إغلاق شواطئ جزيرة سنتوسا في سنغافورة بسبب تسرب نفطي    "التجارة": تصعيد أكثر من 258 مليون سلعة تموينية إلى العاصمة المقدسة    مع دخول الصيف.. سكان مخيمات غزة يواجهون «الجحيم»    ضبط 12,950 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المعيقلي في خطبة عرفة: الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات.. مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات    "الصحة" تُحذر الحجاج من أخطار التعرض لأشعة الشمس    الاتحاد يخطف قائد ريال مدريد من النصر    الأمير عبدالعزيز بن سعود يقف على سير العمل في مركز القيادة والسيطرة لأمن الحج    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يؤكد اعتزاز المملكة بخدمة ضيوف الرحمن    ألمانيا واسكتلندا يقصان شريط منافسات يورو 2024    الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء الركن الأعظم    الأجواء المناخية بطرق المشاعر المقدسة    رجل أمن يحتضن الكعبة.. خدمة وشوق    سويسرا تحتضن قمة دولية حول أوكرانيا    يوم اليتيمة و الخُلّيف..أبرز العادات عند سيدات مكة في الحج    مسعى أمريكي لتجنب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله    أبحاث تؤكد: أدمغة الرجال تتغير بعد الأبوّة    انضمام مسؤول استخباراتي سابق إلى مجلس إدارة شركة Open AI    الصحة الفلسطينية: توقف 32 مستشفى عن العمل من أصل 34 في غزة    الرئيس المصري يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    جبل عرفات..من الناحية الجيولوجية    تعرّف على درجات الحرارة المتوقعة في مكة والمشاعر المقدسة    الرئيس الشيشاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب أمير مكة يتابع أعمال الحج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    اكتمال جاهزية إيصال ترجمة خطبة يوم عرفة لمليار مستفيد    طيران الأمن يُسخر إمكاناته لخدمة الحجيج    تنظيف وغسل 120 مصلى وجامعا في بريدة استعدادا لصلاة العيد    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    النيابة العامة تطور جهاز ترجمان لترجمة مجريات التحقيق خلال موسم حج 1445ه    «قوات المجاهدين».. انتشار على سفوح الجبال    «SSF» قوات النخبة.. تدخل سريع للحماية والتأمين    مصادر «عكاظ»: الشهري يدرس عروض أندية «روشن»    أفضل أداء أسبوعي للنفط في شهرين    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    «السيادي السعودي» يعتزم الاستثمار في الهيدروجين الأخضر و«المتجددة»    «النقد الدولي»: سياسة السعودية الاقتصادية تدعم النمو غير النفطي    حجاج صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يحطون رحالهم في منى    مركز العمليات الأمنية ل«عكاظ»: نرد على المكالمات في ثانيتين    عرفة البيضاء.. تتهيأ لأضخم تجمّع بشري    النائب العام يجري جولة تفقدية على مركز القيادة والتحكم للإشراف المباشر على أعمال النيابة العامة بالحج    حجاج بيت الله يؤدون الركن الأعظم    4 أطعمة مناسبة أثناء تناول حقن التنحيف    40 عاماً لتخطي سوء معاملة طفل !    مركز البحوث السرطانية: لا تتجاهل البقع الزرقاء !    الأولوية لفيرتز    افتتاح قصير ل«يورو 2024» وتكريم بيكنباور    ألمانيا تدك شباك إسكتلندا بخماسية في افتتاح اليورو    إصابة لابورت قبل انطلاق يورو 2024    الأخضر تحت 21 عاماً يخسر من بنما بركلات الترجيح في بطولة تولون الدولية    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    120 مليون نازح في العالم    المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة    الرئيس المصري يغادر المدينة المنورة    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصوص على عتبات العناوين قراءة في ديوان (باتجاه الشمس)
نشر في المدينة يوم 16 - 12 - 2009


“وما أنا إلا من غُزيّة.. إذ أنا منكم.. وغُزيّة هنا هي اللغة التي ترجع إليها أصولنا وننتسب إلى شجرتها.. لغتي لغتكم. ولهذا أنزلتها لتدخل بساتين قلوبكم... لتحصد لي منكم حنطة الفرح.. وتقاسمكم الحلمَ والحبَ.. والخبزْ.. هكذا أردت لها أن تكون.. جريئة كرائحة الشمس... الحروف نبوؤة الغد والكلمة بشرى الزمن الآتي.. وهذا قلبي أضعه بين أكفكم الحنونة.. قلّبوا أوراقه.. تأملوا ملامحه.. فعسى أن تجدوا بين (طياته) ما يصافح دهشة أعينكم.. هاتوا أيديكم ودعونا نركض سويًّا في حقول الشمس قبل أن تطفئ الأيام فينا رغبة الرقص على إيقاع نغمٍ شاردٍ في غابات الحلم الخصيب..» (مقدمة الديوان) *** بهذه المُفتتح الملطّف باتجاه عرض التجربة الشعرية وفي حضرة الشعر.. كُتبَ الديوان الشعري (باتجاه الشمس) للأديب أبوالفرج عسيلان الذي قدم فيه رؤيته المبعوثة إلى متلقيه مقدمًا ذاته الشاعرة حين تشعُر وتُشعِر به محترمًا قارئه احترامًا يتجلى فيه تواضع الكلمة التي تجعلُ لها في الأنفُس مكانًا أنفس.. كلمة تقدم ما تتمنى أن ينال القبول حين اقتحام الشعور باستئذان لطيف محبب إلى الروح؛ دون تنميط فاتحته كما نلحظ في بعض الدواوين الشعرية. وله في ذلك أنه لمس القلوب شعرًا عندما وظّف ما يمتلك من رصيد لغوي وإحساس فني بالامتزاج والتماهي معهما كذلك تكفلت تجارب الحياة في المضامين وأسعفت الشاعر كمُنطلق في قصد أودية العمر، فالإبداع هو ما كنت تشعر معه أن النص كأنما كُتب لك وحدك ويهمس لك بأنه يعنيك ؛ إذًا هي لحظة توافق بين الجمل والمعاني ومشاعر المتلقي الأديب الذي ثمة أدب يسكنه ليس أن يكون أديبًا متلقٍ بل على العكس من المكنون إلى الاستشعار، وفي هذه المقدمة المسبورة كان مُبينًا بشكل ضمني أسفه على غريب اللغة وتقعير المفردات وما آلت إليه.. من تراكيب واشتقاقات غير مُستساغة توْهم شعرًا. ديوان عبّرَ عنوانه عنه؛ دون أن نحتاج من مُبدعه أن يُجلي لنا أحاسيسه معلنًا أنها تجربه يستلطف بها ومنها قلب المتذوق للشعر ويقدمها دون مُفاخرة.. رأيت أنه (أدب تقديم الأدب). بدأ الديوان بقصيدة (فاتحة).. فكانت البداية ذكية يُفضل بعض الشعراء - وهم قلة - وضعها مُفتتحًا لدواوينهم تقديرًا للمتلقي. الفكرة في (فاتحة) مقتبسة من كتاب الله – عز وجل -، هذا الأسلوب الأدبي الرائع يبين لنا درجة وعي الأديب المثقف بكيف يبدأ؟!.. بتحية المطلع أولاً والسلام