الاحتلال يرفض قرار الأمم المتحدة بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ويصفه ب"المخزي"    السعودية تدين تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد دولة قطر    «الحياة الفطرية»: تصوير الكائنات الفطرية في بيئاتها الطبيعية لا يعد مخالفة بيئية    بنك الرياض شريك مؤسس في مؤتمر Money 20/20 Middle East    وزير التعليم يبحث التعاون الأكاديمي والبحثي مع جامعات أستراليا    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    تركي آل الشيخ: التوقيع مع كانيلو الأكبر في تاريخ الملاكمة    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    قولدن سنت تجدد شراكتها مع نادي الخليج للموسم الثاني على التوالي    الأسهم الآسيوية تُعزز آمال تخفيف إجراءات أسعار الفائدة لتصل إلى مستويات قياسية    صندوق تعاون صلة الأرحام يشارك بحملة التبرع بالدم بمحافظة صامطة    الوسطاء يبيعون الوهم    في العلاقة الإشكالية بين الفكرين السياسي والفلسفي    كتب في العادات والانطواء والفلسفة    حصر 1356 مبنى آيل للسقوط خلال 2025م    التحالف الإسلامي يختتم في عمّان ورشة عمل إعلامية لمحاربة الإرهاب    تخريج (3948) رجل أمن من مدن التدريب بمنطقتي الرياض ومكة    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    قفز الحواجز    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    الهجوم على الدوحة.. عدوان على مساعي السلام    المملكة توزّع (797) سلة غذائية في أفغانستان    إحباط تهريب (53.7) كجم "حشيش" في جازان    الفاشر: مدينةُ تحوّلت إلى محكٍّ للمعركة والإنسانية    الراية الخضراء    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    القيادة والاستثمار الثقافي    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    حراسة المعنى    العالم يترقب «دوري أبطال أوروبا» البطولة الأغلى والأقوى في العالم    د. بدر رجب: أنا اتحادي.. وأدعو جميل وبهجا لمنزلي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    غداً .. انطلاق الدوريات الممتازة للفئات السنية    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    بلباو يوضح مستجدات التعاقد مع لابورت من النصر    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تطلق منصة التوازن العقاري لاستقبال طلبات المواطنين لشراء الأراضي السكنية    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    نائب أمير منطقة تبوك يدشّن مشروع السكتة الدماغية الشامل بالمنطقة    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    الأخضر بطلاً لكأس الخليج تحت 20 عاماً    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولة لتشريح تغريدة غريبة
نشر في الجزيرة يوم 16 - 05 - 2016

اعتبر الشريف حاتم بن عارف العوني من أصحاب التأهيل العالي في فهم المقاصد الاجتماعية في الدين، فهو دكتور يدرس الكتاب والسنة بجامعة أم القرى وعضو سابق في مجلس الشورى ووجه محبوب في الحوارات الفضائية. تغريدة منه جعلتني أتعجب من احتمال التقصير المتعمّد (وليس القصور) في فهم أسباب اختلاف الطبائع بين البداوة والحضارة. تقول تغريدة الدكتور العوني:
الإسلام مدني بطبعه يكون فهمه وتطبيقه أصح وأجمل مع التمدن والحضارة، ويكون أجف وأغلظ مع التصحر والبداوة.
(تعليق مؤقت: إلى هنا والتغريدة مفهومة وصادقة).
ثم يقول: فلقد نشأ في حواضر العرب مكة والمدينة فكان أروع دين مع أصح فهم مع أحسن تطبيق، فلما تلقفه البدو كحرقوص بن زهير التميمي نشأ الخوارج. مع أن لغته كانت حجة لكن النفسية المتعجرفة والمتوحدة والمستذئبة في التوحش تمنعه من الفهم الصحيح والتطبيق الحسن. ومن رحمة الله أن عامة تراثنا نشأ في أحضان التفقه المتحضر، في الحرمين ودمشق وبغداد والقاهرة والأندلس وتونس وفاس، ولم ينشأ في البداوة إلا نادراً. (انتهت التغريدة).
أعتقد أن الدكتور العوني المتخصص في علوم الكتاب والسنة إنما عبر عن حالة إحباط عابرة، أو أنه لم يجتهد بما فيه الكفاية لفهم المعاني العميقة من تلك الآيات القرآنية الكريمة المتعلقة بالبداوة وطبائعها، ولاستحضار أحداث التاريخ الإسلامي وعلوم العمران والاجتماع.
أولاً: جميع الآيات الكريمة المعنية بالبداوة والإسلام لا تحمل معنى الانتقاص ونفض اليد وإباحة المعايرة بالبداوة عن بُعد، بل هي توجيه إلهي وحثّ شرعي للمكلفين المسلمين على تحضير البدو والاهتمام بهم والأخذ بأيديهم نحو الاستقرار المعيشي والاكتفاء، ليحسن إسلامهم وتتهذب نفوسهم. هنا ينبثق السؤال الجارح: هل أدى المسلمون أهل الحواضر هذه المهمة التكليفية، أم أنهم تخلوا عن بدو الصحراء وانصرفوا إلى الانغماس في المدنية والتحضر؟.
ثانياً: كان تجار وأعيان مكة القرشيون مثل يهود المدينة من أشد الناس عداوة للإسلام، وهؤلاء كانوا أهل التحضر آنذاك واستمرت عداوتهم حتى انكسرت شوكتهم. في نفس الوقت كانت قبائل الأوس والخزرج ومن جاورها من بدو المدينة أول من نصر الإسلام. البداوة سبقت التحضر في الإسلام وجاهدت في سبيله قبل الحضر.
ثالثاً: ليس كل بدوي بطبعه يشبه حرقوص التميمي، وأما الخوارج فكانوا من حضر البصرة والكوفة، ومن استباح المدينة المنورة وضرب الكعبة الشريفة بالمنجنيق كانوا حضر الشام وليسوا بدو الصحاري. البدو لم يتلقفوا (وهذه مفردة سيئة وردت في التغريدة) الإسلام وإنما اعتنقوه، أما الفهم الصحيح والتطبيق الحسن فلم تسجل كتب التاريخ أن ذلك كان باستمرار من مآثر الحضر والتاريخ خير شاهد. وأخيراً هل فتن وحروب التشيع والتسنن بدوية صحراوية أم حضرية من إنتاج العراق والشام وفارس؟.
يحضرني هنا نقاش قديم في مجلس الشيخ حمد الجاسر بعد محاضرة لتكريم ذكرى رجل شهم ومثقف طليعي من وجهاء القطيف هو المرحوم علي أبو السعود. أُثير في النقاش الكثير من التظلم من غارات البدو على واحات القطيف عبر التاريخ. طرحت شخصياً على الحضور هذا السؤال: هل البدو يغزون الحواضر في أزمنة الخصب والسنوات المطيرة، أم في سنوات القحط والجدب فقط، بينما يتبادلون معهم البضائع في المواسم الخصبة؟. البداوة عنصر تكاملي تبادلي مع البؤر الحضارية في الصحراء ما دامت الأرض معشبة والمياه متوفرة لمواشيهم. في مثل هذه المواسم يكون البدوي أكثر كرماً من الحضري، ولكن عندما ينقطع المطر ويحل القحط المميت، ما هو المبرر للحضري ليتوقع من البدوي الهلاك جوعاً مع أطفاله ومواشيه، بينما الحضر خلف جدران الواحات في حالة اكتفاء؟.
واضح أن أسباب الاختلاف هي حتمية الصراع من أجل البقاء، وكل طرف يصارع بما يجيده واعتاد عليه. استمرار المثقف الواعي في التمسك بمفاهيم طبقية فرزية لم يعد مبرراً، وعليه أن يفكر في مبدأ التحفيز المتوجب بالنص الشرعي على الحضر للقيام بواجبهم لتحضير البدو، فيريحون ويرتاحون ويكسبون الأجر والثواب.
وآخر الكلام: ما من عربي حضري إلا وله أسلاف من البدو سواء في أقاصي المغرب أو على سواحل الحجاز والخليج. تأمل أخيراً في معاني هذا البيت:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.