّه من أجل تجنب الوقوع في مشكلات تأتي على الموكل بالخسارة المادية والمعنوية لا بد من متابعة الوكيل والتحقق من خطواته في العمل المراد إنجازه، وفي حال خرقه الشروط المذكورة في الوكالة يجب إلغاؤها فوراً عند كاتب العدل، وإرسال إخطار رسمي إلى الوكيل يعلمه بإلغاء الوكالة، مُشدداً على ضرورة إعلامه ولو حتى برسالة عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني.
وأشار إلى أنّه تم الاطلاع عن قرب على بعض الشواهد والحالات المنظورة أمام المحاكم، منها أنّ إحدى السيدات كان لديها شركة كبيرة متعددة الأنشطة والفروع، ورأت لكبر سنها ومرضها أن تقوم بتوكيل ابنها على الشركة، وما لبثت فترة قصيرة حتى توفيت، فقام ذلك الابن باستغلال الوكالة وحرمان الورثة تحت ذريعة الديون والخسائر، وهناك سيدة أعطت الثقة لأحد الوكلاء لتسيير بعض الأعمال التجارية الخاصة بشركتها، فاكتشفت بعد فترة من الزمن أنّه قام باستغلال الوكالة وباع عقاراً دون علمها! وإحدى الزوجات أخرج زوجها الذي يعمل موظفاً حكومياً سجلاً تجارياً باسمها وقام بمباشرة التجارة، وعندما حدث سوء فهم بينهما قام بإقحامها بالديون والقروض البنكية!
ناصر الثويني
سلمان العنزي
محمد الزهراني
كثير من القضايا بسبب سوء استغلال الوكالات الشرعية
اختيار الوكيل المناسب أهم خطوات الوكالة
تخصيص الوكالة وعدم تعميمها يحفظ حقوق الموكل
الوكالة العامة.. تهور!
حذّر سلمان العنزي من صلاحيات الوكالة العامة بحكم أنها تمنح للوكيل التصرف بشؤون الموكل بطرق سليمة تبعده عن المساءلة القانونية، فقد يتمكن بموجبها أن يبيع ويشتري وأن يرهن له ولغيره، ويمكنه أيضاً أن يستلم المبالغ المالية أو أن يصرف شيكات تخص الوكيل أو أن يتدخل في التسويات بصورة تعارض هدف الموكل، كأن يتنازل عن الخصوم أو الأطراف في قضية للموكل، حتى إذا ما ألغى الموكل الوكالة قد يستخدمها الوكيل ويستفيد منها ما دامت النسخة الأصلية تحت يده؛ لذلك لا بد من محاولة إعادتها وإبلاغه ببطلانها.
وقال إنّ الوكالة العامة من أخطر الأنواع كونها ذات شمول وتعطي الوكيل صلاحية مطلقة وكاملة في التصرف بأموال الموكل المنقولة وغير المنقولة، أمّا الخاصة فهي مخصصة أكثر أي محددة كونها تخول الوكيل صلاحية التصرف في شيء معين فقط، كمتابعة المعاملات البنكية أو العقارية أو الشركات أو المؤسسات، أما المشروطة فهي المحدودة بتاريخ أو غرض معين.
وأضاف أنّ من المسائل السائدة في المجتمع توكيل بعض أصحاب الشركات والمؤسسات لأفراد يقومون عنهم ببعض الأمور، وما يحصل أن هذه المسألة لها أبعاد مأساوية وخسارات فادحة، يتكبدها صاحب العمل كونه المسؤول الأول عن هذه المنشأة، وأغلب النزاعات الحاصلة عندما يثق صاحب العمل بالموكل ويجري له وكالة تخوله التصرف بصورة قد تضر به، فيتحول في النهاية إلى مدين!
وشدّد على أهمية أن يحتاط الموكل لنفسه حتى لا يترك للوكيل ضعيف النفس مجالاً للتلاعب بها، كأن يقوم بتخصيصها بتصرفات أو أعمال معينة حتى يغلق الطريق أمام الوكيل كي لا يستغلها لمصلحته في استخراج التأشيرات والسجلات التجارية ونقل الملكيات والسحب من الرصيد والاستفادة من القروض البنكية والبطاقات الائتمانية.
وأشار إلى ضرورة استشارة أحد المحامين المرخص لهم لأخذ مشورته والاستئناس برأيه لأنه الأقدر كمختص بعد كاتب العدل على إشعار الموكل بأبعاد الوكالة وإفهامه بها وبمحتواها وكتابتها وقراءتها والتأكد من مضمونها واستيعابها جيداً، ومن ثم التوجه لكاتب العدل لاستخراجها.
«توكيل الغير» مدخل للاستغلال
شدّد سلمان العنزي على أهمية عدم تضمّن الوكالة عبارة «توكيل الغير»؛ لأنّها تجعل للموكل وكلاء لا يعرفهم ولا يعرف أسماءهم، كما يجب تحديد الوكالة تحديداً نافياً للجهالة لا التعميم كما لو كان يتعلق ذلك ببيع سيارة يجب تدوين بياناتها وأوصافها وينطبق هذا أيضاً في العقار، وحتى في المرافعة والمدافعة يجب تعيين الموضوع محل الوكالة جيداً كي لا تستغل فيما لا تحمد عقباه.
وقال: إنّ الوكالة بشكل عام يفترض أن تكون خاصة في أمور محددة، والابتعاد عن حق الصلح، والاستلام، والتسليم، والصرف، والإقرار، أو التنازل، أو الصلح، إلاّ في أمور محددة القضايا والمهام بذاتها، فهذه الأشياء خطيرة ومن المؤكد أنّها ستتسبب في أضرار جسيمة للموكل إذا ما تم استغلالها من قبل ضعفاء النفوس. وأضاف أنّه يجب الحذر من منح الوكيل التوقيع نيابة عن الموكل وكذا استلام المبالغ نقداً أو السحب من الحساب البنكي أو السماح له بالتقديم على القروض أو التسهيلات البنكية أو استخراج البطاقات البنكية الائتمانية أو غيرها أو الأخذ بالتقسيط أو نقل الملكية أو التنازل، مبيّناً أنّه يجب عدم وضع الثقة في غير محلها، وحينها لا يقال بأنه مقصر ومهمل بل سيقال هذا شخص مفرط في حقوقه. وأشار إلى أهمية وعي الموكل عندما يرغب في التوكيل من غير المحامين المعتمدين أن يكون معروفاً لديهم وذو اعتبار، وأن تكون الوكالة خاصة بذات الغرض الذي من أجله تم إصدارها، وأن يقوم الموكل بكتابة عقد مع الوكيل يتضمن التعليمات والتوقيعات اللازمة لحفظ حقه مستقبلاً.
وأوضح أنّ أغلب فئات المجتمع التي تقع ضحية ما يسمى بالوكالة العامة هم من النساء سواء سيدات أعمال أو ممن لديهن ظروف أخرى، وهذا نابع من حاجتهن القائمة إلى الوكيل وأن وقوعهن قادم من الجهل بالأنظمة الإجرائية وصعوبة مراجعة ومتابعة بعض الأعمال إلاّ أنهن لاحقاً وقعن في مشاكل عدة مع موكليهم تعج بها المحاكم، بعد أن أصبحت تلك الوكالة تدور في فلك السرقة والاحتيال والنصب والاستغلال من ضعاف النفوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.