مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    أبها يتغلب على الاتحاد بثلاثية في دوري روشن وينعش آماله في البقاء    المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    قصة القضاء والقدر    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من صبي دكان بمكة إلى أحد الرموز الاقتصادية بالمملكة (قصة نجاح الشيخ عبدالرحمن فقيه)

مدينة اسمها عبد الرحمن فقيه حاولت أن أدخلها وحدي، ليس من دليل لي سوى بعض أخبار سريعة وقصاصات ورق لا تفي بالغرض، فالطريق أكثر وعورة، ولست أملك فيه سوى أدواتي الخاصة البسيطة. كما أن الرجل شحيح،عفوا، أقصد في الحديث عن نفسه، كيف لي أن أستنطقه، وأفك رموزا لم يقترب منها أحد قبلي، وهو الرجل ذو الخمسة والثمانين عاما، وبيننا ما لا يقل عن خمسين عاما؟ عندما تمت الموافقة على أن أرصد قصة نجاح الشيخ عبد الرحمن حملت أمتعتي، وجعلته مقصدي، وليس من وقت لأسرد ما لقيته في رحلتي إليه، فأنا الآن أمام منتجعه في جدة ، وبعد لحظات سألتقيه وأستنطقه، تراني سأفلح في ذلك؟ سألته علني آخذه إلى زمن بعيد، قبل ثمانين عاما، فقال : حياتي لاتتعدى حياة من نشأوا في زمن لم تكن فيه الحياة كما هي الآن ، كانت بسيطة بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى ، فقد كانت ولادتي ونشأتي مع بداية دخول الملك عبد العزيز يرحمه الله إلى مكة ، كان التعليم متواضعا وفي عدد محدود من المدارس التي كانت تجمع في مناهجها بين فنون العلم المختلفة دون توفر أدنى متطلبات التعليم من توفر للكتب الدراسية ووسائل الإيضاح التعليمية ، لكننا مع ذلك كنا نعيش في جو تربوي يقوم فيه المعلم بدور الأب والأستاذ والمربي وكانت له هيبة وحضور كبير في أوساط أبنائه الطلاب، لا شك أن الإنسان جزء من البيئة التي يعيش فيها وهو يؤثر فيها كما يتأثر بها ، والمبادئ والقيم التي يحترمها الجيل السابق يلقنها ويعلمها للجيل الذي بعده وإن كانت كل القيم في هذا البلد المقدس تُحترم وتتأثر بالقيم الإسلامية وكل ما تمليه هذه القيم من إحترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير وإحترام الجار ومساعدته والتعاطف معه .. والمروءة والشهامة والإباء ، كل هذه الأخلاق الراقية مؤثرات من الكبار على الصغار ويحترمونها ولا يجدون بديلاُ عنها . وعندما بلغت السابعة من عمري أدخلني والدي في كُتَّاب قريب من دكانه وهو عبارة عن مسجد يوجد فيه (فقيه) وهو إمام المسجد وكان يقوم بتعليم الأولاد في غير أوقات الصلاة . الدراسة كانت على (ألواح) يكتبها الفقيه وطريقة التدريس المستخدمة هي الأسلوب القديم والتي يتعلم فيها الطفل حروف الهجاء ونطقها مع تشكيلها ، كأن يقول( كَ فتحة كَ ) و ( تَ فتحه تَ ) و ( بَ فتحة بَ ) ليصل إلى كلمة[ كتب ] .. وهكذا .. وهذا هو الأسلوب المتبع لتعليم الكتابة والقراءة في ذلك الوقت ، ويقوم الشيخ بكتابة سطر خفيف ويحبره الطالب ، وفي نفس الوقت يحفظهم قصار السور . وفي العاشرة من عمري التحقت بالمدرسة (السعودية الابتدائية) والتي كان اسمها مدرسة المعلاة التحضيرية ثم الابتدائية وقد تأسست في العهد التركي وكان اسمها (المدرسة الرشدية ) عام 1302ه وكانت تدرس باللغة التركية حتى عام 1335ه حين استخدمت اللغة العربية في التدريس ، وغير أسمها إلى مدرسة (المعلاة ) حتى عام (1355ه ) حيث غير اسمها ثانية إلى المدرسة السعودية . وتم تطويرها مع مدارس أخرى بعد دخول الملك عبدالعزيز الى مكة