طالعت في جريدة الجزيرة الصادرة بتاريخ 27-7- 1427ه مقالاً للدكتور محمد بن عبدالرحمن البشر بعنوان (عودة إلى ابن زيدون) يورد فيه بيتين للشاعر المتلمِّس (خال طرفة بن العبد) ونصهما: ولا يقيمُ على ضيمٍ يرادُ به إلاّ الأذلاّن: عَيْرُ الحيّ والوتدُ هذا على الخسف مربوطٌ برمته وذا يُشَجُّ ولا يرثي له أحدُ ويشير الدكتور الفاضل في تقديمه لهذين البيّتين إلى أن الأذلان هما الجمل والوتد، وهو تفسير خاطئ يتناقض مع ثقافة العرب وأحوال معاشهم.. حيث إن المقصود ب(عَيْر الحي) في البيتين هو الحمار.. للاعتبارات التالية: أولاً: أن الجمل لا يربط بل يعقل.. والربط دائماً للحمار وهذا ما يتعارف عليه عند العرب وقيل خُلقت الإبل وخُلق لها العرب. ثانياً: أن الجمال لا تنسب إلى الحي فلا يقال جمال الحي، بل حمار الحي. ثالثاً: لو تأمل الكاتب والقارئ الكريمين لفظ مربوط (من الربط) هي مفرد وليست جمعاً.. كذلك عَيْر الحي فهي مفرد وليست جمعاً.. فلو افترضنا أن الكاتب التبس عليه أنها عِيْر وليست عَيْر فإن عِيْر وهي جمع قوافل من الإبل لا تتفق مع سياق الأبيات من الناحية اللغوية (مربوط). وعلى ذكر جمل الدكتور البشر. ذكرني بجمال وزارة المواصلات حينما قامت الوزارة بوضع لوحات على جانب الطرق السريعة بالمملكة وكتب على تلك اللوحات معابر جمال، ويفهم القارئ من تلك اللوحات أن المعابر المذكورة وضعت ليعبر منها ذكور الإبل (الجمال) فقط أما الإناث من الإبل فيحرم عليها العبور منها، كأن تلك المعابر والطرق في ساحل العاج أو قندهار ولم تكن في قلب جزيرة العرب مهبط الفصحى.. وشر البلية ما يضحك.