أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    برعاية الملك.. انطلاق مؤتمر مستقبل الطيران في الرياض.. اليوم    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    رئيس وزراء اليونان يستقبل العيسى    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    الترشح للتشكيلات الإشرافية التعليمية عبر «الإلكترونية المعتمدة»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    وزير الخارجية يبحث ترتيبات زيارة ولي العهد لباكستان    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    «أسمع صوت الإسعاف».. مسؤول إيراني يكشف اللحظات الأولى لحادثة «الهليكوبتر»!    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    أمير تبوك يرأس اجتماع «خيرية الملك عبدالعزيز»    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 42 موقعاً حول المملكة    الانتخابات بين النزاهة والفساد    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    "إنفاذ" يُشرف على 38 مزادًا لبيع 276 من العقارات والمركبات    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    سقوط طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية    السعودية تطلق منصة فورية لإدارة حركة الإحالات الطبية    انقسام قادة إسرائيل واحتدام الحرب    خادم الحرمين الشريفين يأمر بترقية 26 قاضياً ب «المظالم»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنائع المعروف تقي مصارع السوء
نشر في المدينة يوم 25 - 12 - 2009


في سنوات مضت كان العمل الخيري شامة مشرقة في جبين هذا البلد المعطاء ، وكان الناس يتنافسون في البذل والإنفاق ، والمؤسسات الخيرية تتسابق في بذل المعروف ، وإغاثة الملهوف ونجدة المنكوب ، كانت بذور هذه الأيادي البيضاء تورق في شرق العالم وغربه ، وتزكو ثمراتها في أدغال أفريقيا وجنوب شرق آسيا وتمتد أغصانها لتصل إلى آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية . سنوات مشرقة بالتعاون على البر والتقوى ، فلا تمر كارثة في العالم الإسلامي إلا تجد المؤسسات الخيرية في قلب المأساة ، تداوي الجرحى ، وتطعم الأطفال ، وتخفف من المصاب ونجحت في توظيف طاقات الشباب واستنهاضهم خفافا وثقالا وكانت الأكف البائسة تحوطنا بالدعاء والثناء ، وتبتهل إلى الله – عز وجل – بأن يكف عنا الشرور والمصائب دعوات نحسبها صادقة خرجت من قلوب منكسرة ملتجئة بالله عز وجل ، دعوات ليست متكلفة ولم تشبها شوائب النفاق أو التزلف ! اسألوا إن شئتم أبناء النيجر ونيجيريا .. اسألوا دور الأيتام في كينيا وتنزانيا والصومال .. اسألوا مخيمات بنجلاديش و سريلانكا وبورما .. اسألوا فقراء وأرامل ألبانيا والبوسنة .. وستجيبكم بصوت واحد : أن طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا . وستردد صدى هذه الدعوات المآذن والمراكز والمدارس الإسلامية التي ارتفعت راياتها لنشر العلم وتجديد الدين . كانت الصورة الذهنية التي تملأ الآفاق .. كل الآفاق .. أن هذا البلد هو بلد العطاء والمحبة والنصرة .. وكان الناس جميعا شركاء في بناء هذه الصورة .. من الطفل الصغير الذي كان يقتطع من مصروفه اليومي لنصرة المستضعفين ، ومرورا بشتى طبقات المجتمع شيبا وشبابا ، رجالا ونساء . ثم .. ماذا بعد ؟! فاجأتنا سنون عجاف كبلت فيها الأيدي عن العطاء والإنفاق بحجة تجفيف المنابع ، وزجت المؤسسات الخيرية في قفص الاتهام، وأصبح رجاله ورواده متهمون بالإرهاب ، ثم ثار بعض الصحفيين وأهل الأهواء على العمل الخيري -جملة وتفصيلا - ، وراحوا يرددون التهم الغربية بدون وعي أو عقل ، و يدفعون أهل الخير إلى الانكفاء والتقوقع ، ويتكلفون اصطناع التعارض بين عمل الخارج والداخل .. ونجح الغرب في عزلنا عن إخواننا .. وقطعت أجنحة العمل الخيري ، واختزلت برامجه بشكل متسارع ، وحوصرت بقيود صارمة ! في هذه الأثناء أغلقت كثير من دور الأيتام والمستشفيات، وهجرت كثير من المدارس والمساجد ، وأهملت الآبار والمراكز التنموية . و في ظل هذا الضجيج فجعت الأمة الإسلامية بكارثتي تسونامي في إندونيسيا ودارفور في السودان ، وأهلك الجوع صحارى النيجر وتشاد ، وارتفع أنين الأطفال والنساء والشيوخ في غزة .. واستنصرنا العجزة والضعفاء ، ثم استنصرونا ثانية ، ثم استصرخونا بألم وحرقة ، ولكن لم يجبهم إلا المنقذان : العي والصمم .! ثم .. ماذا بعد ؟! فاجأتنا زلازل العيص وحرب الجنوب و كارثة جدة .. وبدأنا نسمع بنزوح عوائلنا ، وبمخيمات الإيواء والمنكوبين ، ونرى جموع المتضررين والملهوفين .. معاصينا كثيرة -نسأل الله السلامة - ، ولهذه المحن والابتلاءات أسباب عديدة ، لعل منها : انقطاع دعاء المستضعفين الذي كان يحفظنا بحفظ الله ، وتأملوا معي قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أبغوني ضعفاءكم فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم» ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، و الآفات والهلكات» . وقوله عليه الصلاة والسلام : «إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء» .. إن العمل الخيري سر من أسرار النعيم الذي نتفيأ ظلاله ونتمتع بخيراته ، وبركة الصدقة وثمراتها تمتد لتقي المجتمع كله من الآفات والهلكات . ومن الواجب أن يحرص العقلاء على اتقاء مصارع السوء بفعل الخيرات وتوسيع دائرته في جميع الطبقات . وقد آن الأوان لبناء التوازن من جديد ، وتصحيح رؤيتنا للعمل الخيري ، إننا بحاجة إلى إطلاق مبادرة جادة من أجل ترسيخ جذور العمل الخيري ، وتنظيمه وترسيخ آلياته ، والارتقاء بأهدافه وبرامجه ، و إعادة الاعتبار لمؤسسات ورجالات العمل الخيري ، ولن يتحقق ذلك إلا بتعزيز الثقة أولا بمؤسساتنا ، ثم ببناء شراكة حقيقية بين المؤسسات الرسمية والتطوعية .. وليس من الشرع ولا من العقل تجاهل معاناة المسلمين والإعراض عنها ، و إسلامهم للمنظمات التنصيرية التي استهدفت عقيدتهم وثقافتهم وجذورهم الحضارية . إن ثمة حقيقة مهمة يجب التأكيد عليها ، وهي : أنه لا يوجد تعارض على الإطلاق بين العمل الخيري في الداخل والعمل الخيري في الخارج ، بل بينهما تكامل يحقق المصالح الشرعية ، إما افتعال التعارض أو التناقض فهذا غير صحيح ، ومقتضى الحكمة أن ندرك أن الأولويات الخيرية تتغير بسبب الحاجات التي تمر بالمجتمعات .. ولقد أثبتت كارثة جدة أننا أحوج ما نكون لترسيخ ثقافة التطوع ، وتوسيع آفاق العمل الخيري ، و توظيف كل الطاقات لتحقيق التكافل الاجتماعي في المجتمع .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.