موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    حقيقة تعاقد النصر مع جيسوس    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف ضد المدنيين في غزة واعتداءات المستوطنين على كفر مالك    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    "الحازمي" مشرفًا عامًا على مكتب المدير العام ومتحدثًا رسميًا لتعليم جازان    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    في حالة نادرة.. ولادة لأحد سلالات الضأن لسبعة توائم    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    ضبط شخص في تبوك لترويجه (66) كجم "حشيش" و(1) كيلوجرام "كوكايين"    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    صحف عالمية: الهلال يصنع التاريخ في كأس العالم للأندية 2025    مقتل 18 سائحًا من أسرة واحدة غرقًا بعد فيضان نهر سوات بباكستان    الهلال يحقق مجموعة من الأرقام القياسية في مونديال الأندية    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    12 جهة تدرس تعزيز الكفاءة والمواءمة والتكامل للزراعة بالمنطقة الشرقية    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى 31 ديسمبر 2025م    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    تحسن أسعار النفط والذهب    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة العربية السعودية وحقوق الإنسان

هناك خصوصية تميز العالم الإسلامي في الجملة، عن مختلف دول العالم في مجال حقوق الانسان، وتنبع هذه الخصوصية من اختلاف المجتمعات الاسلامية عن غيرها من المجتمعات، في المنطلقات والمفاهيم، وفي التكوين الفكري والثقافي المميز للشعوب الاسلامية عامة.
ان الاسلام منذ عصر النبوة هو الذي صاغ العقل المسلم والفكر الاسلامي على امتداد القرون، ويمثل الوحي الالهي، جانباً كبيراً من عقل المسلم وفكره، ومصدراً من اهم مصادره للعلم والمعرفة، الى جانب ما هيأه الله له من مصادر المعرفة الاخرى.
بينما لا يمثل الوحي الالهي، جانباً ذا بال في الفكر الغربي في العصر الحديث بالذات، ولذلك جرى ابعاد الدين عن الحياة الغربية بوجه عام، ولم يعد الوحي الالهي عند الغربيين مصدراً يقينياً وثابتاً للمعرفة الانسانية، بل ان الدين عرف في الموسوعة الفرنسية بأنه: كل سلطة او معرفة تتعارض مع العلم .
واستقرت الحضارة الغربية في العصر الحديث، منذ القرن السادس عشر الميلادي على منطلقات فكرية بشأن الدين، كان من نتيجتها فصل الدين عن الدولة.
وهذا المفهوم الخاطىء للدين، بل والعداء له بعيد تمام البعد عن تفكير المسلم فردا كان او جماعة إذ يعتبر المسلم المحافظة على الدين، اهم مقاصد الحياة، واول ضروراتها التي ينبغي الحفاظ عليها، اضافة الى ان المنظومة الخلقية الاسلامية، تظل عند المسلمين، هي المثل الاعلى والضابط للقيم والسلوك الاجتماعي، وتظل اصول الشريعة ونصوصها، هي النظام التشريعي للمجتمع في علاقاته كلها، الاسرية والاجتماعية.
ومهما كانت درجة الالتزام والاتباع الفردي او الجماعي، فان ذلك لا يغير من الايمان بقدسية الدين وضرورته، وصلاحية الشريعة وقدرتها، على اصلاح الفرد والمجتمع في كل زمان ومكان.
وتعتبر المملكة العربية السعودية، نموذجاً للخصوصية الاسلامية في الالتزام بالعقيدة، وفي تطبيق الشريعة، وفي التميز الفكري والاجتماعي على هدي الاسلام.
ذلك، ان المملكة تتشرف بأنها تضم اهم مقدسات المسلمين، الكعبة المشرفة، اول بيت وضع للناس لعبادة الله، والمسجد الحرام في مكة المكرمة، ومسجد الرسول صلوات الله عليه وسلامه في المدينة المنورة.
وفي ارض المملكة، كانت اول أمة للاسلام، وقامت اول دولة في عصر النبوة، وكانت هذه الامة، خير امة اخرجت للناس، كما قال تعالى: كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون سورة آل عمران، الآية 110 .
