ان العناية بدراسة التاريخ المحلي من الأمور التي تحظى باهتمام كبير على المستوى العالمي اذ يتخصص بعض الباحثين بالكتابة عن مناطقهم بطريقة تفصيلية عميقة فيعرضون لتاريخها في مراحله المختلفة ولعاداتها وتقاليدها، والأمور الأخرى التي تتطلب الدراسة والبحث. وعلى مستوى المملكة تميز مجموعة من الباحثين السعوديين بالعناية بمناطقهم فكتبوا عنها وافردوا لها الكتب والبحوث العميقة، فأسهموا بذلك في تقديم أعمال علمية تبرز أو توضح صورة المنطقة في تاريخها القديم والحديث. ومن هؤلاء الباحثين الذين تميزوا بالكتابة في التاريخ المحلي الأستاذ الدكتور اسماعيل بن محمد البشري استاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الملك خالد بأبها ووكيل الجامعة، الذي ركز اهتمامه على منطقة في جنوب المملكة فأثراها بالدراسة والبحث، وقد صدر له في عام 1413ه تحقيق ودراسة «حدائق الزهر في ذكر الأشياخ أعيان الدهر» (تراجم مجموعة من علماء عسير والمخلاف السلياني واليمن) لمؤلفه الحسن بن أحمد عاكش الضمدي. ثم صدر له مؤخراً الكتب الآتية: 1- حملة خليل باشا على امارة أبو عريش (6 صفر 1224ه/ 4 ديسمبر 1818م). 2- امارة أبو عريش، فترة الحكم المصري واعلان التبعية العثمانية (1235-1259ه/ 1820 - 1843م). 3- السياسة العثمانية تجاه امارة أبو عريش والسواحل اليمنية (1259ه - 1264ه/ 1843 - 1847م). 4- الحملة العثمانية على امارة ابو عريش والسواحل اليمنية (1265ه - 1849م). وكما هو واضح من العناوين فان هذه الكتب جميعها تركز على تاريخ المخلاف السليماني «جازان حالياً»، وهي منطقة شهدت احداثاً كثيرة في التاريخ الحديث، وسبق لغيره الكتابة عنها بشمولية أكثر للمنطقة من أبرزهم الأستاذ المؤرخ محمد بن أحمد العقيلي رحمه الله، غير أن الدكتور البشري عمق دراساته على قاعدة المنطقة أبو عريش بابراز الأحداث التي أثرت في مسار سياستها واستقرارها. ويظهر في كتابات الدكتور البشري الالتزام بالمنهج العلمي والاعتماد على المصادر الأساسية والحديثة، ومناقشة الأحداث برؤية علمية وتحليلها بعمق، كما تظهر منها الرغبة في تقديم أعمال تخدم تاريخ المنطقة وتوفر للدارسين والباحثين ولطلاب المعرفة عموماً معلومات ثرية تقوم على أساس علمي مكين. ونستطيع أن نقول أن كتاب «حدائق الزهر في ذكر الأشياخ أعيان الدهر» الذي قام بتحقيقه يعد من أهم المصادر عن تاريخ المنطقة لأنه يترجم لمجموعة من العلماء والأعيان والأدباء في عسير والمخلاف السليماني واليمن، وهذه التراجم توفر لمن يرغب في دراسة الحركة العلمية والثقافية معلومات قيمة لأنها تبرز اسهاماتهم ومشاركاتهم في المنطقة المشار إليها. ومؤلفات الدكتور البشري هذه ستكون رصيداً طيباً في المكتبة المحلية وهي دون شك جديرة بالقراءة والاطلاع لمعرفة جزء عزيز من وطننا المملكة العربية السعودية ولعل الدكتور البشري يتحفنا في قادم الأيام بأعمال أخرى في المجال نفسه.
