الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    السعودية بين الردع والسلام ومعادلة القرن الجديد    كيف قرأ العالم اتفاقية السعودية وباكستان    ChatGPT يتيح أهم مميزاته مجانا    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية الهند    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    «خمس سنوات».. تدعم توازن السوق العقاري بالرياض وترفع جاذبية العيش فيها    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    ضبط 18421 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    الصقور المنغولية في «الصيد السعودي الدولي»    "الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام بسانتياغو    «أم جرسان».. أقدم مواقع الاستيطان البشري    خطيب المسجد الحرام: الوطن عطيّة لا تُقَدَّر بثمن    نيوم يهزم الرياض ويتقدم للثالث.. الفيحاء يكسب النجمة.. القادسية تجاوز الفتح    المملكة وباكستان.. تحالف استراتيجي    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    إنجازًا طبي لزراعة مفصل المرفق    القادسية يرتقي للوصافة بالفوز على الفتح    4320 شركة ومكتبا هندسيا في المملكة    ترقب لحركة تداول بعد موجة الارتفاع    57% استجابة البنوك الخليجية لمحادثات العملاء    بلادنا أعزَّها الله    محمد بن سلمان.. قائد التحول    تقدم وازدهار    الطبع السعودي    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    ضبط 4 يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    تأهيل وادي قناة بالمدينة    الحرب على غزة.. شهداء وجرحى ومنظمة أطباء بلا حدود تعلق عملها    أمريكا تلغي تأشيرة رئيس كولومبيا بسبب تصرفاته "المتهورة" في نيويورك    أمانة العاصمة المقدسة تطلق بطولة البلوت ضمن فعاليات اليوم الوطني ال95    سوق الأعمال في المعرض السعودي للفعاليات    الارتقاء بالمحتوى الرقمي    رحل من كان أبا للجميع    تعرف على غيابات الهلال أمام ناساف الأوزبكي    حماة البيئة    الأمير سعود بن نهار يشهد احتفال أهالي الطائف باليوم الوطني السعودي ال 95    فتح باب الشراكات لتشغيل المركبات ذاتية القيادة في المملكة    د. البقمي: سجلات المتبرعين وبنوك الحبل السري تدعم الطب التجديدي    المملكة تروِّج لاستضافتها المؤتمر العام ال21 لمنظمة UNIDO    فعاليات قرية جازان التراثية تشعل الواجهة الجنوبية احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال95    عطيف يحصل على وسام الملك عبدالعزيز    جمعية إحسان لحفظ النعمة تنفذ برنامج "عزنا بوطنا" للأطفال احتفاءً باليوم الوطني ال95    الملحقية الثقافية بماليزيا تحتفي باليوم الوطني السعودي ال٩٥    أمطار رعدية غزيرة على عسير وفرصة للسيول بعدة مناطق    في صمت النفس غربة الواقع وتمرد العقل    المزاح والضغوط النفسية    لوران بلان يُبرر خسارة الاتحاد في الكلاسيكو    مهنة التسول    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    الأخضر السعودي تحت 20 يرفع استعداده لمواجهة كولومبيا ضمن كأس العالم    نجوم الفنون القتالية يتحدثون عن استعداداتهم في المؤتمر الصحافي ل«دوري المقاتلين المحترفين» في الرياض    إيران لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جامعاتنا الجديدة.. غير

قبل عدة أسابيع، صدر قرار بإنشاء ثلاث جامعات جديدة (بيشة وجدة وحفر الباطن)، وكم سعد المواطنون وخصوصًا أبناء تلك المناطق التي استُحدثت بها الجامعات الجديدة بهذا القرار، وحُقّ لهم ذلك. من مميزات تلك الجامعات الجديدة -وقد يختلف معي البعض في كونها ميزة- أنها نشأت من رحم جامعات عريقة في المملكة. عليه فهي ليست جديدة بالكلية، لكنها فروع سابقة لتلك الجامعات الأم، بل إن بعض كليات تلك الجامعات الجديدة قد خرّجت طلبة منها إلى سوق العمل.
لا شك البتة بأن دراسات الجدوى قد أثبتت الحاجة "الماسة" لقيام تلك الجامعات، بل وأزيد بأن الحاجة لا تزال قائمة للمزيد من الجامعات، ولذلك حديث آخر ليس هذا مكانه. لكن بين تطلعات صاحب القرار والجمهور المستفيد قد تكون هناك فروق وتفاوت. فالمواطن قد يرى وجود الجامعة مهمًّا في منطقته من ناحية وجود الكليات بالقرب منه جغرافيًّا، والتهوين من الغربة ومضاعفاتها على أبناء وبنات المنطقة. وهذا مطلب مشروع ومقبول. كما قد يستخدم الكثافة السكانية كدليل على أحقية مطالبته بإنشاء الجامعة، وهذا كذلك مقبول. لكنه قد لا يكون قد سأل نفسه: أي جامعة نريد أن تنشأ في منطقتنا، بل قد لا يرى لهذا السؤال مناسبة، وقد يجيب عن نفسه بتساؤل: أليست فرعًا سابقًا للجامعة الكبيرة والمرموقة؟ إذًا يكفيني أن تكون جامعتنا مثلها أو على خطاها!