وكانت دولة الاسلام في نشأتها الفريدة على هدي القرآن، وحكمة الرسول صلى لله عليه وسلم المثل الاعلى، والنموذج الكامل لكل دولة اسلامية، تظهر في كل زمان ومكان بعد عصر النبوة، الى آخر الدهر.
والخصوصية التي اشرنا الى انها تميز العالم الاسلامي في موضوع حقوق الانسان، اشد ما تكون ظهوراً ووضوحاً في المملكة العربية السعودية.
فمنذ نشأت الدولة السعودية في العصر الحديث، بداية من عهد مؤسسها الامام محمد ابن سعود رحمه الله عام 1157ه، الى ان تم توحيدها في عهد، الامام الملك عبدالعزيز ابن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله في القرن الرابع عشر الهجري، العشرين الميلادي، الى وقتنا الحاضر، وهي قائمة على اتباع شرع الله تعالى، وانفاذ احكامه في جميع امورها.
فالكتاب والسنة، هما الحاكمان على سياسات المملكة وتنظيماتها.
وقد حافظت المملكة منذ نشأتها، على اتخاذ الشرع حاكماً وموجهاً وضابطاً لكل انظمتها التي اقتضتها حركة النمو والتطور، التي صاحبت توحيد المملكة العربية السعودية، ثم نهضتها، وعلو مكانتها في المجتمع الدولي.
والتزام المملكة بشرع الله على هذا النحو، يظهر الخصوصية الاسلامية بكل وضوح امام المجتمع الدولي، ويجعلها النموذج الذي ينظر اليه في العلاقات الدولية بين العالم الاسلامي والعوالم الاخرى.
وبسبب التزام المملكة بتطبيق احكام الشرع، المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفق منهج متكامل في المملكة، فان مكانتها في العالم الاسلامي، وفي نظر المجتمع الدولي، مستمدة من الاسلام ذاته.
ففيها، اول بيت وضع للناس، وفي ارضها بعث رسول الاسلام، وخاتم الانبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام وانتشر هديه ونوره من ارضها، واقيمت فيها دولة الاسلام الاولى.
فالاسلام، اعطى المملكة كل مقوماتها.
والتزام المملكة اليوم بتطبيق شريعته، اعطاها في المجتمع الدولي قيمتها ومكانتها.
ونتناول في الصفحات التالية حقوق الانسان في النظام الاساسي للحكم في المملكة، وفي بعض انظمتها الخاصة، بما يظهر الخصوصية الاسلامية عامة، ويكشف عن التزام المملكة خاصة بأحكام الشرع الاسلامي، وفق كتاب الله الكريم، وسنة نبيه المطهرة.
حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم والأنظمة الأخرى في المملكة
صدر النظام الاساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، بمقتضى الامر الملكي المرسوم بالرقم أ/90 في 27/8/1412ه.
وهو النظام الذي يوضح شكل الدولة، ونظام حكمها، ويحدد سلطاتها، ويبين الحقوق والواجبات لمواطنيها، والمقومات الاجتماعية، والمبادىء الاقتصادية، التي يسير عليها المجتمع والدولة.
فهو بايجاز، نظام المملكة الذي تلتزمه سلطاتها ومؤسساتها في سعيها الدائم الى حفظ الدين، عقيدة وشريعة، وتحقيق مصالح الناس، والوفاء بحقوقهم التي اوجبها الشرع، وضمان امنهم ورخائهم على ارض المملكة.
وفي كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، بمناسبة صدور النظام الاساسي للحكم لاخوانه وابنائه المواطنين، تبرز الاسس والمبادىء التي اقيم عليها نظام الحكم في المملكة.
فقد اقيم على الاسلام عقيدة وشريعة، وعلى المنهاج الصحيح في فهم احكامهما.
وبذلك كما قال خادم الحرمين الشريفين كانت المملكة، نموذجاً متميزاً في السياسة والحكم في التاريخ السياسي الحديث.
