الوطن كالأم الحنون يحتضن أبناءه ويخاف عليهم من أنفسهم ان تؤذيهم أو تشقيهم أو لا يحسنون التصرف أو يتهورون فيواجهون قسوة الحياة لعدم مبالاتهم وإدراكهم للنوائب والعواقب ويظنون انهم أقوياء وذوو بنية صلبة وعقل وفكر وتوجه وادراك لكل الأمور فيفعلون ما يطيب ويحلو وفي ظنهم هو الصواب والأصح , يرون الحرية هي ما تروق وتنسجم مع أهوائهم وان ما يعجبهم ويشدهم وبطرقهم يعبرون عنه ويتوهمون بتقاليد ومدنية العالم الغربي والذي يجدونه أكثر تقدماً وتحضراً حتى وان طغى هذا البلاء المسيطر وحطم المثل وتنكر للمبادئ والقيم والعادات والإنسانية وجعل كل فرد منهم لا يهمه الا شخصه وغرائزه ولا تعرف له مكانة أو يذكر الا بما لديه من نفوذ وثروة , ذلك المقياس الذي يتبعه والمتحكم فيه , فالمجتمع يخيل له ان بمقدوره وبما يملكه من أموال طائلة يطوعه وفق ارادته والحياة هو يسيرها ويعيشها بالمتعة المفضلة والمستساغة , لهو وطيش وبطش ويا دنيا اتهدي وما عليك إنسان مثلي . غرور وأنفة وتباهٍ كطير الطاؤوس متباهياً بريشه المزين والمزخرف والذي ينسيه انقضاض أعدائه من الضوارى فيفترسونه فيهلك ولا ينفعه كبرياؤه وغطرسته. سعدنا ولم تسع الدنيا أفراحنا بعيد الوطن الشامخ عزنا ومجدنا وأرضنا المفتداة بدمائنا وأرواحنا , جميعنا استشعر بزهو وعلو وعظمة الوطن بداخله فقلبه عاشقه وعيناه يقظة لا تنام لتحميه , والشفاة بالدعاء تنادي خالقها ومعبودها وتتوسل إليه سبحانه وتعالى ليحفظه وقادته البواسل والأوفياء وشعبه العريق المخلص المضياف. والاقلام صادقة القول سطرت وكتبت وصاغت أجمل وأعذب وأجل الأوصاف الحقيقية والابداعية لتظهرالوجه المنير والمشرق لاقدس واجل وطن , موطن الهدى ومهبط الوحي ومبعث سيد الانام والمرسلين النبي والرسول قرة عيني حبيبي محمداً صلى الله عليه وسلم .. فحل ياوطن يوم عيدك المجيد ليمنحنا ابتهاج بك فتضمنا وتغمرنا بفيض حنانك ولكن فئة من الشباب خرجت بتقاليع وأفعال ومسالك لا تنم أو تكن عن مدى حبها ومكان الوطن فى أضلعها. لقد اساءت لنفسها عندما اتحذت الفوضى والمهاترة والهمجية بتصرفات مخجلة وأدت بها لازدحام الطرق والميادين والمراكز والأسواق التجارية بلا جدوى أو هدف مفيد أو أسلوب حضاري تظهر فيه الاحساس المرهف بعيد الوطن . كلما صدر منها من أعمال أظهرت اللعب واللهو وازعاج وكبت حرية البشر الآمنين حتى وان آثروا البقاء في منازلهم, لم يأمنوا للسرعة الجنونية وأصوات المركبات وصراخ الشباب واطلاق العنان لمنبهات سياراتهم وكأنهم على الأرض وحدهم , اين الآداب التي بنيوا عليها والأخلاق التي تعلموها , ضاعت وما كان لها أثر. وإلى متى سيطلق زمام اللامبالاة لهذه الفئة ونلزمها لتعرف بلا قسر أو جبر عليها ان الإدراك والوعي والحرية سلوك إنساني بنى عليه بنو البشر وانهم يحتاجون لعقولهم لتطبيقه لا للتقليد أو التشبه بارازل المجتمعات البربرية والمرفوضة ديناً وعقلاً والسير على نهجها , عفواً يا تاج رأسي يا غالي يا وطن , فهم جهلاء وبكلما حاكوه وادخلوه اساءوا به لانفسهم وما صدقوا فيه التعبير لحب الوطن ..