كثيرا ما نلقي باللوم على الفتيات والشباب في مجرد تفكيرهم بالانتحار واهمين انه الخلاص لكل معاناتهم وآلامهم ولكن قد يغيب عن ذهن البعض أن هناك أسبابا كثيرة تدفعهم لهذا العمل المحرم ولعلي أورد لكم بعضا منها وأهمها: الفراغ الديني العقدي: وأعني به ما يتعلق بعقيدتنا وديننا ودور الأسرة في غرسها، فلو أننا سألنا أحد الشباب من الجنسين عن أركان الإيمان، أو الإيمان بالقضاء والقدر أو الإحسان وغيرها من الأسئلة لوجدنا علامات التعجب والحرج لعدم معرفتهم بالإجابة، ولو سألنا البعض منهم عن معنى آية من كتاب ربنا لوجدنا البعض منهم يغض الطرف حياءً وحرجاً، فمن المسؤول عن جهلهم في زمن لا يعذر فيه الجهل ووسائل العلم متاحة ومتوفرة؟ وما هو دور الوالدين في تعليمهم وغرس تعاليم ديننا في قلوبهم؟ الفراغ العاطفي: وما أشد هذا الفراغ الذي دمر كثيراً من الأسر وفرق بين الأزواج، وأوجد الخيانات الزوجية، وتسبب في هروب الفتيات ووقوعهن في مصائد الذئاب البشرية، وتسبب في هروب الشباب إلى كل ما ينسيهم واقعهم المرير. وهنا ينبغي التركيز على دور الأب والأم في المحافظة على فلذات أكبادهم. عدم الإلمام بمبادئ الحوار: فكثير من الفتيات والزوجات يفتقدن إلى ثقافة الحوار والمصارحة فيجبرن على الزواج بمن لا ترغب تحت قيد بعض العادات والتقاليد التي ليست من الدين في شي، فأي نص من القرآن أو السنة ينص على زواج الفتاة من ابن عمها أو ابن خالتها أو "حجزها" وهي طفلة لفلان من العائلة أو القبيلة، دون سماع رأيها والتحاور معها؟ الغزو الفكري والإعلامي: فكم من القنوات الفضائية تبث مسلسلات وأفلام هابطة تتناول جانب الانتحار وتجعله بطولة هي في الحقيقة زائفة لرفض الخضوع لأوامر الأهل وشهادة مكذوبة في سبيل حب زائف، فمتى يصحو أصحاب تلك القنوات من غفلتهم لينقذوا شبابنا وفتياتنا من التأثر بما تروجه تلك القنوات؟ الأمراض الروحية والنفسية: والتأخر في اكتشافها من قبل الوالدين فكم من فتاة وشاب تعرضوا للسحر أو المس عافانا الله وإياكم والمسلمين، فيفقد السيطرة على نفسه وينتحر وقد لا يكون أصلاً في وعيه وإدراكه بل تحت تأثير السحر أو المس وهنا نعود مرة أخرى للتنبيه على الوعي الديني والحفاظ على العبادات والأذكار, وكذلك الأمراض النفسية. ضعف الإرشاد الطلابي: في ظل غياب الأسرة وإهمالها وتفككها يأتي دور المرشد الطلابي والمرشدة الطلابية ليحوز كلاهما على ثقة الفتاة والشاب فيبوح الشاب بكل ما لا يستطيع البوح به لوالده أو والدته، والحال كذلك الفتاة، ولكن مع الأسف الشديد فإن دور المرشد والمرشدة لم يتم تفعيله بالشكل المطلوب ومازالت هناك حاجة ماسة إلى تقوية هذا الدور في المدارس وتوعية الطلاب والطالبات وتعريفهم بدور المرشد والمرشدة وطمأنتهم بسرية ما يبوحون به وكذلك المستشفيات النفسية ومصحات علاج الإدمان فإنها مطالبة بتفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين ومتابعة للمرضى وتوعية أسرهم.