ولم تأت صياغة نظام الحكم في المملكة من فراغ، بل كانت توثيقاً لشيء قائم، وامر واقع معمول به، عماده الشريعة التي استمر تطبيق احكامها قرونا عديدة، وظهر الالتزام الكامل بها، منذ قامت الدولة السعودية الاولى.
ان الدستور في المملكة، هو كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اليهما يحتكم، واليهما يرجع في كل شىء يختلف فيه.
ان السيادة والسلطة العليا في المملكة العربية السعودية، هي لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما مصدر السلطة فيها، كما تصرح بذلك المادة السابعة من نظام الحكم.
فالسلطة، او السيادة في النظر غير الاسلامي للحاكم، او الدولة، او لسلطة من السلطات البشرية.
لكن هذه السلطات في المملكة، تخضع لحكم الله عز وجل في الكتاب والسنة.
وفي المادة الثامنة من النظام الاساسي، يقوم الحكم على اساس العدل والشورى والمساواة، وفق قواعد الشريعة الاسلامية.
وتحقيق هذه المبادىء، يتم وفق المرجع الاعلى، وهوالكتاب والسنة.
فهي ليست شعارات تطلق، ثم يبحث لها الناس عن معنى ومرجع ومفهوم، تختلف فيه الآراء والاهواء والعقول.
وفي مجال حقوق الانسان التي اوردتها المواثيق الدولية، واهمها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948م،واتفاقيتا الاعلان العالمي المدنية والسياسية، والاجتماعية والاقتصادية، الصادرتان سنة 1966م، واللتان بدأ العمل بهما سنة 1976م.
نرى ان النظام الاساسي للحكم في المملكة، نص على أكثر مما نصت عليه المواثيق من مبادىء.
لقد اوردت المواثيق الدولية، مفردات عديدة من الحقوق، تحت هذه المبادىء، مستمدة كلها من واقع المجتمعات الغربية، وظروفها، وتراثها التاريخي والديني والاجتماعي.
غير انه تبقى ميزة الشرع الاسلامي، الذي استمد منه النظام الاساسي للحكم في المملكة، في انه يفتح الباب لكل الحقوق التي تبيحها الشريعة، والتي تندرج تحت مبادىء الكرامة الانسانية والحرية والمساواة والتكافل الاجتماعي والشورى.
ولكل هذه المبادىء، مرجع يوضح، ويحدد مفاهيمها الصحيحة على المستوى الانساني كله.
ان المرجع هنا، وهو شريعة الله، يحدد الحقوق، ويوضح المفاهيم، ويستبعد الزائف، ويستبقي الصالح.
ففي الباب الثالث من نظام الحكم، الذي يتعلق بمقومات المجتمع السعودي، تظهر قيمة الاسرة في النظر الاسلامي نواة للمجتمع، حيث يربى افرادها على اساس العقيدة الاسلامية، والولاء، والطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر، واحترام النظام، وتنفيذه، وحب الوطن والاعتزاز به م9 .
وتحرص الدولة على توثيق روابط الاسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية م10 .
ويهدف التعليم الى غرس العقيدة في نفوس النشء، واكسابهم المعارف والمهارات م13 .
وفي المبادىء الاقتصادية، نص النظام الاساسي للحكم، على حرمة الملكية الخاصة، ومنع الاستيلاء عليها الا للمصلحة العامة، ومقابل تعويض عادل م18 .
وحظرت المادة 10 مصادرة الاموال مصادرة عامة، ولا تكون المصادرة الجزئية عقوبة على جريمة إلا بحكم قضائي.
وامر مهم في شأن الضرائب والرسوم التي تفرضها الدولة، فان النظام في المملكة يتفوق على غيره في دول العالم كافة، فالضرائب والرسوم في معظم الدول من اطلاقات الدولة، تفرضها بحسب ما تراه.
اما في المملكة، فلا تفرض الا عند الحاجة، وعلى اساس العدل، وهو أعدل واكثر يسراً على المواطنين.
واما الزكاة، فقد نصت المادة الحادية والعشرون، على انها تجبى، وتنفق في مصارفها الشرعية.
