ذكراكِ

التجأتُ إلى ذاكرتي هربًا من جفاف الأيام وقسوة الحياة.. ورحمةً بنفسيتي من الانكسار.. فتذكرتكِ وأنتِ بعد صبية أتابعكِ بقلبي قبل عيني.. أراقبُ خطواتكِ.. وأتتبعُ ضحكاتكِ.. ولعبكِ مع صويحباتكِ.. أقول لخلاني وأصدقائي هذه هي حبيبتي.. وسكن فؤادي.
كنتُ ألمحكِ خلفَ الرواشين تراقبينني وأنا عائدٌ إلى البيتِ.. وكأنكِ تنادين مشاعري وتخبرينها بوجودكِ.. وأنتِ لا تدرين أن قلبي كان يفز لرائحة عطركِ.. ويخفق مع كلِّ زفرةٍ من أنفاسكِ.. وعندما كبرتِ كنتُ أراقبكِ من بعيدٍ.. فتنسابُ تنهداتي.. وتتدافعُ عواطفي عسى أن تشعري بها أو أنْ تصلَ قلبكِ.
أجلسُ على مقعدي قربَ النافذةِ أنتظرُ مرورَكِ.. وأترقبُ وقعَ خطواتِكِ.. وشذى عبيركِ.. أراكِ في ضوءِ القمرِ.. وبين ثنايا أوراقي.. وسطور دفاتري.. حين كان يزورني طيفُكِ في مساءاتي يداعبُ ستائرَ غرفتي.. كنتُ أنامُ قريرَ العينِ.. هانئَ البالِ.. سعيدَ الخاطرِ.. كطفلٍ بريءٍ.
كنتُ أقفزُ كالصغارِ حينَ يرنُّ جرسُ الهاتفِ في بيتِنا عسى أنْ يأتيني صوتُكِ.. أتلذذُ بنغماتِهِ.. وأنسجُ معَهُ ألفَ حكايةٍ وحكايةٍ.. كنتُ أخترعُ الأعذارَ؛ لأصلَ إلى بابِ بيتِكم عسى أنْ تكوني أولَ من يفتحُ البابَ.. كنتُ أرسمُ لكِ قلوبًا حمراءَ أطيرُها في الهواءِ علَّها تصلُكِ فتلمسين حرارةَ غرامي.
حبي لكِ لا يعرفُ الحدودَ.. ولا يؤمنُ بنقاطِ التفتيشِ.. ولا يرضخُ للحواجزِ والممنوعاتِ.. يسافرُ حرًا مع النسماتِ.. ويحلِّقُ كالفراشاتِ.. ويباهي كالصقورِ.. يغزو الفضاءاتِ.. ويخترقُ المسافاتِ.. ويبحرُ في الآفاقِ.. ويتخطّى كلَّ الموانعِ والحراساتِ.
عن أيِّ حُبٍّ يتحدثون يا سيدتي غير حبي لكِ..؟!
وعن أيِّ غرامٍ يتسامرون غير غرامي بكِ..؟! وعن أيِّ جمالٍ غير جمالكِ يصفون..؟؟!!
حبي لكِ كصدقِ البداياتِ.. عفويٌّ.. طفوليٌّ.. بريءٌ.. طاهرٌ.. عفيفٌ.. نقيٌّ.. كما أنتِ في طهركِ.. ونقائكِ.. وعفويتكِ
لم أعرفْ أغلى.. ولا أثمنَ.. من لحظةِ صفاءٍ بقربكِ.. فلا دواتي.. ولا كراريسي.. ولا تعابيري يمكنُها وصفَ عشقي لكِ.. بقدرِ نبضاتِ قلبي.. وأحاسيس روحي.. أنتِ الطفولةُ.. والشبابُ.. والكهولةُ.. والشيخوخةُ.. والعمرُ كلُّهُ لي.. أنتِ ببساطةِ حبي الأبدي.