لا يخفى على الجميع الظروف الصعبة التي تعاني منها الصحافة الورقية، ليس على المستوى المحلي فقط، بل والعالمي أيضاً، وقد توالت نداءات الاستغاثة من عدد من تلك المؤسسات خلال الأعوام الماضية، ومنها ما أطلقه رئيس هيئة الصحفيين السعوديين ورئيس اتحاد الصحافة الخليجية ورئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) الأستاذ خالد المالك مطلع هذا العام من خلال مقالة له في صحيفة الجزيرة بعنوان: (بيني وبين الصحافة.. الخوف عليها)، أشار من خلاله إلى أن المؤسسات الصحفية اليوم تمر بمنعطف خطير وحالة حرجة قد تؤدي إلى موتها إن تم التأخُّر في تقديم العلاج المناسب لها. الظروف الصعبة التي تمر على الصحافة في العالم وتحت وطأة الأزمات المالية والإعلانية، وضرورة قيام تلك المؤسسات الصحفية بالوفاء بكامل متطلباتها عمدت (صحيفة الغارديان) وهي إحدى أعرق الصحف العالمية إلى طلب المساعدة من قرائها على نحو غريب، لتتفاجأ بمشاركة مليون شخص في تقديم المساعدة لها، مما أكد أن شعبية الصحف الورقية وبالرغم من تعدد وتنوع مصادر الأخبار وانتشار التقنية ووسائل التواصل الاجتماعية والتطبيقات الإلكترونية المختلفة، إلا أن مكانتها ما زالت قائمة في نفوس البعض، وقد أكدت كاثرين فينر رئيسة التحرير أن تلك المساعدة من القراء مكَّنت الصحيفة من استقرار عملها والتوسع فيه. قد يتفق البعض أو يختلف على الأسلوب الذي لجأت إليه صحيفة الغارديان، وقد تكون طريقة الإنقاذ تلك مؤقتة وغير مستدامة، وقد تكون مناسبة لبعض المجتمعات، في حين قد لا تكون مناسبة لمجتمعات أخرى، غير أن هناك العديد من الدروس التي يمكن أن يستفاد منها من مثل هذه التجربة، وفي مقدمتها عدم الاستسلام والإصرار على البحث عن مخرج، فالمسألة اليوم لبعض المؤسسات هي حياة أو موت، فلابد من طرح كل الأفكار المختلفة، وإن كانت غريبة، أو غير مقبولة في ظاهرها، أو لم يسبق أن تم تجربتها، ولابد من الاستنفار واللجوء لكل الطرق الشرعية، بما في ذلك دعوة الأنصار ومن لديهم رصيد كبير من الحب والولاء لتلك المؤسسات الصحفية، وخصوصاً تلك التي مضى على تأسيسها عشرات السنين، وعاصرت العديد من الأجيال من أفراد المجتمع، ولدينا تجربة قد تكون قريبة أو مشابهة، والتي قامت بها هيئة الرياضة بالتنسيق مع شركات الاتصالات لدعم الأندية الرياضية. إنقاذ (صحيفة الغارديان)، قد يساهم في تجديد الدعوة لمؤسساتنا الصحفية لعقد ملتقى وطني يجمع كل تلك الآراء والأفكار، ويضع التوصيات اللازمة لإخراج تلك الصحف من محنتها وإنقاذها، فلتلك المؤسسات دور مهم في مجابهة الحملات المغرضة والدفاع عن الوطن من خلال الكلمة والقلم.