فالمواطن السعودي، آمن بحكم الشرع من المظالم المالية التي تعانيها شعوب كثيرة في العالم.
وفي الباب الخامس من النظام الاساسي للحكم المتعلق بالحقوق والواجبات، نصت المادة السادسة والعشرون، على ان تحمي الدولة حقوق الانسان وفق الشريعة الاسلامية.
وهو نص رئيس، يؤكد اهمية هذه الحقوق، والتزام الدولة بالوفاء بها.
وجاءت النصوص التالية لهذا النص الرئيس، الذي اشار الى حقوق الانسان ضمن باب الحقوق والواجبات، بمفردات حقوق الانسان التي وردت في الشريعة الاسلامية، قبل المواثيق الدولية بألف عام على الاقل.
في حين ان كثيراً من الدساتير المعمول بها في دول عديدة، لا تتضمن مثل نص المادة السادسة والعشرين، التي جعلت حقوق الانسان وفق الشريعة الاسلامية، من حقوق المواطن.
ان مفردات حقوق الانسان التي وردت في النظام الاساسي للحكم، تشمل الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية، وتزيد عليها بعض الحقوق، التي تلتزم بها الدولة تجاه المواطنين.
ان الدولة، تكفل حق المواطن واسرته في حالات الطوارىء والمرض والعجز والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي م27 .
وهو نظر اسلامي اصيل ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، من حيث المبدأ والتطبيق.
والدولة تيسر مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الانظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل م28 .
وهو تطبيق امين لمبادىء الشرع الاسلامي.
وفي نظام العمل والعمال في المملكة، تفصيل لأوجه عديدة من وجوه حماية العامل في اجره وصحته، وأمنه من الفصل التعسفي.
وخصص فصل في النظام، لمكافحة البطالة التي نهى الشرع عنها.
والدولة ترعى العلوم والثقافة والآداب، وتعنى بتشجيع البحث العلمي، وتصون التراث الاسلامي والعربي، وتسهم في الحضارة العربية والاسلامية والانسانية م29 .
وتوفر الدولة التعليم العام، وتلتزم بمكافحة الامية م30 .
وهو تطبيق اسلامي لما ورد في القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحض على العلم، ورعاية اهله، وتيسير طرقه امام الناس.
وهذه النصوص، تشمل الصالح من الحقوق الثقافية التي وردت في المواثيق الدولية، وتزيد عليها.
وفي المادة الحادية والثلاثين، تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن.
وهذه من الحقوق الاجتماعية الرئيسة للانسان.
وزاد النظام الاساسي للحكم، حقاً للمواطن، والتزاما على الدولة، بالمحافظة على البيئة، وحمايتها، وتطويرها، ومنع التلوث عنها م32 .
وهو نص مستحدث على مستوى دساتير العالم كله، اقتضاه التطور العلمي لعلوم البيئة، وارتباطها بالصحة العامة، وسارعت المملكة الى ادراجه في النظام الاساسي للحكم، حقاً من حقوق المواطن في ارض صالحة وهواء نقي وماء طهور.
وفي القرآن الكريم، نهي عن الفساد في البر والبحر.
وفي السنة النبوية ، توجيهات شريفه تحمي المكان، وطعام الانسان، وشرابه، وصحته من الفساد.
وفي المادة السادسة والثلاثين، تلتزم الدولة بتوفير الامن لجميع مواطنيها والمقيمين على اقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات احد او توقيفه او حبسه الا بموجب احكام النظام.
وهو نص يرد عادة في كل دساتير الدول المتمدنة.
وفي المادة السابعة والثلاثين، نص النظام الاساسي للحكم، على ان للمساكن حرمتها، ولا يجوز دخولها بغير اذن صاحبها، ولا تفتيشها الا في الحالات التي يبينها النظام.
وفي المادة الثامنة والثلاثين، نص على قاعدة شرعية تأخذ بها دساتير الدول المتمدنة: العقوبة شخصية، ولا جريمة، ولا عقوبة الا بناء على نص شرعي او نظامي، ولا عقاب الا على الاعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.
