يُوَسِّعُ أيُّ قاض كان، دائرة معارفه بالتواصل الدائم مع منجزات العصر، وفي حالة غيابه تتلاشى معرفتُهُ وتضمحل، والتدريبُ منهج اختطّتُهُ وِزارة العدل، وها هُوَ وزيرُها (د. محمد بن إبراهيم العيسى) يقول:" يوجدُ تدريبٌ عامٌّ للقضاة، تَمّ من خلاله تأهيل 27 ألف موظف بالوزارة، إضافة إلى خضوع 20 ألف شخص للتدريب القضائي، وأخبرني المدرّبُون بأنهم استفادوا من القُضاة، خلال الدوْرَات التدريبية، أكثرَ مِنْ استفادةِ القضاةِ منهم، بسببِ طَرْحِهم ومناقشاتِهم الإيجابية" (صحيفة الحياة، 23 ذو القعدة 1433ه، ص 5). مِنْ المتفقِ عليْه أنّ تدريبَ القاضي ثقافة تأسيسية، ومِنْ الخطأ أنْ يعزِل أيُّ قاضٍ نَفْسَه، عن حقول المعرفة، وقدرته على بسْط العدْل، وإقامة الحدود، وأستعيدُ الحديثَ النبوي الشريف" حَدٌّ يُقَامُ في أرضِ الله، خَيْرٌ من أنْ تُمْطَرُوا أربعينَ صَبَاحاً" وهكذا وببساطة: فإن القاضي المدرب، يحول اللحظات القاتمة، إلى ومضات من الإشراق والسعادة، ويصبح مشروعا حقيقيا للتغيير، بعيدا عن التسلُّطِ، والتّعَصُّب، والهَيْمَنَة. ومن الثابت أنّ القضاء في المجتمع السعودي، يواجه قِلّةً في أعداد قضاته، وإطالةَ أمَدِ البتِّ في كثير من القضايا، حتى إنني أعرفُ من فضّل التنازلَ عن حقِّه مُكْرَهاً، من أنْ يدور في أروقة المحاكم، وهو موقِنٌ بأنّ القضاءَ السعوديَّ نفْسَهُ مستقل، لا سُلْطانَ عليه، إلا ما جاء في كِتاب الله عز وجل، وسُنّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم. إذاً تدريب القضاة على أحدث ما في علوم العصر، وسيلةٌ عقلانية، وعلاجٌ أضمن وأنجع، لتصويب أيِّ خطأً، وإعادة البناء على أساس من الفهم والتفهم والتفاهم، ونشر ثقافة قضائية، من زاوية الحاجة الملحة إليها، ومن المؤكد أن تدريب القضاة السعوديين، يزيد من نزاهتهم، وصلابتهم في الحق، وفطنتهم، وحُسْن أفهامهم، وهو سلاحٌ في أيديهم لا يَثْلَم، يرسخون به مبادئَ حقوق الإنسان، وقيمَه، وتاريخَه، وهُوُيّته. أختمُ بدعوة للقضاة الأفاضل من الكاتب السعودي المعروف (تركي الدخيل)" أنْ يتصالحوا مع القوانين، وأنْ يقرؤوا عن المحاكم في أوربا، وأمريكا، وفي بقية الدول المشهورة بعدالة قضائها، ونزاهته، والثقافةُ التي يحتاجُها القاضي أوسعُ مِنْ كُتُبِ الفِقْه، التي يحصرُ بعضُهم اطِّلاعَهُ عليها، وإنْ كانت مهمة " (صحيفة الرياض، 25 ذو القعدة 1433ه، ص 6). [email protected] فاكس: 014543856