* في لقائه مع حكَّام الولايات الأمريكيَّة يوم الاثنين الماضي، تعهَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بزيادة ميزانيَّة وزارة الدفاع الأمريكيَّة 10%، ثمَّ عاد وأكَّد ذلك في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب يوم الأربعاء الماضي. الميزانيَّة الحاليَّة لوزارة الدفاع الأمريكيَّة تبلغ (577.1) مليار دولار، بما نسبته 16.7% من الناتج المحلي للولايات المتحدة الأمريكيَّة، والزيادة المقترحة من الرئيس ترامب تبلغ (54) مليار دولار، وهو ما سيجعل ميزانيَّة الدفاع كأعلى رقم وصلته في التاريخ الأمريكي، كما أن الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة هي الدولة الأعلى في العالم حاليًّا في الإنفاق العسكري. حسب حديث ترامب مع حكَّام الولايات فإنَّه يهدف من رفع الميزانيَّة تلك إلى: «إعادة بناء القدرات الدفاعيَّة المستنزفة للولايات المتحدة، كما أنَّها ستركِّز على الجيش والأمن». وكرَّر في حديثه أكثر من مرَّة قوله: «إمَّا أن نحارب لننتصر، أو لا نحارب أصلاً». القوات الأمريكيَّة من حيث العدد، هي ثاني أكبر جيش بعد الجيش الصيني، حيث تبلغ مليونًا وأربعمئة ألف جندي في الخدمة الفعليَّة، ومليونًا ومئة ألف في الاحتياط، وتشمل كلَّ أفرع القوات المسلحة البريَّة والجويَّة والبحريَّة، والمارينز «مشاة البحريَّة»، وحرس السواحل، والجيش الوطني، ولكنَّها تتميَّز عن كثير من جيوش العالم بتفوُّق هائل في نوعيَّة وكفاءة السلاح، وما أحدثه برنامج «حرب النجوم» المُدشَّن في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان في الثمانينيَّات في القرن الميلادي الماضي. حسب رأي كثير من الخبراء الأمريكيين، فإنَّ زيادة ميزانيَّة وزارة الدفاع ستكون على حساب خدمات أخرى، حيث ستقلّص ميزانيَّة وكالة حماية البيئة، ووزارة الخارجيَّة، وقطاعات كبيرة من برامج الخدمات الاجتماعيَّة؛ ممَّا قد يدفع بالنواب والشيوخ الديمقراطيين إلى معارضة ذلك بشدَّة عند مناقشة الميزانيَّة في مجلس الكونجرس. لكنَّ المؤكَّد أنَّ الرئيس ترامب، وكبار مسؤولي إدارته الذين وضعوا تلك الميزانيَّة من أمثال كبير مستشاري البيت الأبيض ستيف بانون، ومدير المجلس الاقتصادي الوطني غاري كوهين، ومدير الميزانيَّة ميد مولفاني مصرُّون على تمريرها؛ اعتمادًا على هيمنة الجمهوريين على أغلب مقاعد مجلس الكونجرس، إضافة إلى السعي لتسويقها إعلاميًّا على أنَّها حتميَّة لتطوير قدرات وزارة الدفاع، بما يضمن أمانًا أكبر للأمريكيين، ولبلادهم خاصَّةً وأنَّ الرئيس ترامب قد أكَّد أكثر من مرَّة آخرها في خطابه أمام الكونجرس بأنَّه «تعهَّد بالقضاء الأبدي على تنظيم داعش من على وجه الكرة الأرضيَّة، بالتعاون مع حلفاء وأصدقاء أمريكا من الدول الإسلاميَّة»، وأن ذلك لن يتم بالطبع إلاَّ بزيادة ميزانيَّة الدفاع الأمريكيَّة، وتطوير قدرات قواتها الدفاعيَّة والهجوميَّة. ويبقى السؤال: هل هذا يعني عودة لسباق تسلُّح عالمي، كما كان يحدث خلال فترات الحرب الباردة الماضية بين الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة، والاتحاد السوفيتي؟!. ذلك ما ستجيب عنه الأيام المقبلة، خاصَّةً وأنَّ روسيا والصين والهند، ودولاً كبرى أخرى تقوم حاليًّا بتسريع قدرات قواتها العسكريَّة، بما يجعلها تتقارب مع ما تملكه القوات الأمريكيَّة.