الاضطرابات التي شهدتها تونس منذ منتصف ديسمبر الماضي وأسفرت أمس الأول عن تنحي الرئيس زين العابدين بن علي وتولي رئيس البرلمان فؤاد المبزع الرئاسة بشكل مؤقت ، مع ما رافق تلك التطورات من أحداث دامية ، وتخريب للممتلكات العامة والخاصة ، يتطلب من الشعب التونسي بكل أحزابه ونقاباته وأطيافه التحلي بالهدوء وضبط النفس للمحافظة على المكتسبات الوطنية وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد ، وبدء مرحلة جديدة تلبي تطلعاته وطموحاته وفقا للقيم الديمقراطية الحقيقية التي تحقق الشراكة بين القيادة والشعب ، وتفتح قنوات الحوار ، وتضع المصلحة والوحدة الوطنية فوق كل اعتبار. ما حدث في تونس ، وما يحدث في دول أخرى يؤكد على أن هنالك حاجة ماسة في تلك الدول لمكافحة الفقر والفساد ، وحل مشكلة البطالة ، وتعزيز قيم العدل والشفافية والمحاسبة باعتبارها الضمانة الحقيقية لاستقرار المجتمعات وأمنها ، وحتى تلتفت الأمة إلى قضاياها المصيرية ، وتعبئة جهودها وإمكاناتها لإرساء دعائم التنمية المستدامة ، ومواجهة مخاطر الفتن ومخططات التقسيم التي أصبحت تشكل التحدي الأبرز الذي تواجهه دول المنطقة في ظل الخلافات والانقسامات التي تعصف بها في أكثر من منطقة . إن المحافظة على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية في تونس في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها ينبغي أن يشكل الأولوية في أجندة أي حكومة جديدة يختارها الشعب التونسي من خلال الانتخابات التعددية ، وحتى يتحقق خروج تونس من أزمتها الراهنة ووصولها إلى بر الأمان ، وعودتها إلى ممارسة دورها الطليعي على المستويين الإقليمي والدولي. ما أعلنه الديوان الملكي فجر أمس من ترحيب حكومة المملكة العربية السعودية بقدوم فخامة الرئيس التونسي زين العابدين وأسرته إلى المملكة ، يعكس حرص المملكة على أمن واستقرار هذا البلد العربي الشقيق تقديرًا للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي الشقيق ، وتأييدها لكل إجراء يعود بالخير على هذا الشعب، ويؤكد على وقوف الحكومة السعودية التام إلى جانبه . المؤمل من الحكومة الانتقالية الجديدة أن تحدد سريعا الأسس التي تقود البلاد نحو الديمقراطية الحقيقية التي تحترم إرادة الشعب التونسي وتلبي مطالبه في الحرية والعيش الكريم.