التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس    قطر تدين بأشد العبارات العملية البرية الواسعة التي بدأها الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    السعودية تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى 2025    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمنتجي النفط والغاز    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    بريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على غزة    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    الحكومة السورية ملتزمة بمحاكمة مرتكبي الجرائم.. خارطة طريق لاستقرار السويداء    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    وزير الدفاع وأمين مجلس الأمن الإيراني يبحثان الموضوعات المشتركة    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    موهبة بلجيكية تجذب اهتمام الهلال وأندية أوروبية    الصناعة تتوج بجائزة التميز    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    مجلس الوزراء يوافق على وثيقة مشروع تخصيص مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية    وفاة 5 أشخاص وإصابة 2 آخرين إثر حادث انقلاب مركبة في جازان    إعطاء أفضلية المرور.. تحقيق للسلامة المرورية    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    سفاسف (الظهور)..!    «العرضة» على شاشة الثقافية اليوم الأربعاء    هل ستستمر مواقع التواصل الاجتماعي؟    مشاركات فاعلة في صون الطبيعة وحماية البيئة.. السعودية رائد عالمي في الحفاظ على «طبقة الأوزون»    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    موجز    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    يوم النخيل العربي    انتظر في حسرتي لين الغياب    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    Guinness توثق أكبر طبق جولوف    %44 من شركات إنتاج الروبوتات يابانية    نشاط بركاني طويل على القمر    غوتيريش: الوضع في غزة «مروع»    31.6% نمو متوقع بصادرات المملكة لدول الخليج    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    الهلال يبدأ مشواره في دوري أبطال أسيا للنخبة بالفوز على الدحيل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    بيئة الرياض تتلف 3 أطنان من اللحوم غير الصالحة وتضبط 93 مخالفة في سوق البطحاء    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وضّاح اليمن وخرافة الصندوق
نشر في الجزيرة يوم 26 - 11 - 2016

أكاد أجزم أن عبدالله البردوني لا يعرف عن وضّاح اليمن إلا اسمه ورسمه وإن كان يمانيّاً ولو أبحر في سيرته وقرأها بتمعن واستقصاء شديد لأدرك أن حكاية الصندوق خرافة من خرافات الشعوبيين وأصحاب الأهواء الذين ربطوها بأم البنين وهي ابنة عبدالعزيز بن مروان وزوجة الوليد بن عبدالملك خليفة المسلمين وله الشرق والغرب آنذاك والذهب والفضة! بل يُعد الوليد من الخلفاء الأقوياء من ذوي السطوة والبطش والقوة والمكانة !
ولن أخوض في نسب وضّاح ففيه من الاضطراب الكثير فالدكتور طه حسين في حديث الأربعاء شكك كثيراً في وجوده وأنها قصة مختلقة لغرض في النفس قبل أن يشكك في قصة الصندوق! والذي أسهب في ذكرها أبو الفرج ت 356 ه في أغانيه ولا شك في ثراء الأغاني وأهميته إلا أنه أشبه بحاطب ليل وأحنّاته على بني أمية كثيرة فيذكر المثالب ويتتبعها على ضعف روايتها وعدم صحتها وإن كان منهم صليبة وهذا من العجب كما يقول ابن الأثير ! ولم يشرْ ابن إسحاق ت151ه والذي يعد أقرب المؤرخين لعهد الوليد للقصة لا من قريب أو بعيد على تحامله الشديد لأنه كتب تاريخه بأمر أبي جعفر المنصور العباسي ولا ابن هشام ت 218ه أو الطبري وهو أصدقهم وأوثقهم! ولا الذهبي حين ترجم للوليد! وحتى ابن عساكر في تاريخ دمشق لم يتطرق لذلك! ونقل أبوالفرج عن الزبير بن بكار الحادثة وأن الوليد قتله! والزبير أحد أحفاد عبدالله بن الزبير والوليد هو ابن عبدالملك بن مروان! فلا تخلو المسألة من حقد دفين! وثأر مبين! والغزل والتشبيب بالنساء والأشراف منهم خاصة كانت إحدى سمات ذلك العصر ولكنه نظمٌ ووصف ليس فيه اختلاط وإنما هو أشبه بالمدح دون الإساءة والإيذاء! ومن نظرة عقلانية لا يصح أن تكون زوجة الخليفة وهي من ذلك النسب بمكان مبتذلة كما صورها أبوالفرج أوغيره فتعشق شاعراً وتدخله في خدرها وتستأنس به ثم يتغزل بها وقد هويها وهوته... هكذا!! دون حياء أو خجل وتضرب بعرض الحائط مكانتها من أسرتها ومكانة أسرتها في قبيلتها ومكانة قبيلتها من الناس ناهيك أنها من قريش! وفي قصر زوجها نفسه بوجوده حتى يشي بها عنده أحد الخدم وهنا تختلف الرواية عند أبي الفرج أكثر فيقتله دون تفصيل! ورواية أخرى يدفنه حياً بصندوق خبأته زوجته بداخله فيطلبه منها متجاهلاً ما فيه دون أن يغضب لذلك! ثم يرمي فوق القبر البساط وتنتهي قصة عبدالرحمن بن إسماعيل الملقّب بوضّاح وببساطة دون ضجة إعلامية تُذكر أو حكاية يتناقلها الناس، وهب ذلك صحيحاً أليس هناك من الأعداء في وقتها وهم كُثر من يرويها ويذكرها؟ أو يدسّ إلى بعض المجّان الشعراء فينظمها شعراً وتكتب صكوكاً ثم يرويها الرواة؟! لماذا نتنظر حتى العصر العباسي الثاني فتخرج للعلن برواية مضطربة ورواة مشكوك فيهم؟! وإذا تجاوزنا بعض مؤرخي التاريخ إلى أشهر مؤرخي الشعر والأدب فلا نرى أحداً ممن سبق أباالفرج يذكرها كالجاحظ ت 255 ه وابن قتيبة ت 276 ه وابن المبرد ت 285 وهم ثقاة أشد ثقة ورواية من الأصفهاني! وجميعهم من العصر العباسي! ولا ممن نقل عنهم وهو متأخر عنه كالثعالبي ت 430ه وابن رشيق القيرواني ت 456ه ! بل ابن سلّام الجمحي في طبقاته للشعراء الإسلاميين عدّد الكثير من الغزليين ولم يأت بذكره ولو بالإشارة عنه! يقول بروكلمان في تاريخ الأدب العربي: ولكن مثل هذه البواعث التي ذكرتها القصة - يقصد قصة وضّاح - في نهاية حياته، موجودة إلى الآن عند أهل مهرة في قصة ذكرها «يان» وهذه دلالة على اختلاق القصة وعدم صحتها وهي أشبه بقصص ألف ليلة وليلة الخيالية! وهو بهذا إلى العدم قد يكون أقرب منه إلى الغموض! ولا شك أن التاريخ العام والأدب يحمل في طياته الكثير من الروايات التي تحتاج إلى تنقيح وتمحيص وإزالة الشوائب والزوائد عن الكثير منها وعلى القارئ ألا يسلّم بأي رواية مالم يستقصِ عنها ويتتبعها بعناية ودقة!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.