لكن في الحقيقة، فإن إنشاء جامعة جديدة "ذات مستوى مرموق" تحدٍّ كبير. فقد كتب الأكاديمي المعروف جمال سالمي دراسة مشهورة بعنوان: (تحدّي إنشاء جامعة جديدة ذات مكانة عالمية،The Challenge of Establishing World-Class Universities)، وحدد ثلاث نقاط لتتميز أي جامعة جديدة يُراد لها أن تُستحدث، وأن تتميز عن غيرها ولخصها في:
* التركّيز العالي للكفاءات (أساتذة وطلبة) .A high concentration of talent (faculty and students)
* وفرة الموارد التي تُمكّن من إيجاد بيئة تعلم غنية وتساعد على القيام بالأبحاث المتقدمة Abundant resources to offer a rich learning environment and conduct advanced research.
* القيادة الأكاديمية الواعية التي تملك نظرة إستراتيجية وإبداعية في ذات الوقت Favorable governance features that encourage strategic vision and innovation.
بعد كل هذا التحضير الذهني للقارئ الكريم حول أهمية تميّز جامعاتنا الجديدة، دعونا نذهب لأرض الواقع، ونحاول تطبيق ما تقدم ذكره على جامعاتنا الجديدة، ولنأخذ "جامعة جدّة" أنموذجًا:
تعارف الناس من خلال الإعلام على أن "جدّة.. غير، أي متميّزة"، وفي نظري أن أحق من يمكن أن يتمثل ذلك (التميّز) هو جامعة جدّة، وإليكم الأسباب والحيثيات:
1- في جدة جامعتان حكوميتان مهمَّتان، تملكان رصيدًا تاريخيًّا وعلميًّا لا يمكن تجاهله، وهما جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبدالعزيز، بالإضافة لعدد من الجامعات والكليات الخاصة.
2- جامعة الملك عبدالعزيز هي الجامعة الأم لجامعتنا الجديدة، وهي على المستوى الوطني جامعة متميّزة تعليميًّا وبحثيًّا، وتكاد تكون مستوفية لكل التخصصات والكليات الممكنة.
3- جامعة العلوم والتقنية جامعة بحثية بنكهة عالمية، وبرغم حداثة إنشائها، إلاّ أن بصماتها العلمية والبحثية أصبحت مشهودة تثير الإعجاب والاهتمام.
4- ليس من المقبول أن تكون "جامعة جدّة" نسخة مصغرة من جامعة الملك عبدالعزيز. فإن فعلت ذلك ستفقد هويتها، ولا يمكن أن تنافس جامعة الملك عبدالله بما لديها من إمكانيات وتقنيات متقدمة وشراكات علمية قوية ومميّزة.
لكل تلك الحيثيات، لابد لجامعة جدّة أن تختط لنفسها طريقًا جديدًا ومتميِّزًا، يلبي حاجات المجتمع ممّا لم تتطرق إليه، أو تهتم به بقية الجامعات المجاورة بصورة كافية. إن تميّزها ليس بالضرورة أن يكون من خلال إنشاء كليات وتخصصات غير موجودة فحسب، وذلك ممكن ومتاح، بل يمكن أن يأتي من خلال الطروحات التالية:
- الإصرار على محدودية عدد الطلبة، بحيث لا تتعدّى 15 إلى 20 ألفًا على أقصى تقدير. مع وضع آلية منضبطة لقبول طلبتها على أساس الكيف لا الكم والتميّز الأكاديمي، والعمل من اليوم الأول على جعل الطالب هو صاحب القرار الحقيقي في مسيرة تعلمه.
- استقطاب كفاءات أكاديمية عالية التأهيل، ووضع الآليات المناسبة لحوافز مالية مغرية جدًّا لاستقطابهم، وأفضل وسيلة في نظري هي حوافز البحث العلمي الجاد والمتميز والمثمر.
- الخروج عن نمطية المناهج الدراسية الحالية، والبدء بما انتهت إليه أفضل الجامعات في مناهجها التعليمية وآليات التعلم فيها.
- وضع تصور واضح ودقيق ومنضبط، ومن اليوم الأول لأولويات البحث العلمي للجامعة، والتأسيس لآليات تعظيم الدعم المالي له ومن خارج المنظومة المالية الرسمية المعروفة.
- تمكين المجتمع المحلي من المشاركة الحقيقية ومن البداية في صنع القرار مع الطلبة وأعضاء هيئة التدريس وإدارة الجامعة، ليصبح شريكًا حقيقيًّا كامل المسؤولية تجاه الجامعة (ماديًّا ومعنويًّا).
إننا لا نريد أن نعيد صناعة العجلة من جديد، لكن يمكننا دائمًا أن نصنع العجلة الأجود والأقدر على تحقيق الأهداف المطلوبة منها لهذه المرحلة. إن جامعة جدّة ليست إلاّ أنموذجًا لما يمكن أن تتميّز به عن غيرها، وحينها فقط يمكن للطالب والأستاذ فيها والمجتمع من حولها أن يقولوا جميعًا (جدّة.. غير! أي جدة التميّز).. وبالله التوفيق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.