ورحل عابد خزندار.. رحل تاركا وراءه فراغا كبيرا في الساحة الثقافية المحلية لايملؤه سواه. أثرى المشهد الثقافي برؤاه المستنيرة في سبيل إيصال الحقيقة بلا رتوش. في هذا الاستطلاع نطوف حول أصدقائه والمقربين منه للحديث عن أبرز إنجازات خزندار على المستوى الثقافي... للحديث عن خزندار المثقف والأديب والمفكر والإنسان. قال محمد الحمد رئيس نادي حائل الأدبي السابق: "الأستاذ عابد خزندار -رحمه الله تعالى- بحر متعدد الشطآن، ترجم ونظر وأبدع، وهو من القلائل الذين جمعوا الثلاثة - النقد والترجمة والإبداع - في عمل واحد متجانس وهو كتابه (حديث المجنون ) الصادر عن النادي الأدبي بحائل بالتعاون مع دار الانتشار.لك أن تقول عنه إنه كتاب مختارات ذات ارتباط عضوي حميم، فهو يعتمد في مضمونه على ما يستله من ثقافته الموسوعية التي تجمع بين تراثنا العربي وتراث الحضارة الغربية بوعي واقتدار. ولك أن تضعه ضمن أعمال السيرة الذاتية الإبداعية بما يتضمنه من سرد يستضيء بتجاربه الخاصة. وفي الحين ذاته لك أن تعده من كتب النقد الأدبي حيث يستدرجك بين ثناياه من رؤية نقدية إلى أخرى ومن تحليل أدبي الى آخر. إن هذا الكتاب بما يحمله من امتزاج يمثل شخصية مؤلفه رحمه الله خير تمثيل فهو ثري كثرائه متعدد كتعدده فضلا عما يتمتع به من لطافة أخاذة وأدب جم حتى مع مخالفيه في الرأي غفر الله له واسكنه فسيح جناته. العامري: آخر النبلاء الذين يكتبون وهم في كامل أناقتهم فيما قال القاص والروائي عمرو العامري: "كان المرحوم الأستاذ عابد خزندار آخر النبلاء الذين يكتبون وهم بكامل أناقتهم ..إحتراما لنبل الكلمة وللمتلقي الذي كان المرحوم الأستاذ عابد لا يظنه إلا نبيلا.عرفنا الأستاذ المرحوم عابد أول ما عرفناه أستاذا يأخذنا بصمت وهدوء نحو المختلف..كان مختلفا في ما يكتب..مكنته ثقافته الفرنسية والإنجليزية أن يغوص في أدق تفاصيل ذلك العالم الذي يتأخر كثيرا ليصلنا عبر ثقافة الترجمة"، مضيفا: "كان أستاذنا يسبقنا ليغترف من كل ذلك الجمال والتفرد وكان يكتب لنا دون شعور بالأستاذية أو التعالي..ظل كما هو مجرد مثقف يحاول أن يجعل العالم أجمل. وكان يكتب زاويته التي تنقل بها واستقر بها أخيرا في جريدة الرياض كان يكتب ما يظن أنه إحدى أدوات إصلاح المجتمع ولم يفقد الإيمان بهذا الوطن. النعمي: جدية في الطرح واتزان مع ردات الفعل ولا في أن يجعله أجمل..كان يحاول أن يضع المبضع على الجرح. كتب كثيرا عن الجماليات وعن الفن وعن جنون اللغة وقد مكنه إتقانه للغة الفرنسية تحديدا وحياته قريبا من تلك المساحات من الحرية بأن يبشر بقيم وجماليات كان يظنها ممكنة. الأستاذ المغفور له كان موسوعة جمالية حية ولم ينل حقه من التكريم وكان زاهدا في المنابر وحتى في الكتابة بل أنه كتب متأخرا جدا وكتب بعامل الصدفة ..لكن كان لديه ما يقول ليكتب" وقال العامري: "خسارتنا اليوم كبيرة في إنسان دفع ثمنا كبيرا ليظل حرا وليظل مستقلا بنبل المثقف وولاء المواطن لهذه الأرض وابن هذه الأرض والرغبة المفرطة في أن يغدو الكون جميلا. ومعذرة لضيق المساحة والوقت وإلا فأستاذنا يستحق ما هو أكثر..يستحق حزنا يليق" متسائلا : "وكيف نكتب خسارتنا؟ وكيف نكتب عن تاريخ مضى دون أن ينال ما يستحق؟". من جانب آخر فقال أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبد العزيز حسن النعمي: "رحم الله الأديب عابد خزندار، اشتغل بالأدب، ولم يشتغل بالصرعات حول الأدب. وهذا حقق له أمرين ثابر عليهما، هما الجدية في طرحه، وعدم الانسياق وراء ردات الفعل. كان أحد صناع الحداثة بهدوء وعقلانية، في الوقت الذي كان الآخرون في صخب وردات فعل غيبت كثيراً من المفاهيم الجادة. ترك العديد من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية والمحلية، أسفي أنه لم يكرم في حياته بشكل يليق بعطائه، ولعل مؤسساتنا الثقافية تستدرك الأمر بدراسة إنتاجه من خلال أحد ملتقياتها السنوية." محمد الحمد د.حسن النعمي