انصراف الكثرة من الرجال عن الزواج في هذا العصر أمر يبعث على التساؤل ولعل الأسباب كثيرة. ولكن من نظرة نرسلها في واقع حياتنا الآنية وما يطلبه العيش فيها ربما نستطيع أن نستنتج الأسباب الباعثة على الانصراف. فهناك أمران لو لم يكن إلا هما لكفى بهما عقبة في طريق الزواج: السكن، ومصروف بيت الزوجية. ولعل أضخم رقم في قائمة مصاريف بيت الزوجية هو ذلك الرقم المتكرر في كل حين والذي تنفقه الزوجة في شراء الموضات - خاصة الأزياء - بأثمان باهظة لا يقوى على حملها أكثر الأزواج.. إذا عرفنا أن أكثرهم من ذوي الدخل المحدود والمرأة والموضة في هذا العصر شيئان متلازمان والرجل لن يستطيع أبداً على التفرقة بينهما وهو يشعر بثقل التكاليف على ظهره.. ذلك لأنه يعرف في النساء طبيعة المحاكاة فيما بينهن ويجد نفسه بالتالي - وبطبيعة شفقته على زوجته - مدفوعاً إلى مراعاة شعورها وتنفيذ رغباتها، وبسبب المحاكاة نفسها تندفع المرأة إلى التضحية بما يجعلها تظهر مثل مثيلاتها حتى وهي تشعر بمرارة من ثقل المصروف على زوجها. من حقها على الزوج.. وليس للزوج الحق بأن يطالب زوجته بالكسب أو العمل بل لا ينبغي أن يختار فتاته لأنها تعمل.. فإذا حصل ذلك اتفاقاً فإنه ولا شك عون للرجل، وهذا ما أقصده فقط. أما مشكلة السكن فما بالك بالأرض الواحدة ذات المساحة المحدودة لبيت واحد إذا كان ثمنها باهظاً! وماذا يا ترى سيكون عليه موقف الموظف ذي الراتب المحدود وإزاء هذه المشكلة؟ أليس من الأسهل عليه أن يعيش في بيت أهله أو بين جماعة من أمثاله العزاب أعزاباً بينهم؟ ما بالك لو أنه أصر على الزواج على أن يستأجر سكناً وهو كما قلت موظفاً عادياً هل سيكفي راتبه لتسديد أجور السكن ومن ورائه مصروف البيت! أخيراً: ماذا سيكون عليه تفكير هذا المسكين نحو الزواج وهو يرى أمامه هذه العقبات ترى هل نلومه إذا تخلى وأحجم عن الزواج.