ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    كلوب يدعم إلغاء العمل بتقنية «فار» بشكله الحالي    «هيئة النقل» تعلن رفع مستوى الجاهزية لخدمات نقل الحجاج بالحافلات    دول غربية تحذر إسرائيل من اجتياح رفح    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    مفتي المملكة يشيد بالجهود العلمية داخل الحرمين الشريفين    استكمال جرعات التطعيمات لرفع مناعة الحجاج ضد الأمراض المعدية.    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    أمطار وسيول على أجزاء من 7 مناطق    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    ولي العهد يستقبل العلماء والمواطنين بالشرقية    9 جوائز خاصة لطلاب المملكة ب"آيسف"    جوزيه مارتينيز حكماً لديربي النصر والهلال    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    ‫ وزير الشؤون الإسلامية يفتتح جامعين في عرعر    تشكيل الهلال المتوقع أمام النصر    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    بوتين: هدفنا إقامة «منطقة عازلة» في خاركيف    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    تراحم الباحة " تنظم مبادة حياة بمناسبة اليوم العالمي للأسرة    محافظ الزلفي يلتقي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    حرس الحدود يحبط تهريب 360 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    «عكاظ» تكشف تفاصيل تمكين المرأة السعودية في التحول الوطني    تشافي: برشلونة يمتلك فريقاً محترفاً وملتزماً للغاية    1.6 ألف ترخيص ترفيهي بالربع الأول    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    «الأقنعة السوداء»    السعودية والأمريكية    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    حلول سعودية في قمة التحديات    فتياتنا من ذهب    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    حراك شامل    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الدراسة في زمن الحرب    76 مليون نازح في نهاية 2023    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    فوائد صحية للفلفل الأسود    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(محمد صادق دياب)
نشر في المدينة يوم 11 - 01 - 2011

أول معرفتي بالصديق العزيز محمد صادق دياب كانت من خلال مجموعة «حكاوي» التي نشرت له في جريدة المدينة في الفترة ما بين 1397-1401ه والتي جمعها في ما بعد ستة عشر حكاية من الحارة، كنت أتابع بحرص ما تيسر لي ما تنشره جريدة المدينة لهذا الكاتب المبدع والتي كانت حكاويه من النوع المشوق الذي يلامس شغاف قلبي ويعيدني إلى حكاوي الصغر والتي كنا ننام عليها بعد صلاة العشاء مباشرة قبل أن نغرق في طوفان الفضائيات، ولم نجد أي جبل نأوي إليه ليعصمنا منها، فيمتد بنا السهر تعمل أصابعنا إلى أسفل وأعلى نبحث عن محطة تناسب السهرة وترضي أذواق الجميع ولكن لا عاصم من أمر هذه الفضائيات إلاّ الله، تحصلت على هذه الحكاوي كاملة، وكانت كلها نابعة من الحارة بأخلاقها وتعاليمها ومبادئها وسلوكها، ستة عشر حكاية كل حكاية فيها (أنّه) ولها (هدف) إنها أشبه بحصص مدرسية يعلم المدرس الطالب فيها مبادئ الأخلاق والفزعة وإغاثة اللهفان ومساعدة الفقير وحب الخير، كانت تحكي عن الحب الحقيقي حب زمان وأيام زمان وكيف كان عشقهم يعلم العفة والكرامة بعيداً عن إسفاف وتفسخ حب اليوم المعلب الجاهز يأتي في لحظة ويذهب في التو كأنه مدهون بزبدة، كنت أحب أن أقرأ عاشق تحت شجرة النيمة، وكيف أنه أخلص لهذه الشجرة حتى بعد أن غادرت حبيبته إلى عشها الزوجي، فقد حرمه فقره من الارتباط بمن أحب، وتستمر حكاوي أبو غنوة جميلة مبدعة مؤثرة، احتفظت بهذه الحكاوي أرجع إليها في حالة يأسي من الحياة وتعبي منها، بل واشتريت مجموعة من النسخ أهديتها لأولادي ليتعلموا منها مكارم الأخلاق. ودارت الأيام وقابلته وتعرفت عليه عن قرب، أصبحت أراه دائماً يتصدر مجلسنا يفيض علينا من أدبه وأخلاقه وحكاويه الجميلة، ليس عن جدة وحسب، تلك المدينة التي عشقها حتى قال لي مرة صديقنا المشترك الدكتور فؤاد عزب على ما أعتقد أن الدياب لا ينام حتى يذهب إلى جدة القديمة ليطمئن على رواشينها وأبوابها وأزقتها ويشم عبق تاريخها ورائحة جدرانها، أخذني مراراً معه إلى جدة القديمة إلى حارة البحر والمظلوم واليمن والنزلة، وكأني به خبير آثار يحاكي زاهي حواس وهو يشرح جغرافية الأهرام وأبو الهول وتاريخ الآثار الفرعونية، أبو غنوة يحفظ جيداً الأماكن والأشخاص والتواريخ بل حتى التفاصيل بكل ما فيها من دقائق، محمد دياب إنسان تعشقه قبل أن تراه وتدمنه قبل أن تجلس معه، تتمنى صحبته ولا تطيق مفارقته، إنه قامة صحفية في تاريخ صحافتنا المحلية أديب عارف عالم بدهاليز الصحافة وفنونها وشجونها وليس متعالم أو متطفل علينا، لا يغضب ولا يقسو يعفو ويصفح ويسامح، أبو غنوة تحبه في السفر كما تأنس إليه في الحضر إنه مزيج ذو نكهة خاصة جمعت بين سموم مكة التي عاش فيها زمناً ورطوبة جدة فامتزجت النكهتين وشكلت شخصيته فكان محمد صادق دياب، تعامل مع الجميع في تاريخه الصحفي بحيادية كبيرة فلم يحسب على تيار ولا يستطيع أي ناقد أن يقول إن محمد دياب ينتمي إلى هذه المدرسة أو تلك، عامل الجميع باحترام وتقدير وسمح لكل تيار أن يعبر عن رأيه دون قيد أو مجاملة، وقد لمس المتابع الثقافي ذلك في ملحق الأربعاء إبان إشرافه عليه من فترة التجاذبات والتيارات الثقافية المختلفة. في مرضه الأخير الذي أسأل الله أن يعود منه سالماً قد جبر الله خاطره وخواطر محبيه ورفع عنه ضره، لقاء طيباته الكثيرة وحسناته التي لا تعد ولا تحصى وسعيه الدؤوب لخدمة المحتاجين ومن يلوذ به، يلقاك بوجه طلق وبسمة لا تفارقه، صدقات كثيرة في ميزان حسناته. يدفع الله بها ضائقته، كان أبو غنوة وأنا أودعه في مطار جدة يبتسم للجميع بروح معنوية عالية مفعمة بالأمل وحب الحياة والثقة بالله عز وجل، علمني ما أتفه الحياة وأن النوافذ للنور وأن الحياة مهما قست تظل جميلة وأن جمالها لا يمل في مطلع كل يوم جديد، علمني أن الحياة سائرة في خطتها كما أراد لها خالقها منذ الأزل وأن ما يحدث فيها من مشاكل وما يتفاقم فيها من أمور إنما هو شئ من تلك الخطة، التي لا بد أن تكون لتتابع فصول الحياة، أخذت منك الأجمل وتعلمت منك الكثير. كنت وفياً معي في مرض والدي سائلاً عني داعياً لي ناصحاً بالصبر والثبات حتى أحصل على الأجر كاملاً من الله، هونت علي الكثير من مصائب الحياة وقفت معي صديقاً ومحباً وناصحاً كنت تشجعني وأنت تقرأني. وتشد من أزري ضد كل من يهاجمني... ألست أنت الصحفي المخضرم وعالم النفس المقتدر وولد الحارة التي تشبعت بأخلاقها، نحن في انتظارك لتجمعنا كما كنت اشتقنا لرنة جوالك تتصل بنا تطلب أن نلتقي في أحد الأمكنة العامة تشع الفرحة على من حولك وأنت مستمتع يطفح وجهك بشراً وحبورا، وكأنك في لذة فرحاً كسحابة خير تنعش الأرض وتنبت الزرع كنت بيننا كمرش كادي في ليلة فرح مكاوي، إنك حقاً عمدتنا ولكن بلا مركاز وعُمّه وشَال أنت فنان وإنسان شكلت من حروفك وكلماتك لوحة شعبية جميلة فيها عبق الحارة ونكهة الرواشين وتراب الأزقة المرشوش بماء قربة السقا.
أبو غنوة، أودعك واضعاً قُبلة في راحة يمينك وقُبلة ثانية في راحة شمالك.
نشوفك على خير وبصحة وعافية عن قريب في جدة، إن شاء الله ... لتعود أيامنا الحلوة وهرجنا الدقة، لا زال بابك مهجورا مرصوصا مع باقي بيبان فيروز في شدوها الجميل فيه باب غرقان بريحة الياسمين وفيه باب مشتاق وفيه باب حزين وفيه باب مهجور وأنا كل تلك الأبواب حتى تعود.
[email protected]
فاكس/ 6975040


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.