عليه بصوتٍ مخطوط يصافح فيه القلب والعين معًا، وتتأمل النفس تأثيرات هذا السلام الورقي المحبب الذي يحمله في سطور؛ أدب التعامل والعيش في أجواء اللحظة والمعايشة أثناء التلقي. يقول الشاعر في قصيدته (فاتحة): “هذا أنا نغمٌ على هجع الظمأ لغةٌ لغير ِ أوانها تزهو على كف الفيافي للحقيقةِ موسما وتصبُ في ظمأ السكونِ لهيبها تهبُ الظلامَ الأنجما دفءٌ أنا يا صاح.. حرف ٌ نافر ٌ يأبى بأن يرتاح أو يتأقلما فافتح برفق ٍ بعض َ أحلامي التي أودعتها قلبي لكي يتكلما” من أول الأبيات يقدم الشاعر نفسه “هذا أنا نغم ٌ”.. جاء للتغني فكتب الإيقاع المؤنس المشعور ولنا أن نُحيل مفردة «نغم ٌ« حين استمرارها إلى.. عذابات.. أحلام.. لحظات.. نبض.. أشياء يُحسها فترجمها إلى نغم.. لحن منعش وآخر معذب؛ فكأن الألم له عذوبة إن استمر عزفه على منوال موحد بتراتبية فيتصاعد مع تلك العذوبة الخط البياني للقصيدة «لغة لغير أوانها« .. تبتدئ هنا حالة التشظي؛ حيث انطلقت من «لغير أوانها« فتُحملنا الرجوع إلى المقطع الأول لتعيد لنا لماذا لغير أوانها؟! تعبير يفسره ما قبله.. «على هجع الظمأ«. تستمر الذات الشاعرة باعتزازها باللغة لكنها متألمة، ذلك عند توظيف مفردات الشجن (هجع الظمأ / لغير أوانها / ظمأ / السكون / بعض أحلامي / لكي يتكلما..) ورغم ذلك لم تختفِ النشوة وإن ساد النغم الحزين وتسيد معظم المقاطع بتراتبية إذ نجدها في مقاطع أخرى تعود منها الذات متفائلة تبرزها كذلك مفردة (نغم ٌ) ثم (تزهو / للحقيقة / تصب / موسما). قصيدة مُشبّعة بالارتفاع والسمو تارة وتارة بالأمل الحزين. كثافة اللفظة المنتقاة بعناية بررّت قِصر المقاطع إلى خمسة، ولا تكف اللغة في هذا الديوان عن امتطاء النغمة الشاجنة والعزف الأليم في بدايته وفي المنتصف أيضًا وحتى في آخر قصائده .. ونستشعر ذلك مقدمًا إذ نرى اتكاء النصوص على عتبات عناوينها كتقدُمة مهيئة أجواء المتلقي لاستقبال ذائقته لحالة من وجع الحياة يصورها الشاعر قبل بوحه. اختيار العنوان حرفة تحكمها الحالة الشعورية ومستواها وثقافة الشاعر بالمفردات المعبرة التي كلما قلّت اتسعت آفاق التأويل كما يقصد الجرجاني. وعند النظر في قصائد الديوان نجد أنها 42 قصيدة 21 قصيدة منها ذات عناوين تميل إلى الأحزان مقابل 21 قصيدة أخرى تنوعت أغراضها. وعناوين القسم الأول منها جاء كالتالي: أشياء من وجع الغياب – شروخ في ذاكرة الزمن الأخضر – مرثية رجل لم يمت – الخراب- الرحيل المر – الأخيرة – طريق الأحلام – مصالحة – خارطة العودة - خبز الموتى – الطفولة القاتلة – الهزيمة – الموت بالمجان – محاولة فاشلة – زمان آخر – الشتات – رائحة اليأس – رسالة إلى نسر عجوز – التغريبية – تداعيات طريق – كهوف الصمت). إن هذا الملمح ليؤكد لنا حجم الشعور غير المتكلف وتواجد الحياة الموجعة لحظة الكتابة، حالة تمر بها الذات تسبر غور مكنوناتها آلام، جراح، أسى، .. هموم.. فتستريح تلك الذات بعد الكتابة فالكتابة صنفها البعض بأنها راحة، وغير واحد بأنها علاج، إذ هي إخراج ما احتدم.. ، ولاشك أنها سلوة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.