المكرمة في العام الذي ولدت فيه ( 1343ه ) فقد كان من أولويات الملك المؤسس رحمه الله الاهتمام بالتعليم ونشره حيث أمر بإنشاء مديرية المعارف في عام 1344ه وهي نواة وزارة المعارف والمدرسة السعودية كانت إحدى ثلاث مدارس حكومية في ذلك الوقت وهي مدرسة حارة الباب الفيصلية فيما بعد ) ومدرسةالشامية / العزيزية فيما بعد ) وكانت مدرسة (المسعى او الرحمانية ) هي الطليعةالاولى للمدارس الحكومية في مكة المكرمة . زمان وزمان: وأنا أتأمل أبناءه حوله سألته : ما الفرق بين زمان وزمان؟ فقال: فرق كبير بين التعليم في وقتنا والتعليم الآن ، فما كنت أعيشه في حياتي المدرسية يختلف كثيرا عن ما عاشه أبنائي ويعيشه أحفادي حاليا من توفر لكل الإمكانيات التي تجعل عجلة التعليم تسير في الأرتقاء دون توقف .. ولم يكن الفرق في التعليم ومناهجه وتنوع أقسامه وتوزع سنواته بين وقتنا والآن ، وإنما كان الفرق أيضا في التوجه التربوي بين الفترتين ، فظاهرة التربية في ذلك الوقت اعتمدت على الكثير من [القسوة] فقد كان للمعلم كامل الحرية في التعامل الشديد والقاسي مع الطلاب ، كما أن هيبة المعلم كان لها تأثيرها علينا ، فكنا ننظر الى المدير أو المعلم « الأستاذ « نظرة خوف واحترام إلى درجة أن أحدنا لوشاهد أستاذا يسير في الشارع أو يقف عند دكان ، فإنه يهرب من ذلك الشارع. المعلم المربي: رغم القسوة التي تحدثت عنها من المعلمين ، فقد كان الجميع ينظر إلى المعلم باعتباره مربياً للجيل وليس مدرساً فقط ، وكان المعلم نفسه حريصا على الطلاب ويعاملهم كأنهم أبناؤه ، ولاننسى في هذا السياق أن مجتمع الطلاب نفسه كان يختلف في تربيته عن جيل اليوم ، فقد كان معظم الطلاب من جيلي وممن جاؤوا بعدي جيلا مسؤولا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، وكان تأثير المعلم لاينتهي عند محيط المدرسة فقط ، وإنما كان يتعداه إلى خارج المدرسة . الدراسة وسنواتها كانت تختلف عنها اليوم وقد حصلت على الشهادة الابتدائية وكان عمري وقتها في حدود سن الثالثة عشر ، وكانت الشهادة الابتدائية وقتها شهادة يعتد بها كقيمة علميه لأن سنوات الدراسة فيها كانت أكثر مماهي عليه الآن وكانت تلك السنوات تجمع بين الإبتدائية والمتوسطة ، ولا زلت أذكر بأنني تسلمت الشهادة مع زملائي من جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز عندما كان نائبا لجلالة الملك عبد العزيز وذلك في حفل كبير اقامته مديرية المعارف وقتها .. وقد كان الطلاب بعد هذه المرحلة يتوجهون الى مدرسة تحضير البعثات ، فقد فتح الملك عبد العزيز يرحمه الله آفاقا عديدة في التعليم ومنها تحضير بعثات طلابية للسفر للخارج لمواصلة دراستهم الجامعية في شتى العلوم والتخصصات ، كما أن مدرسة تحضير البعثات قد بدأت في استقبال الطلاب من شتى أنحاء المملكة ، و كنت تواقا إلى العلوم التجريبية فقد تعلقت بها كثيرا من خلال اهتمامي بإجراء تجارب علمية بسيطة اعتمدت فيها على الأدوات والمواد الخام الموجودة في بيئتنا في ذلك الوقت ، وكنت أطمح أن أكمل تعليمي في الكيمياء والفيزياء لأني أشعر بأنه يمكن للإنسان أن يسخر العلوم لخدمة الناس وكنت أطمح بأن أخرج بمعلومة تساعدني باكتشاف يمكن أن يكون منطلقا لصناعة ما لها مردود اقتصادي جيد ، بالإضافة إلى الانتفاع به . تركت الدراسة لأساعد والدي: ويتوقف فقيه ليكشف عن مرحلة جديدة اضطر لدخولها: اضطررت أن أساعد والدي ( يرحمه الله ) لأنه كان في أشد الحاجة لإيجاد