رأت روسيا، اليوم الخميس، أن اقتحام الكونغرس الأميركي يشكل دليلا على دخول الولاياتالمتحدة مرحلة تراجع، وقال مسؤولون فيها إن النظام الانتخابي الأميركي والانقسامات العميقة في البلاد تجعل الديموقراطية فيها "عرجاء بالكامل". وتحت عنوانين مثل "اقتحام الكابيتول" و"فوضى في واشنطن"، عرض التلفزيون الرسمي الروسي مشاهد لمخربين من أنصار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب يقتحمون الطوق الأمني ويدخلون مبنى الكونغرس الأربعاء فيما أطلقت القوى الأمنية الغاز المسيّل للدموع وشهرت الشرطة أسلحتها في الداخل. ويرى كثيرون في موسكو أن الأحداث الصادمة فضحت مكامن الخلل في النظام الديموقراطي الأميركي. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا لوكالات الأنباء الروسية "النظام الانتخابي في الولاياتالمتحدة بال ولا يتماشى مع المعايير الديموقراطية الحديثة... وباتت وسائل الإعلام الأميركية أداة في النزاع السياسي". وأضافت "هذا هو السبب الرئيسي للشرخ المسجل راهنا داخل المجتمع في الولاياتالمتحدة". ولطالما امتعضت موسكو من انتقادات الولاياتالمتحدة لوضع الديموقراطية في روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين متهمة واشطن بالتعالي والخبث. الحضيض وبعد اعتماد نبرة شبيهة بتلك المستخدمة ضد روسيا، قال مسؤولون الخميس إن الولاياتالمتحدة لم تعد في موقع يسمح لها بإلقاء دروس في الحرية والديموقراطية على دول أخرى. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي كونستانتان كوياشيوف "الطرف الخاسر لديه أسباب أكثر من كافية لاتهام الفائزين بالتزوير، ومن الواضح أن الديموقراطية الأميركية عرجاء". وأضاف "التغني بالديموقراطية انتهى. لقد بلغت الحضيض للأسف وأنا أقول ذلك من دون أي ذرة تبجح. لقد ضلّت أميركا طريقها وبالتالي لم يعد لديها الحق في تحديد المسار وفرضه على الآخرين". واتهم الأميركيون الكرملين أيضا بالسعي إلى إحداث انقسام في الولاياتالمتحدة مع حملة تدخل وتضليل إعلامي من بينها محاولات مزعومة بالتأثير على انتخابات العام 2016 لصالح ترامب ما دفع مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي إلى فتح تحقيق. وبسبب الاحتفال بعيد الميلاد لدى الأرثوذكس لم يصدر أي موقف من الكرملين بشأن أحداث واشنطن. إلا أن مشرعين مؤيدين للرئاسة الروسية لم يتاونوا عن التعليق. وقال النائب ليونيد سلاتسكي لوكالات أنباء روسية "لا يمكن للولايات المتحدة بالتأكيد الآن فرض معايير انتخابية على دول أخرى وأن تدعي أنها منارة الديموقراطية في العالم". وأكد أن واشنطن تعاني بعدما شجعت على "ثورات ملونة" عبر العالم مثل الانتفاضة المناهضة لموسكو في كل من اوكرانيا وجورجيا والاحتجاجات الأخيرة في بيلاروس. واعتبر سلاتسكي "أن الثورات الملونة ترتد الآن على الولاياتالمتحدة. وكل ذلك يهدد بالتحول إلى أزمة في نظام الحكم الأميركي". رأي مخالف في المقابل، كان للمعارضين الروس رأي مخالف. وقال المعارض أليكسي نافالني الخميس على تويتر إن "أنصار بوتين يبتهجون برؤية النزاعات في الولاياتالمتحدة ويمدحون +الاستقرار+" في روسيا. ونافالني متواجد في برلين التي نقل إليها بعد دخوله في غيبوبة على متن طائرة فوق سيبيريا، حيث يتلقى رعاية من الأطباء الألمان الذين خلصوا إلى أنه تعرض لمحاولة تسميم باستعمال سلاح كيميائي. من جهتها قالت حليفة نافالني ليوبوف سوبول على تويتر إنه "بالنسبة لروسيا لا يعقل بالطبع أن يكون الرئيس الحالي للولايات المتحدة... يسعى للبقاء في السلطة ولا يتمكن من ذلك". وأضافت المعارضة التي تلاحق قانونيا في روسيا "هذه هي قوة الديموقراطية". وكان الرئيس فلاديمير بوتين الذي يتولى السلطة منذ 20 عاما أقر العام 2020 تعديلات دستورية تسمح له بالبقاء في الكرملين حتى 2036. متطرفون واستغل البعض ما حصل في الولاياتالمتحدة لتبرير السياسات التي تنتهجها موسكو داخليا. ورحب النائب انطون غوريلكين العضو في لجنة الاتصالات بقرار تويتر وفيسبوك تعليق حسابات ترامب قائلا إن ذلك يظهر الحاجة إلى إشراف أفضل على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال في منشور عبر قناته على "تلغرام"، "يجب أن تعمل شبكات التواصل الاجتماعي في ظل قواعد صارمة وإطار قانوني لأن الحرية المطلقة للإعلام تستحيل سلاحا في أيدي المتطرفين". وغالبا ما تندد الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى بمحاولات روسيا تشديد الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. وانتقدت واشنطن بشدة تدابير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقمع المعارضة واتهمت روسيا في الفترة الأخيرة "بتعزيز قمع المجتمع المدني" مع قانون جديد أقر الشهر الماضي يعزز الإجراءات بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الاعلام التي تعتبر "عميلا أجنبيا". وتقول موسكو إن واشنطن تستخدم هذه الادعاءات لفرض أجندتها والمحافظة على موقعها العالمي. وتصاعد التوتر بين الدولتين الخصمين خلال الحرب الباردة، إلى مستويات عالية في السنوات الأخيرة مع فرض سلسلة من العقوبات الأميركية على مسؤولين روس وخلافات بشأن معاهدات الحد من الأسلحة واتهامات أميركية بحصول هجمات قرصنة روسية واسعة.