لا يمكن فهم تفاعل قضية «الجيزاوي» وتصاعدها بعيدًا عن السياق الإعلامي وطريقة التعاطي مع المسألة؛ وفقًا لما يسميه علماء الاتصال أركان العملية الاتصالية: المرسل والرسالة والوسيلة... أما على صعيد المرسل فنجد «حارس البوابة» صحفيًا ميدانيًا أو رئيس تحرير أو مذيعًا تلفزيونيً أو مدير قناة.. هؤلاء لديهم تحيزاتهم وأيديولوجياتهم التي تؤثر في اختيارهم لخبرٍ (ما) دون عشرات الأخبار، ورفعه ليكون الخبر الأول في الصحيفة أو النشرة الإخبارية التلفزيونية؛ ووفقا لهذا التركيز المصحوب بالتكرار يصبح الخبر الأول لدى الجمهور وحديث الساعة.. وهو ما يسمى بصناعة (الاجندة) وترتيب أولويات الجمهور. وأما توظيف «الرسالة» في تدعيم أي خبر؛ فيأتي من زاوية الأسلوب الساخن وتوظيف الإثارة ومحاولة ربط (الخبر) بالجمهور واهتماماته.. وهنا نذكر نظرية (السياق) أو الاطار الذي يوضع فيه الخبر فيرفع أهميته.. فعلى سبيل المثال حاولت بعض وسائل الإعلام وضع خبر الجيزاوي ليس كحادثة وجنحة أمنية قد تثبت أو لا تثبت؛ بل -وهنا الخطورة- تم وضعه في سياق سياسي وهو ضرب الثورة المصرية باعتبار أن المستهدف أحد الناشطين بالثورة المصرية! وأخيرا.. فإنه لولا تركيز وسائل الإعلام المختلفة وبالأخص الفضائيات ذات الانتشار الواسع والتي يعتمد عليها الجمهور كمصدر إخباري موثوق، وبعضها ذات مصداقية عالية كالبي بي سي.. ساهم في إبراز الحدث وجعله في صدارة المواد الإعلامية الأخرى رغم أهمية الأحداث وسخونتها.. بالطبع لا يمكن اغفال عناصر أخرى ذات أهمية في التصعيد الإعلامي وهي الظروف غير الطبيعية التي تمر بها الثورة المصرية والتي تؤدي إلى حالة من السيولة السياسية والإعلامية.. وحسنا فعلت القيادة المصرية ممثلة بالقيادات المنتخبة بمجلس الشعب بتشكيل وفد على أعلى مستوى لإطفاء نار الفتنة وتعميق الهوة بين أكبر دولتين عربيتين لتفتيت الكيان العربي.. وهو ما تحلم به، بل وتعمل عليه، أطراف متربصة إقليمية ودولية تنتظر الفرصة للانقضاض على أمتنا العربية. [email protected]