مساعد لإبن عمتي .. الذي يكبرني بما لا يقل عن عشرين عاماً وهو يدير دكان الصباغة تحت إشراف والدي . ويوضح فقيه : كان أخي « محمد « يرحمه الله يكبرني وكان ترتيبي الثاني بين إخواني، وكان أخي محمد ( يرحمه الله ) منصرفا الى القراءة والأدب والشعر ، ولم يكن لديه ميل للتجارة ، ذلك الميل الذي توسمه الوالد ( يرحمه الله ) في شخصي من خلال عملي معه أثناء الدراسة في الدكان . ويضع فقيه رأسه بين كفيه كأنه أصبح في زمان آخر: ظللت في عملي كمساعد لابن عمتي في دكان والدي لحوالي عامين تقريبا وقد كانت تجارتنا تتركز في بيع الأصبغة (بالتجزئة) والخيوط الحريرية والقطنية والقصب .. فيطلب الزبون على سبيل المثال (بقرشين) صباغا أزرق وآخر بثلاثة قروش (زيتوني) وآخر بأربعة قروش (صباغ بني) ونشرح لكل زبون كيفية استعمال الصباغ ويأخذ الشرح وقتاً لا بأس به .. وكان بالإمكان كتابة طريقة استخدام الصبغة في ورقة للزبون ليقرأها .. ولكن لانتشار الأمية آنذاك وعدم معرفة الأغلبية منهم بالقراءة والكتابة كنا نضطر أن نشرح طريقة الاستخدام (شفهياً) وكان هناك زبائن يطلبون كميات كبيرة من الأصبغة بالأقّه .. وكانت الأقّه هي وحدة الوزن في ذلك الوقت ( وهي عبارة عن كيلو وربع ) لبعض المصابغ الكبيرة المعروفة في ذلك الوقت ليصبغ الأقمشة البيضاء التي يطلب تجار الأقمشة من المصابغ بتلوينها باللون المرغوب و قَلَّ أن تجد من يلبس الثياب البيضاء في الوقت الذي تجد فيه الناس وهم ينتشرون بثيابهم ذات الألوان الزاهية من الأزرق والبني والأصفر والزيتوني وأغلبهم من كانوا من العاملين في حرف متعددة كالحدادة والسباكة والبناء .. وغيرها من المهن ، التي تقتضي ممارستها ارتداء الثياب الملونة التي يخرجون بها . وقد اندمجت في عمل الدكان لكنني وأنا أعمل إلى جوار ابن عمتي لم أكن لأقبل برتابة العمل وروتينيته ، وكان لابد أن أستفيد من تعليمي في تطوير تجارتنا المتواضعة في الصباغ وكان أن فكرت في الخروج بشيئ جديد يغير نمط العمل وتحويله من التوزيع الى الإستيراد. الشيخ الذي وضع يديه على بدايات النجاح يؤكد أنه في بداية تفرغه الكامل للعمل في الدكان ركزعلى تغيير طريقة التموين بالبضائع حيث كانت تتم عن طريق صديق للوالد من البيوت التجارية المعروفة فيستورد له البضائع مقابل (10%) عمولة ، يقول: كانت طموحاتي أن أقدم شيئاً جديداً لهذا الدكان (المتواضع) لأزيد من أرباح والدي (رحمه الله) فهداني الله إلى التفكير في أن نستورد البضائع رأساً من المصدر بدلاً من أن يكون ذلك بواسطة مستورد آخر وتتبعت ما يكتب على البضائع من عناوين للمصدرين وكانت معلوماتي باللغة الانجليزية لا تؤهلني لمراسلة المصدرين مما جعلني أعكف على دراسة اللغة الانجليزية وقد كلفني ذلك الكثير من الجهد والدراسة المسائية خارج المنزل إلى ما بعد صلاة العشاء .. بالرغم أن ذلك يتعارض مع تعليمات وتقاليد العائلة التي تجبر الأبناء على أن يكونوا داخل المنزل بعد صلاة المغرب مباشرة .. وكان عمري آنذاك ستة عشر عاماً ومشكلتي الكبرى كانت في التوفيق بين موعد درس اللغة الإنجليزية وموعد الحضور للمنزل قبل صلاة العشاء .. وتعطلت الدراسة بسبب رفض الوالد مجيئي متأخراً إلى المنزل .. ولأن معلوماتي في اللغة الإنجليزية كانت بسيطة كما قلت فقد استعنت بأستاذ كانت معلوماته في النواحي التجارية لا تزيد كثيراً عن معلوماتي في الاصطلاحات التجارية باللغة الانجليزية .. وبالرغم من كل ذلك فقد استطعت أن أرسل