وهذه النصوص تعد اصولاً كبرى في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
والمبادىء الواردة في النصوص الثلاثة سالفة الذكر، تطبيق امين لكتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
يقول الله تعالى:
وان ليس للانسان الى ما سعى سورة النجم ، الاية 39 .
ويقول سبحانه: ولا تزر وازرة وزرأخرى سورة الاسراء، الاية 15 .
ويقول جل شأنه: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً سورة الاسراء، الاية 15 .
وفي القرآن الكريم في حرمة المساكن، نهي عن دخولها الا بعد الاستئذان والسلام على اهلها، وفي قول للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل مايزيد على الف واربعمائة عام يجمع الضمانات التي نصت عليها المواد الثلاث المذكورة قبل: والله لا يؤسر رجل في الاسلام بغير العدول.
وهذه الضمانات نظراً لاهميتها، اوردها النظام الاساسي للحكم في المملكة.
وكل الانظمة التي تصدر تفصيلاً لأحكامها، ينبغي ان تتقيد بهذه المبادىء الاسلامية.
وفي مجال التعبير والرأي والاتصال، نص النظام الاساسي للحكم، على التزام وسائل الاعلام والنشر وجميع وسائل التعبير، بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة.
وحظرت المادة التاسعة والثلاثون، ما يؤدي الى الفتنة والانقسام، او يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، او يسيء الى كرامة الانسان وحقوقه، وتبين الانظمة كيفية ذلك.
كما تصون المادة الاربعون، حرمة المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية، فلا تجيز مصادرتها، او الاطلاع عليها، او تأخيرها، او الاستماع اليها، الا في الحالات التي يبينها النظام.
والضوابط التي وضعتها المادتان السابقتان لحرية التعبير، ضمانات معترف بها في النظم القانونية العالمية، ولكنها في النظام الاساسي للحكم في المملكة تستهدي بأصلها في القرآن الكريم، وباحكام الشريعة التي تنهى عن الفتنة:
والفتنة اكبر من القتل سورة البقرة، الاية 217 .
وتحض على الوحدة، والاعتصام بحبل الله: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا سورة آل عمران الاية 103 .
كما ان الشرع يحمي خصوصية الانسان واسراره، ويصونها عن الابتذال، لاسيما ما يتعلق بشئون اسرته التي تتناولها وسائل التراسل والاتصال.
وينهى الشرع عن التجسس عامة: ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم ان يأكل لحم اخي ميتاً فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم سورة الحجرات، الآية 12 .
ولا يباح ذلك الا لحماية حقوق المجتمع او الغير، كما ورد في النظام الاساسي للحكم.
والمرجع في اقرار الحق للناس، وفي تحديد مفهومه وضوابطه، هو شرع الله عز وجل كما في الكتاب والسنة.
وينص النظام الاساسي للحكم، على استقلال السلطة القضائية في المملكة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم الا للشريعة الاسلامية م 46 .
وحق التقاضي، مكفول للمواطنين والمقيمين م 47 .
والملك ومن ينيبه، معنيون بتنفيذ الاحكام القضائية م50 .
واستقلال السلطة القضائية، وعناية الملك ومن ينيبه بتنفيذ احكامها، يعد ضمانة مهمة لإنفاذ حقوق الانسان، التي نص عليها النظام الاساسي للحكم، اذا تعرضت للانتهاك او الانتقاص.
ان ميزة حقوق الانسان التي نص عليها النظام الاساسي للحكم في المملكة، انها قواعد شرعية، واحكام نظامية واضحة ومحددة المعالم والمفاهيم، وليست شعارات ومبادىء براقة يدخل تحتها بفعل الاهواء الزائفة ما يضيعها، وما يجعلها تضر بالمجتمع والانسان المسلم.
فحقوق الانسان في الشرع الاسلامي، تؤدي بمفاهيمها الصحيحة الى رقيه، وتقدمه، وجدارته بعمارة الارض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.