رسالة إلى أحد مصدري الأصبغة في الولايات المتحدة الأمريكية ويظهر أن الرسالة التي لا تزيد عن ثلاثة اسطر أدت الغرض (وفهمها المصدر) وفهم أننا نرغب في التعامل معه . لاستيراد عدة أنواع من الأصبغة ونطلب عينات وأسعارا .. وكانت المفاجأة الكبرى أن وصل إلينا بعد عشرة أيام تقريباً عن طريق البريد جوابٌ باسم والدي وطرد صغير من الصبغات .. ولم نصدق أعيننا بأن نجد أيضاً الأسعار بوضوح ، وكانت المفاجأة الأخرى أن الأسعار لا تزيد عن (25%) خمسة وعشرين في المائة من الأسعار التي كان يتقاضاها المستورد صديق الوالد ( يرحمه الله ) .. ويعتبر ذلك منعطفاً هاماً في حياتي بعد أن كسبت ثقة والدي( يرحمه الله ) المطلقة.. وانطلقت متسلحاً بهذه الثقة في أخذ الصلاحية في استثمار رأس مال والدي في استيراد جميع أنواع البضائع التي كان يمارسها الدكان في تجارته .. وبهذه الخطوة التي وفقني الله بنجاحها أصبح (دكاننا المتواضع) في مستوى التجار المستوردين وشكل هذا نقلة نوعية في مسيرتنا التجارية ، حيث تفتحت أفاق كثيرة أمامي تمثلت في تنويع مصادر تجارتنا إلى أكثر من الصباغ وبيع القصب والعقل و(( الترتر )) . كانت اللغة الإنجليزية جزءا من اهتمامي في تطوير نفسي ، فإذا حرمت من مواصلة تعليمي لا يعني هذا أن أقبل بما تحصلت عليه من علم ، ولم يكن دافعي لتطوير لغتي الإنجليزية للكتابة إلى الموردين فقط بل لتثقيف نفسي وتوسيع مداركي في شتى المجالات غير التجارة وللإطلاع على شتى العلوم وفي نفس الوقت تطوير تجارتنا والتحول من مجرد بائعين لبضاعة نأخذها من المورد المحلي إلى مستوردين ، ولكي استكمل مابدأته باللغة الإنجليزية عملت على تطوير نفسي في مجال آخر وهو المحاسبة لأنها ضرورية في العمل التجاري ، لذلك أقنعت والدي بأن أدرس خارج وقت العمل في الدكان بدراسة المحاسبة وهي أقصى حاجات الدكان .. وافق والدي (رحمه الله) على إرسالي إلى مدرسة أشبه (بالكتاب) لكنها أرقى من الكتاب واقل (مستوى من المدرسة) تسمى مدرسة الشيخ (الحلواني) ويوجد فيها بعض الطلبة النابغين. قواعد النجاح: ويرصد فقيه من واقع خبرته وتأملاته قواعد النجاح في العمل التجاري فيقول: من وجهة نظري تنطلق من الصدق والأمانة وعدم الغش وعدم
الجشع والقناعة بالربح المعقول .. هذه هي القواعد الصلبة التي يؤسس عليها أي عمل تجاري أو صناعي أو إنشائي ناجح ، ثم يأتي بعد ذلك النظر إلى حاجة المستهلك والإبداع في إرضائه . الإبداع: أنا أؤمن بالإبداع بكل أشكاله وأنواعه ، وكنت ولا زلت ابحث عن طريق لم يسلكه غيري وأحاول التغلب بالمنافسة الشريفة مع الآخرين وحتى أكون أكثر وضوحا فانا لا أريد أن أكون نسخة من عمل آخر يمارسه غيري خصوصا في المجال التجاري ، بمعنى أن أضيف شيئا جديدا لمجتمعي حتى وإن كنت تاجرا . ويتناول فقيه ألبوم صور تذكارية لأول مزرعة دواجن بالمملكة مشيرا إلى دوره الريادي في تلك الصناعة، يقول:كنا أول من استورد السمن النباتي وتجارة السمن النباتي لم تكن معروفة في ذلك الوقت ، وأول من أقام مزرعة دواجن بشكل تجاري ، ثم أول من طرق باب التطوير العقاري . ويشير فقيه إلى صورة جمعته بالأمير خالد الفيصل يقتتح بعض الأعمال التوسعية بمدارسه قائلا: وحتى عندما فكرت في إنشاء مدارس حاولت فيها أن لا تكون مدارس نمطية وأن يتلقى فيها الطالب ما يسلحه بالمعرفة التي تتيح له الانفتاح والمشاركة الفاعلة في مجتمعه ولشد إنتباه الطالب وتربية الجيل الجديد للإتجاه المهني .. فقد انشئ في المدارس مركز مهني لتعليم اساسيات الكهرباء ، و صيانة الحاسب والإليكترونيات ، وميكانيكا السيارات ، وكهرباء السيارات ، والدهان والديكور المنزلي ، والحدادة وتشكيل الصفائح المعدنية ، والنجارة ، والخياطة ، والسباكة والتمديدات الصحية .. ومن توجهات هذه المدارس الإعتماد على التقنيات الحديثة وإيصال المعلومة للطالب ، ولهذا الهدف أصبح التعليم في هذه المدارس إليكترونياً ، ولقد أصبح بإمكان ولي الأمر أن يتابع سيرة إبنه الدارسية عن طريق الشبكة العنكبوتية ، وأضحى الفصل الدارسي فصلاً إليكترونياً من حيث السبورة الإليكترونية وإعطاء الطالب المقررات الدراسية عبر برنامج إليكتروني أُعد لهذا الهدف ، وبشهادة رجال الفكر والتربية والتعليم سواء في داخل المملكة أو في خارجها أضحت المدارس أنموذجاً يحتذى لمدرسة المستقبل والمدرسة العصرية ، وأيضاً المدارس أولت النشاط اللاصفي جُل إهتمامها ، فأوجدت الأنشطة اللاصفية المتعددة عن طريق مركز رياضي يشمل : ( مسبح ألومبي ، وصالة متعددة الأغراض ، وجمانيزيوم ، بالإضافة إلى ملاعب مكشوفة ومغلقة في الألعاب الجماعية المختلفة ، وإيجاد المعامل والمختبرات والتي جُهزت بأحدث التقنيات الحديثة والعصرية وذلك للفيزياء والكيمياء والأحياء ، وكذلك وجود مكتبة عامة مرتبطة بأشهر المكتبات العربية والعالمية وزودت بالعلوم والمعارف عن طريق توفير مايزيد عن 8000 ألآف كتاب تخدم المنهج الدراسي ، وكذلك مكتبة رقمية إليكترونية يستطيع الطالب الحصول على إستعارة الكتاب الذي يريد إليكترونياً ، وأيضاً يوجد في المدارس مركز توثيق إليكتروني وورقي ، وكذلك مركز لاكتشاف الموهوبين في المجالات المختلفة ، ويوجد في المدارس مركز لصعوبات التعلم والتربية الخاصة . ويكشف فقيه عن جديده في عالم السياحة، قائلا: حتى في المجال السياحي عملنا على الاستثمار فيما يضيف إلى هذا المجال ولا يكون عبئا عليه . ويتحدث الابن طلال عن فكرة إنشاء مركز للبحوث والتطوير التي ظلت تراود الشيخ عبد الرحمن عبد القادر فقيه منذ أكثر من عشرين عاماً، لافتا إلى حرص الأب على الاستعانة بالأبحاث العلمية في تطوير صناعة الدجاج باعتباره رجل أعمال يدير العديد من المشروعات الرائدة، ومن أبرزها “مزارع فقيه للدواجن”، والتي تعد أكبر مؤسسة فردية متكاملة لانتاج الدواجن والبيض والأعلاف على مستوى العالم. وكان الشيخ فقيه أول من أدخل صناعة الدواجن على المستوى الحديث بالمملكة عام 1383ه، وأتبعها بتأسيس سلسلة مطاعم “الطازج” التي تقدم وجبة الفروج المشوي، والتي تعد أول سلسلة مطاعم وجبات سريعة على مستوى عالمي منشؤها المملكة العربية السعودية، وأحدثت ثورة في عالم الوجبات السريعة من حيث النوعية الطازجة. ورغبة في تحقيق التكامل في مجالات الاستثمار التي تقوم بها مزارع فقيه للدواجن، والتي تعكس بدورها مشاركة المستثمرين الوطنيين و إسهامهم في البناء والتنمية الوطنية، قام المؤسس بإنشاء (مكتب المشاريع المستحدثة) في أواخر عام 1412ه، بهدف دراسة الفرص الاستثمارية التي تحتاجها البلاد وتعود بالفائدة على المستثمر، وقد نجح المؤسس في الحصول على المزايدة في عدة مواقع سياحية في كورنيش جدة لمشاريع سياحية رائدة على أرقي المستويات. لا تقل تكلفتها عن 500 مليون ريال وذلك للمساهمة في توفير جو سياحي للمواطن يغنيه عن السياحة الخارجية التي ينفق فيها مالا يقل عن 25 مليار ريال في السنة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.